"هآرتس": محكمة لاهاي تدين بناء السور العنصري

المحكمة ستطالب في رأيها الاستشاري، بوقف بناء الجدار وهدم ما تم بناؤه* "الجدار يناقض معاهدة جنيف الرابعة ويخرق معاهدات حقوق الانسان"* فلسطين تطالب الامم المتحدة بتبني الرأي الاستشاري

من المنتظر أن تعلن محكمة العدل الدولية، في لاهاي، بعد ظهر اليوم (الجمعة)، رأيها الاستشاري في قضية جدار الفصل العنصري الذي تقيمه اسرائيل على الاراضي الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية، فيما تشير انباء رشحت من لاهاي ان قرار المحكمة يعتبر بناء الجدار يخرق القانون الدولي ويطالب اسرائيل بوقف بناء ما تبقى منه وهدم المقاطع التي اقيمت حتى الآن. كما يطالب قرار المحكمة بالغاء كل القوانين وانظمة التفعيل التي سنتها اسرائيل بخصوص الجدار واعادة املاك الفلسطينيين التي استولت عليها اسرائيل ودفع تعويضات للفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك.

وقالت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في عددها الصادر اليوم (الجمعة) انها تلقت نسخة من الرأي الاستشاري الذي ستعلنه المحكمة اليوم، والذي تم اتخاذه بغالبية 14 صوتا وبمعارضة قاض واحد، هو القاضي الاميركي توماس بورغنتال، فيما تحفظ القاضي الهولندي من القرار الذي يدعو كل دول العالم الى العمل ضد الجدار الاسرائيلي والامتناع عن تقديم العون لها في اقامته.

وحسب الصحيفة، حددت المحكمة الدولية انها تملك صلاحية التداول في مسألة الجدار العنصري، خلافا لادعاءات اسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول التي دعمت الموقف الاسرائيلي الزاعم ان المحكمة لا تملك صلاحية النظر في الملف. كما اعتبرت المحكمة أن تفعيل صلاحيتها في هذه الحالة مبرر. وكرست المحكمة في قرارها، حيزا كبيرا للوضع القانوني للاراضي الفلسطينية المحتلة. ولا يتطرق قرار المحكمة العليا الى مقاطع الجدار المقامة داخل الخط الاخضر.

واجمع غالبية قضاة المحكمة الدولية على ان اسرائيل خرقت القانون الانساني الدولي وانتهكت حقوق الانسان الفلسطيني ومست بحقه في العمل والتعليم ونيل الخدمات الصحية، وخرقت الكثير من المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها والتزمت بتنفيذها.

واكدت محكمة العدل الدولية ان "على اسرائيل تنفيذ التزاماتها باحترام حق الفلسطينيين بتقرير المصير، وباحترام القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان ومنح الفلسطينيين حرية الوصول الى الاماكن المقدسة". وبهذه الفقرة تشير المحكمة الدولية الى الجدار الذي تقيمه اسرائيل حول القدس الشرقية ومنع الفلسطينيين من اداء طقوس العبادة في القدس. "

وقال قضاة المحكمة الدولية انهم اقتنعوا بأن الجدار قد يفرض الحقائق على الأرض، ويستبق ترسيم الحدود المستقبلية بين اسرائيل والدولة الفلسطينية. واقتبس القضاة اشارة الامين العام للامم المتحدة، كوفي عنان، في تقريره الى قيام اسرائيل بضم المستوطنات اليها، بواسطة هذا الجدار، واعتبرت المستوطنات غير شرعية ومناقضة لاتفاقية جنيف الرابعة.

ورفض قضاة المحكمة الدولية ادعاء إسرائيل بأن اقامة الجدار كانت حتمية لحاجات أمنية. وحددت أنه "لا يمكن تبرير خرق حقوق الانسان الفلسطيني بادعاء الحاجة العسكرية والامن القومي او الحفاظ على النظام". وأضاف القضاة "ان اقامة السور يتناقض مع التزامات اسرائيل بالقانون الدولي".

كما رفض القضاة ادعاء اسرائيل بان اقامة الجدار يشكل دفاعا ذاتيا. وقالوا ان المادة 51 من معاهدة الامم المتحدة لا تسري على هذه الحالة.

وتعتبر المحكمة الدولية ان اسرائيل "تعاني من العنف ضد مواطنيها" وتحدد "حقها بالدفاع عن حياتهم، ولكن حسب ما ينص عليه القانون الدولي فقط".

ويدعو القضاة الهيئة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي الى فحص السبل التي يتحتم عليهم انتهاجها في سبيل "انهاء الوضع غير القانوني الناجم عن اقامة السور والنظم المرافقة له، واخذ الراي الاستشاري للمحكمة بالاعتبار".
وستنشر المحكمة الدولية قرارها الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، تحت عنوان "الابعاد القانونية لاقامة السور على اراضي فلسطين المحتلة".

ويأتي هذا الرأي بناء على طلب الهيئة العامة للامم المتحدة، التي قررت في ديسمبر 2003 التوجه الى المحكمة الدولية وطلب رأيها الاستشاري.

واستعدت اسرائيل وفلسطين مسبقا للمعركة الاعلامية والدبلوماسية التي ستلي اعلان الرأي الاستشاري. وقال ممثل فلسطين لدى الامم المتحدة، ناصر القدوة، ان فلسطين والمجموعة العربية ستقدم، الاسبوع المقبل، اقتراحا بعقد جلسة طارئة للهيئة العامة للامم المتحدة ومناقشة مشروع قرار يدعو الى تبني الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية ومطالبة اسرائيل بتنفيذه.

في المقابل سعت اسرائيل لدى واشنطن الى اقناعها بتجنيد الدول الاعضاء في مجلس الامن لرفض تبني الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية بزعم انه ليس ملزما. واحتلت هذه المسألة حيزا كبيرا من المحادثات التي اجراها وزير الخارجية سيلفان شالوم في واشنطن، نهاية الاسبوع الماضي ومطلع الاسبوع الجاري.

وتزعم وزارة الخارجية الاسرائيلية ان الجدار كان حيويا للامن وانه "انقذ حياة الاسرائيليين". وقامت وزارة الخارجية الاسرائيلية، وكما فعلت اثناء استماع المحكمة الدولية الى وجهات نظر الدول المختلفة بخصوص الجدار، بتجنيد مجموعات كبيرة من الاسرائيليين وارسالها الى هاج للتظاهر امام المحكمة اثناء اعلان القرار، بعد ظهر اليوم.

كما تنظم اسرائيل، في الوقت ذاته تظاهرة لعائلات قتلى العمليات، الى جانب احد مقاطع الجدار في القدس، لتبرير ادعاءاتها بأن الجدار اقيم "لصد" ما تسميه "الارهاب".

في المقابل قالت مصادر فلسطينية في الضفة الغربية ان نشاطات احتجاجية ستنظم اليوم، ضد الجدار، تزامنا مع موعد اعلان الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية. وقالت مصادر فلسطينية في خيمة الاعتصام التي بادر اليها النائب عزمي بشارة (التجمع) ضد الجدار، ان فعاليات ونشاطات مكثفة ستقام في الخيمة، اليوم.

التعليقات