غولن وإردوغان: كيف تحول التحالف إلى عداء؟

رفيق درب إردوغان وصديقه في السنوات الأولى بعد عزل رئيس الحكومة الإسلامي، نجم الدين أربكان، بعد عام 1997، حيث عمل معه على تأسيس حزب يحل محل الحزب المنحل، وعدوه اللدود بعد ذلك بـ15 عاما، إنه محمد فتح الله غولن، الاسم الأكثر ترددا في تركيا.

غولن وإردوغان: كيف تحول التحالف إلى عداء؟

غولن (يمينًا) وإردوغان (يسارًا)

رفيق درب إردوغان وصديقه في السنوات الأولى بعد عزل رئيس الحكومة الإسلامي، نجم الدين أربكان، بعد عام 1997، حيث عمل معه على تأسيس حزب يحل محل الحزب المنحل، وعدوّه اللدود بعد ذلك بـ15 عامًا.

 إنه محمد فتح الله غولن، الاسم الأكثر تردّدًا في تركيا بُعَيْدَ شيوع أنباء الانقلاب العسكريّ الفاشل ورئيس ما تسميه الحكومة التركية 'التنظيم الموازي'.

بدأ الخلاف يظهر إلى العلن بين الحليفين اللدودين في العام 2013، إلّا أن الخلاف يعود إلى بعيد أكثر، إلى العام 2004، حين أصدر مجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان قرارًا لمجابهة جماعة غولن والحد من أنشطتها، وهو ما لم ينفهِ إردوغان، بل زاد عليه 'نعم، كان ذلك، لكن أثناء الوصاية العسكريّة، وأنا كنت سدًا منيعًا كي لا ينفّذ القرار' وفق ما نقلته عنه صحيفة مقرّبة من حزبه في العام 2013.

تحوّلت جماعة غولن (خدمة) من العمل الدعوي إلى العمل السياسي مع بزوغ نجم العدالة والتنميّة، في مصلحة بدت مشتركة للطرفين، استغلال العدالة والتنميّة للاعتدال الديني الذي يمثّله غولن وقبوله في الغرب والشعبية الجارفة في الأوساط الشعبيّة التركيّة، خاصة من الصوفيين والدراويش؛ في مقابل مصلحة غولن في حصوله على الكثير من الامتيازات، من نوّاب ووزراء وحريّة عمل، هذا الاتفاق غير المبرم بين البلدين، جعل إردوغان يثق في غولن وجماعته، حيث عمل على ترقية مريدي غولن في مؤسسات الدولة، وخاصّة المخابرات، في محاولة لتفادي 'زرع' أعضاء العدالة والتنمية في كل مكان، في مرحلة وصفت بأنها 'تقيّة' إردوغانيّة منعًا لغضب العسكر المعتادِ على الانقلابات.

وفي حين يرى بعض المراقبين أن حزب العدالة والتنمية يتقصد مواجهة الجماعة وإضعافها إثر شعوره بأنه لم يعد محتاجا لأصواتها ولا مضطرا للخضوع لضغوطها بعد 11عاما من الحكم، يرى آخرون أن ملف خلافة إردوغان في رئاسة الحزب والحكومة وتنافس تيار الجماعة مع تيار الفكر الوطني (ميللي جوروش) -الذي أنشأه رئيس الوزراء الراحل أربكان داخل العدالة والتنمية- هو الذي فجّر الخلافات المختفية تحت السطح.

في حين ترى مجموعة ثالثة أن الجماعة هي التي استعجلت هذه المواجهة من خلال مواقفها التي أغضبت إردوغان والحزب في عدة ملفات، اعتبر بعضها بمثابة تحضير لانقلاب على الحكومة ورئيسها، فما هي هذه الملفات التي أدت إلى الخلاف ونتج منها نهاية شهر العسل بين الحليفين؟

الملف الأكبر والأهم هو المخابرات العامّة، ففي مقابل 'تطويع' الجيش التركي حين كشف إردوغان الضباط الذين حاولوا الانقلاب ضدّه، توقّع غولن أن يتم منحه قيادة المخابرات، أي تقاسم للجهات السياديّة في الدولة، إلا أن رئيس جهاز المخابرات الجديد، المقرّب من إردوغان، حاقان فيدان، خيّب آمال غولن، عن طريق تنحية عدد من مريديه.

فما كان ردّ غولن؟

في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ التركي، استدعى المدّعي العام التركي رئيس المخابرات، فيدان، إيّاه، في شباط/فبراير للتحقيق بشبهات التخابر مع حزب العمال الكردستاني، ما أثار عاصفة سياسيّة غير مسبوقة في البلاد، خصوصًا وأن إردوغان كان في رحلة علاجيّة خارجَ البلاد، لاحقًا، تبيّن أن القضيّة التي تحقّق فيها المخابرات هي مفاوضات السلام بين حزب العمال الكردستاني، المصنّف إرهابيًا في تركيا، والحكومة، التي قادت لهدنة شاملة على الجبهة الكرديّة لأول مرّة منذ عقود، لكن إردوغان لم يكتفِ بالدفاع عن فيدان، إنما سعى للكشف عمّن سرّب الخبر للمدّعي العام وتبيّن، كما توقّع إردوغان، أنه غولن.

هذه الحملة تزامنت مع حملات تحريضية ضد فيدان من بعض الصحف الغربية واتهام الموساد له بالتعاون والتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، ما أثار، ولا يزال، علامات استفهام حول أهداف وتوقيت هذه القضية التي أطلق عليها اسم 'عملية أوسلو'.

قاد هذا الغضب الإردوغانيّ إلى تغييرات واسعة في جهاز المخابرات التركيّة، شملت جميع مريدي غولن، الذين وجدوا أنفسهم، بين ليلة وضحاها خارجَ مفاصل السيطرة على الحكم.

تلا هذه العمليّة والاحتجاجات العنيفة الواسعة في ميدان تقسيم بإسطنبول، إلى حظر للجماعة أولًا، وإلى إعلانها 'إرهابيّة' بعد ذلك، حين صودرت أموالها وأغلقت الأماكن التابعة لها وحظرت نشاطاتها، واتهمها إردوغان، غير مرّة، بأنها تسعى لتنفيذ انقلاب عسكري ضدّه.

أب الإسلام الاجتماعي

يعتبر كولن في تركيا أب الإسلام الاجتماعي بينما يعتبر أربكان مؤسس الإسلام السياسي. وأسس كولن'حركة كولن' وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا وخارجها بما فيها المغرب، كما تملك شبكة وسائل إعلامية منتشرة وشركات خاصة وأعمال تجارية ومؤسسات خيرية.

ويطال نشاط الحركة تأسيس مراكز ثقافية خاصة بها في عدد كبير من دول العالم، وإقامة مؤتمرات سنوية في بريطانيا والاتحاد الأوروبي وأميركا، بالتعاون مع كبريات الجامعات العالمية من اجل دراسة الحركة وتأثيرها وجذورها الثقافية والاجتماعية.

منفى أميركي

غادر جولن تركيا متجها إلى الولايات المتحدة يوم 18 حزيران/ يونيو من العام 1999 بالتزامن مع تصريحات نقدية لمؤسسات الدولة التركية، ليفتح  المدعي العام تحقيقا في تصريحاته.

بعد ذلك تفجرت قضية تسريبات مصورة عبر  يوتيوب وظهر فيها كولن يقول لعدد من أنصاره أنه سيتحرك ببطء من أجل تغيير طبيعة النظام التركي من نظام علماني إلى نظام إسلامي، ما أثار موجه غضب في الجيش التركي وباقي المؤسسات العلمانية في البلاد.

طموح كولن للوصول إلى السلطة وقلب نظام الحكم وتحويله إلى إسلامي عزز المخاوف بالجيش التركي من كولن ومؤسساته التعليمية، فأصدرت هيئة التعليم العالي في تركيا قرارا يقضي بعدم الاعتراف بالشهادات العلمية التي تعطيها مدارس كولن، لكن هذا القرار كان مؤقتا.


>> اقرأ/ي أيضًا في تغطية عرب 48:

> الشعب أسقط الانقلاب

> أول رد فعل إسرائيلي على الانقلاب الفاشل في تركيا

> تركيا: السيطرة على مقر هيئة الأركان وعزل 2745 قاضيًا

'نحن' ومحاولة الانقلاب في تركيا/ عزمي بشارة

> الانقلاب العسكري القادم في تركيا

احتفالات مبكرة بسقوط إردوغان

> يلدريم: 181 قتيلا واعتقال 2839 جنديًا

أسر قائد لأسطول التركي

> إيران تأمل أن 'تحترم' تركيا حكومة سورية 'المنتخبة'!

> اتحاد علماء المسلمين: الانقلاب حرام شرعًا ومن الكبائر!

> قائد الجيش التركي بالوكالة: تم إفشال محاولة الانقلاب

> تعرف إلى أبرز ضباط الجيش التركي ومصيرهم

التعليقات