31/10/2010 - 11:02

والغرب غرب...!/ عبد السلام بنعبد العالي*

والغرب غرب...!/ عبد السلام بنعبد العالي*
لا يبدو مقنعا اللجوء إلى التفسيرات النفسية في مجال السياسة، وعلى رغم ذلك فقد يعجز المرء عن تفسير السرعة التي يهبّ بها معظم القادة الغربيين إلى نجدة بلدان الجنوب بمجرد أن «تضع الحرب أوزارها»، والسخاء المفرط الذي يطبع تصرفهم.

هذا على أية حال ما لاحظناه في ما يخصنا نحن العرب. فبمجرد أن «انتهى» العدوان على لبنان، أو على غزة، حتى هرول قادة الغرب إلى نجدة ضحايا العدوان ليبدوا كامل استعدادهم لتقديم المعونة، ويعرضوا مساعداتهم لإعادة اعمار ما تهدم وتحطم.

قد يرى البعض أن ذلك ينم عن شعور بالحرج يستشعره هؤلاء أمام موقفهم السلبي، وأن في ذلك تعويضا عما كان ينبغي القيام به أثناء الحرب، حيث كان الأجدى ليس إعادة البناء، بل الوقوف ضد الهدم، لا هدم المباني، وإنما هدم البيوت والمؤسسات، محو الذكريات والمعالم، وقطع الروابط التي تشد الإنسان إلى موطنه وتنسج علائقه مع حيه وجيرانه، مع المدارس التي تربى في حضنها، والمعابد التي كان يتردد عليها، والملاعب التي كان يرتادها.

لا يمكن أن نقول إن هؤلاء القادة لا يدركون كل هذا، و انهم لا يعرفون أن إعادة الاعمار ليست هي استرجاع العمران، وان الموطن ليس ترابا وأحجارا، وإنما هو «الرحم» الذي نحيا في حضنه. إلا أنهم يدركون أن الأمور إذا ظلت على ما هي عليه فإنها تبقى شهادة على تقصير، بل مساً بـ»حضارة» الغرب.

لن نتمكن إذاً من تفسير استعجال «إعادة البناء» إلا إذا فهمناه كنوع من محو العار، وإلغاء ما من شأنه أن يذكر بالصمت وغض الطرف الذي لا شك أن تحمّله كان مضنيا لأولئك القادة عسيرا عليهم في وقت لم تعد فيه وسائل الإعلام ترحم من يريد أن يبدو كمن لا يسمع ولا يرى.
"الحياة"

التعليقات