اتخذت الحكومة المركزية الإسبانية عدة إجراءات فور إعلان انفصال كاتالونيا، بينها حل حكومة وبرلمان في الإقليم، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، واستبعاد كبار المسؤولين في الإدارة الداخلية الإقليمية لكاتالونيا.
فيما لا تزال ردود الأفعال الدولية الرافضة لإعلان إقليم كاتالونيا من جانب واحد، الأول من أمس، الجمعة، الانفصال عن إسبانيا، تتوالى حتى اللحظة.
تظاهرة لرافضي الإنفصال
وينظم الكاتالونيون المؤيدون للبقاء في إسبانيا، اليوم الأحد، تظاهرات في شوارع برشلونة، بينما تبدو المنطقة منقسمة جدا بعد يومين على إعلان استقلالها، الحدث غير المسبوق خلال أربعين عاما من الديمقراطية في هذا البلد.
وارفقت حركة "المجتمع المدني الكاتالوني"، التي تنظم التظاهرة، دعوتها بشعارين هما "تعايش" و"حس سليم"، لجمع الكاتالونيين في مواجهة ما يسميه معارضو الانفصال "هروب إلى الأمام" و"عدم تعقل".
وكان منظمو تظاهرة الأحد، نجحوا في حشد مئات الآلاف من الأشخاص في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر للاعتراض على الانفصال في تظاهرة كان أبرز شعار رددته "كاتالونيا هي نحن جميعا!".
وفي دليل على الانقسام العميق الذي تشهده المنطقة، تأتي هذه التظاهرة غداة تجمع لعشرات الآلاف من الكاتالونيين مساء الجمعة، للاحتفال بولادة "الجمهورية" في الحي القديم ببرشلونة.
كما تأتي بينما تسعى مدريد إلى فرض وصايتها على كاتالونيا. فقد قامت بتفعيل المادة 155 من الدستور التي تتيح وضع كاتالونيا تحت وصاية مدريد ولم يسبق أن استخدمت، بعد ساعات من إعلان برلمان كاتالونيا، الجمعة، قيام "جمهورية كاتالونيا".
وأصبحت المنطقة تحت الإدارة المباشرة لنائبة رئيس الحكومة، سورايا ساينز دو سانتاماريا. كما اتخذت السلطة المركزية الإسبانية قرارين بإقالة قائد الشرطة الكاتالونية، جوزيب لويس ترابيرو وتعيين نائبه مكانه.
وقد تسود هذه التظاهرة أجواء انتخابية لأن الاحزاب الثلاثة التي تدعو إلى بقاء كاتالونيا في إسبانيا، المواطنة (ليبرالي)، والحزب الاشتراكي الكاتالوني، والحزب الشعبي الذي يقوده ماريانو راخوي، ستشارك فيها.
وكان البرلمان الكاتالوني (135 نائبا) أقر الجمعة إعلان الإقليم "جمهورية" بغالبية 70 صوتا مع غياب القسم الأكبر من نواب المعارضة.
وبدأت فكرة الاستقلال تلقى رواجا وشعبية في كاتالونيا بعد استصدار راخوي في 2010 من المحكمة الدستورية قرارا بتقليص الحكم الذاتي لكاتالونيا.
مؤسسات الاتحاد الأوروبي
على مستوى الاتحاد الأوروبي، أعلن رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاغاني، في بيان، الجمعة، أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (28 دولة) لن تعترف باستقلال كاتالونيا.
فيما قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في تصريحات للصحفيين، أمس، إنه "من المهم لأوروبا أن تتفادى المزيد من التصدعات داخل التكتل الأوروبي".
وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي يرغب في تفادي الانقسامات، لأن لديه ما يكفي من الانقسامات والتصدعات ولا يحتاج إلى المزيد".
كما أعرب رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، عن رفضه لإعلان الانفصال، قائلا إن ذلك الإعلان لن يغير شيئا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وإن الاتحاد سيتعامل فقط مع الحكومة المركزية الإسبانية.
وقال توسك في حسابه عبر "تويتر": "بالنسبة للاتحاد الأوروبي، لم يتغير شيء، ما تزال إسبانيا الجهة الوحيدة التي نتحاور معها".
كما قال الأمين العام للمجلس الأوروبي، ثوربيورن ياغلاند، الجمعة، في تصريحات له، إن "إعلان برلمان إقليم كاتالونيا الانفصال عن إسبانيا يحمل معنى معارضة النظام الدستوري".
الدول الأوروبية
بالإضافة للموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي، أعربت دولا أوروبية كبرى عن رفضها للانفصال.
ففي روما، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي، أنجيلينو ألفانو، في بيان، السبت، إن "إيطاليا لا تعترف ولن تعترف بالإعلان الانفرادي للاستقلال الذي أعلنه البرلمان الإقليمي في كاتالونيا".
وفي برلين، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، في تغريدة بحسابه عبر "تويتر"، الجمعة، عدم اعتراف بلاده بانفصال الإقليم، قائلا: "الحكومة الاتحادية الألمانية لا تعترف بإعلان الاستقلال هذا... سيادة ووحدة أراضي إسبانيا لا يمكن انتهاكها".
وفي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دعمه "الكامل" للحكومة الإسبانية.
وقال ماكرون للصحفيين الجمعة: "قلت دائما إن لدينا طرف واحد يمكننا التحاور معه في إسبانيا، إنه رئيس الوزراء (ماريانو) راخوي".
وأضاف: "هناك سيادة للقانون وقواعد دستورية في إسبانيا... يرغب ماريانو راخوي في احترام تلك القواعد وأنا أبدي دعمي الكامل له".
وفي لندن، قالت رئاسة الوزراء البريطانية، في بيان، أمس، إن "المملكة المتحدة (التي تمضي في طريقها نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي) لا تعترف بإعلان استقلال برلمان إدارة إقليم كاتالونيا من جانب واحد".
أميركا
من جهتها، قالت الولايات المتحدة، الجمعة، إنها تدعم وحدة إسبانيا، مؤكدة أن إقليم كاتالونيا جزء منها.
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، في بيان، إلى أن بلادها "تدعم التدابير الدستورية التي اتخذتها الحكومة الإسبانية لضمان إسبانيا قوية وموحدة".
كندا
وفي كندا، أعلن رئيس الوزراء، جاستين ترودو، الجمعة، في تصريحات صحفية، إن "كندا تعترف فقط بإسبانيا الموحدة... نفهم أن ثمة مناقشات داخلية تجري الآن ونحن نرغب أن تتم تلك المناقشات وفقا لسيادة القانون والدستور الإسباني".
تركيا
من جانبها، أعلنت تركيا، مساء الجمعة، وقوفها إلى جانب إسبانيا ضد انفصال إقليم كاتالونيا، متمنية عدم إصرار إدارة الإقليم على قرارها الأحادي الجانب.
وقالت الخارجية التركية في بيان: "نتمنى عدم الإصرار على القرار الأحادي الجانب الفاقد للشرعية الدستورية الذي من شأنه التصعيد وخلق توتر، كما نتمنى إيجاد حل في إطار الديمقراطية وسيادة القانون".
وشدد البيان على أن "قرار برلمان إقليم كاتالونيا ذاتي الحكم ليس خطوة في الاتجاه الصحيح".
وأكدت الخارجية التركية على "ضرورة احترام وحدة أراضي إسبانيا ودستورها وإرادة الشعب الإسباني".
كما أعربت الخارجية عن ثقة تركيا بـ"قدرة حكومة إسبانيا الصديقة والحليفة ومؤسساتها على تجاوز هذا التحدي".
المغرب
على الصعيد العربي، أعلنت وزارة الخارجية المغربية في بيان، السبت، أن المغرب يعلن رفضه لانفصال كاتالونيا عن إسبانيا.
غوتيريش
وفيما يتعلق بالموقف الأممي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، الجمعة، كلًا من مدريد وإقليم كاتالونيا إلى التوصل إلى "حل في إطار الدستور".
وفي مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، الجمعة، قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم غوتيريتش، إن "الأمين العام يتابع عن كثب التطورات في إسبانيا، ويحث جميع الأطراف المعنية على التوصل إلى حل في إطار الدستور وفتح قنوات قانونية وسياسية".
الناتو
بدوره، اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، في تصريح له الجمعة، إعلان إقليم كاتالونيا، الاستقلال من طرف واحد، "شأن إسباني داخلي".
إعلان الانفصال ورد مدريد
وصوّت برلمان كاتالونيا، الجمعة، لصالح الانفصال عن إسبانيا، وردّا على ذلك فوّض مجلس الشيوخ الإسباني، أمس، الحكومة المركزية بتطبيق المادة 155 من الدستور التي تنصّ على حل حكومة الإقليم، وإجراء انتخابات مبكرة خلال 6 أشهر.
وبالفعل أعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، الجمعة، حل حكومة وبرلمان كاتالونيا، ودعا لإجراء انتخابات مبكرة في 21 كانون الأول/ ديسمبر، ودخل القرار حيز التنفيذ عقب نشره السبت في الجريدة الرسمية.
كذلك، أمر مجلس الوزراء باستبعاد كبار المسؤولين في الإدارة الداخلية الإقليمية لكاتالونيا، وإغلاق جميع البعثات الخارجية لكاتالونيا، فيما عدا بعثة الإقليم إلى بروكسل.
وحسب الموقع الإلكتروني لحكومة كاتالونيا الإقليمية، هناك بعثات تمثيلية للإقليم لدى كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأيرلندا والنمسا وإيطاليا وبروكسل، وتتعامل تلك البعثات مع الشؤون ذات الصلة بالاتحاد الأووربي.
وردا على تلك القرارات، أعلن رئيس حكومة إقليم كاتالونيا، كارليس بوغديمونت، في كلمة متلفزة اليوم السبت، أن الإقليم لا يعترف بالقرارات التي اتخذتها حكومة مدريد منذ أمس.
اقرأ/ي أيضًا | مظاهرات في مدريد دعما لوحدة البلاد
التعليقات