02/01/2011 - 10:23

نحن متشابهون ومختلفون../ مصطفى إبراهيم

-

نحن متشابهون ومختلفون../ مصطفى إبراهيم
كل عام وانتم بألف خير، أجمل الأيام لم تأت بعد.
يطل علينا العام الجديد ولم يتغير في حياتنا شيء، فنحن متشابهون في كل شيء، ومختلفون على أي شيء، تدخل أي بيت فلسطيني في قطاع غزة وربما في الضفة الغربية أو في فلسطين الداخل، تجد أننا نحمل خصائص واحدة، ومتشابهون في أشياء كثيرة.

وفي غزة نحن متشابهون أكثر ومختلفون أكثر، تجدنا منهكين ومتعبين وقلقين معظم الوقت، نعيش حياتنا اليومية بشكل يومي ولا نعرف ما يخبئه اليوم التالي، وندير حياتنا على طريقة حل الأزمة، تجدنا نرتب قنوات التلفزيون بشكل موحد، القنوات الإخبارية تكون في البداية، حتى أولئك المختلفون مع قناة الجزيرة تجدها ضمن القنوات المفضلة لديهم.

متشابهون في بيوتنا، في طريقة بنائها وطريقة ترتيبها وتربية أبنائنا وبناتنا، وان اختلفنا في بعض التفاصيل، وفي طريقة تعاملنا مع زوجاتنا أو بالعكس، نكذب عليهن ويكذبنا علينا، ويحاول بعضهن التمرد على الواقع الاجتماعي اللواتي يعشن فيه، إلا أنهن يفشلن في التمرد في معظم الأحيان.

تراودنا هواجس واحدة، في داخلنا قلق كبير من عدوان جديد على قطاع غزة، وآخرون منا يعتقدون أن العدوان سيخلصهم من الانقسام والاختلاف، بعض منا يتعاطى الحبوب المهدئة للهروب، تراودهم رغبة جامحة بالتخلص من إحباطهم و خيباتهم، ومن ما يجري بأي وسيلة حتى لو كان الاحتلال.

بعضنا يشعر بالغربة في وطنه، وينتظر الخلاص، وينتظر يوم الثأر والانتقام. متشابهون في أننا مسلمون، ومختلفون في تطبيق أحكام الدين، غالبية كبيرة منا أصبحوا لا يحلمون بغد أفضل، تمر الأيام والسنون ولم يتغير شيء، الانقسام والاختلاف على حاله، كثير منا يرى في الآخر عدواً له وليس شقيقا أو ابن وطنه.
 
التسامح وقبول الآخر بعيد المنال، وقيم العدالة والحق والحرية الكرامة غابت من قاموسنا، والحريات العامة والشخصية، لا أمل في تحقيقها، ورسائل الحب والغرام التي ستنهي الانقسام وتوحدنا لا مكان لها بيننا، لا في القريب العاجل أو البعيد الغامض.

خيبتنا كبيرة ومستمرة، الاحتلال مستمر والاستيطان، وتهويد القدس والضفة، والعدوان مستمر، والحصار، وفي ظل الاحتلال يزيفون أحلامنا ببناء مؤسسات الدولة، ومع ذلك نحلم بقضاء نزيه وعادل تحترم قراراته، وشرطة تحترم المواطن وتصون كرامته وحقوقه.

نحلم بوطن مستقل، ودولة حرة، لها مؤسساتها المستقلة تحقق رغبات وطلبات المواطن، والفئات المهمشة والفقراء، وتوفر المسكن والملبس والعمل، والرعاية الصحية المناسبة، وتقضي على البطالة، ونحلم بأحزاب لا تكذب علينا وتبيعنا هموم وأوهام، تعمل من أجل الوطن وليس من أجلها، تواجه السلطة وتتحالف مع المواطن وليس ضده، تعمل على تحقيق العدالة، وتكون معارضة حقيقية.

متشابهون في الدفاع عن رؤيتنا الحزبية وأجندتنا السياسية، ومختلفون على المقاومة وعلى وسائلها، مختلفون على المفاوضات وطريقة إدارتها، ومتشابهون في عبثيتها.
 متشابهون في أجنداتنا الإقليمية والدولية، ومختلفون على القرار الفلسطيني المستقل، وطريقة الدفاع عن هويتنا الوطنية في المحافل الدولية.
 متشابهون في بناء نقاباتنا واتحاداتنا ومؤسساتنا الأهلية والخاصة والحزبية، ومختلفون على توحيدها وإعادة بنائها.

متشابهون في قمع الحريات العامة والخاصة، وانتهاكات حقوق الإنسان، والاعتقالات السياسية، والتعذيب، والتعامل بردات الأفعال، متشابهون في إحكام السيطرة كل على منطقة حكمه، ومختلفون على كيفية تطبيق القانون و سيادته، نرى في ما نفعله هو الحقيقة المطلقة، كل منا يدافع عن مفاهيمه الخاصة المختلفة عن مفاهيم الآخر.

سنظل متشابهين في ترسيخ الظلم والقهر، والانحدار، وكأنه قدرا لنا، سنظل متشابهين في الخوف والقلق من المستقبل، وتعزيز رقيبنا الداخلي، ومحاسبة أنفسناً خوفاً منا، وسنظل متشابهين في الخوف من التمرد على ذواتنا، وعلى من يمارسون الظلم والقهر علينا، و لن نقول لهم كفى.

التعليقات