23/03/2011 - 20:53

احتفالية بزوغ الذات../إياد رابي

لا يسعنا التقليل من شأن هذا التدفق الهائل لينابيع الحس الجماعي في أذهاننا حين نتسمر حول جزيرتنا، ننهل أخبار عروبتنا، على تفرعاتها وتجلياتها، ونستشرف بل نستعجل الحدث الجلل، ونعد بساطنا للنشوة المنسابة مع خطى المجد القادم لتوه على تخومنا، حيث حملة الراية "منا" والثوار "منا" و"لأجلنا"، نحن العرب

احتفالية بزوغ الذات../إياد رابي
الأمة العربية تستنهض ذاتها وتستحضر عبقها... لا أعني فقط من انتفض وثار فعلا ضد طاغية هنا أو مستبد هناك، بل أعني كلنا، نحن العرب، حين شاهدنا كيف تجترح قلوبنا، في الوقت ذاته، وعلى قرع الطبول ذاتها، معلقات موشاة بالحب والتماهي الوجداني والانتماء للعروبة، وترمي لأنياب نهايات ذلك الزمن الرديء كل علامات السؤال المسمومة حول الأمة العربية واستحقاقها لمكانتها الطبيعية المرموقة بين الأمم.
 
التفاصيل مهمة، ولكنها ليست الأهم، ففي المعارك الكبرى، حين يتبدد الغبار ويذهب الزبد جفاء،  لا نتذكر السحب العابرة وسفاسف الأمور، وحينها، كما بشرنا أبو الطيب، يكون قد ولى زمان الصغار وما استعظموه من صغائر، وخلت الأذهان  للعظماء وما استصغروه من عظائم. حين  ننسى ما نتن من جيف الطغاه ولغوهم، ونحني هاماتنا لبلاغة الشهداء والجرحى المكللين بغار عدالة القضية التي بذلوا أرواحهم من أجلها، حيث لا يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس... والنفع كله في بقاء قضيتنا واحده في وعينا، وتذويتنا للخيط المتين الواصل بين وحدة حالنا وبين استجابة العدل ومكوث العزة في ديارنا.
 
لا يمكن اختزال الثورة التونسية أو المصرية أو الليبية او اليمنية او البحرينية أو أل....... بمنسوب الحرية التي حققته، أو ستفعل، للشعوب الثائرة ذات الصلة "المباشرة"، بل حري بنا الإصغاء والنظر مليا لما أشعلته من جمرات وجدانية كامنة، لا مستكينة، في قلوبنا جميعا كأمة عربية، تتوق لهذا الزخم من الـ"نحن"، سواء في ضراء عابرة أو في سراء باقية، ما بقي الوهج في عيون الثائر من تاريخنا المتمرد على مسوخ ذاته، ورفضه لموت مجازي تكسوه حياة  داجنة.
 
لا يسعنا التقليل من شأن هذا التدفق الهائل لينابيع الحس الجماعي في أذهاننا حين نتسمر حول جزيرتنا، ننهل أخبار عروبتنا، على تفرعاتها وتجلياتها، ونستشرف بل نستعجل  الحدث الجلل، ونعد بساطنا للنشوة  المنسابة مع خطى المجد القادم لتوه على تخومنا، حيث حملة الراية "منا" والثوار "منا" و"لأجلنا"، نحن العرب .. هكذا نشعر كلنا كعرب، مهما تنوعت مسارح الحدث.. إنها مدينتنا المتخيلة، إنه وطننا العربي الكبير في أبهى تجلياته وأرق عنفوانه... والشأن شأننا.
ما أحلى الـ"نحن" والـ"نا" في زمن ثورات العرب.   

التعليقات