التونسيون بين مؤيد ومعارض للمساواة بالميراث

تفاوتت ردود الأفعال في الشارع التونسي على القرار الرئاسي بدعم مشروع القانون الذي يضمن الحق بالمساواة في الميراث بين الرجل والامرأة الذي قُدم يوم أمس الإثنين، فقد أدى هذا الإعلان إلى إثارة جدل كبير  وخلافات في البلاد...

التونسيون بين مؤيد ومعارض للمساواة بالميراث

(أ ب)

تفاوتت ردود الأفعال في الشارع التونسي على القرار الرئاسي بدعم مشروع القانون الذي يضمن الحق بالمساواة في الميراث بين الرجل والامرأة الذي قُدم يوم أمس الإثنين، فقد أدى هذا الإعلان إلى إثارة جدل كبير  وخلافات في البلاد بعضها كانت داخل الأحزاب.

ووضعت "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي أسسها الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، سلسلة اقتراحات لتعديلات جذرية في المجتمع التونسي، منها المساواة في الميراث بين الجنسين.

واعتبرت رئيسة الهيئة الحكومية التي اقترحت مشروع القانون، الحقوقية بشرى بلحاج حميدة، أنه في حال المصادقة النهائية عليه، سيعطي "الأمل لكل النساء في العالم العربي".  

واستمدت تونس القانون المطبق حاليا من الشريعة الإسلامية، التي تنص على أن الرجل يرث ضعف ميراث الامرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.

إلا أن السبسي أوضح أن مشروع القانون الجديد سيترك المجال مفتوحا أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه. وقال في هذا الإطار "بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورّث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك أيضا".

 

الترحيب بمشروع القانون

واحتشد نحو ألفي شخص فور إعلان السبسي عن دعمه للقانون، في وسط العاصمة تونس، غالبيتهم من النساء، جميعهم أتى للتعبير عن فرحته ودعمه لهذه الخطوة، بحسب ما أعلنته الشرطة.

وأطلق المتحشدون هتافات تدعو إلى المساواة بين الجنسين، ورفعت عدد من المتظاهرات الأعلام التونسية وأخريات التحفن بها.

وسارعت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى فراوس، إلى الترحيب بقرار رئيس الجمهورية  إحالة مشروع القانون إلى البرلمان، معتبرة إياه "تقدما كبيرا وغير مسبوق".

وقالت العضو في الجمعية التونسية، حليمة جوني، أن "الأدوار تغيرت اليوم وباتت المرأة مسؤولة عن والديها وعن عائلتها، والرجل لم يعد وحده المسؤول أو رأس العائلة، ولا بد للقانون أن يتعدل بناء على هذا التغير".

مواقف متباينة داخل الأحزاب 

وتزامن الإعلان عن مشروع القانون هذا مع مشاكل داخلية تضرب الحزب الحاكم "نداء تونس" الذي أسسه السبسي عام 2012، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام القادم.

ويسعى حزب نداء تونس إلى تعزيز وضعه بمواجهة حزب النهضة الإسلامي الذي يملك حاليا أكبر عدد من النواب في البرلمان.

وانقسم نواب حزب نداء تونس إزاء مشروع القانون، وأكد الحزب في بيان الأحد الماضي، أن "تحقيق المساواة الكاملة يبقى هدفا نبيلا والشروط لتحقيقه اليوم مجتمعة". واعتبر الذين دعموا إعطاء الذكر ضعف حصة الأنثى من الميراث، أن مسؤولية تأمين ججات المنزل والأسرة تقع على الرجل.

ودعا رئيس البلاد نواب حزب النهضة إلى التصويت على مشروع القانون الذي يفترض أن يعرض على النواب لمناقشته بعد العطلة البرلمانية الصيفية. وأعرب عن الأمل بأن ينظر حزب النهضة "كعنصر بارز في مجلس الشعب (...) بعناية التفتح" في مشروع القانون "لأنه مشروع مستقبل تونس".

فيما لم يتخذ النهضة موقفا واضاحا من مشروع القانون حتى الآن واكتفى بالتعبير  عن "إحترازات" حياله. 

وقال القيادي في حزب النهضة، علي العريض أمس الإثنين، إن "النضال والعمل من أجل حقوق المرأة ودعم موقعها وتطويرها (...) المستمر المرير والطويل، ليس ضد الرجل بل معه وبشراكة معه، ليس ضد الأسرة بل بها ومعها، ليس ضد الدين والهوية بل من داخله ومن مقاصده وقيمه السمحة".

مستقبل غير واضح 

وصُنفت مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث كأحد أكثر الإجراءات إثارة للجدل بين سلسلة الإصلاحات الاجتماعية التي قدمتها "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي شُكلت العام الماضي لترجمة مبدأ المساواة بين التونسيين الوارد في دستور العام 2014 في القوانين.

ومن الصعب التكهن في الوقت الحالي، باحتمالات التصديق على مشروع القانون هذا خلال فترة قصيرة. ذلك أن نوابا قلائل أعربوا علنا عن مواقفهم من هذه المسألة الحساسة التي تتسبب بانقسامات حتى داخل الحزب الواحد.

وجرت السبت الماضي، تظاهرة ضد عمل اللجنة، جمعت آلاف الأشخاص أمام البرلمان التونسي وحمل بعضهم المصاحف وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا إسلام".

في المقابل، دعت جمعيات عدة إلى تظاهرة أخرى دعما للمساواة في الإرث مساء الاثنين في العاصمة. وشدد الرئيس التونسي على أن تونس هي "دولة مدنية" بموجب الدستور.

 

التعليقات