القمع يغذي المظاهرات المطالبة برحيل السيسي

شهدت المدن المصرية، خلال الأسابيع الماضية، تجدد التظاهرات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل حملة توقيف واسعة لمعارضين ومحامين وحقوقيين، فيما تشير التوقعات إلى أن تصاعد القمع لا بد وأن يؤدي إلى اتساع دائرة الاحتجاج وتجددها.

القمع يغذي المظاهرات المطالبة برحيل السيسي

(أرشيفية - أ ف ب)

شهدت المدن المصرية، خلال الأسابيع الماضية، تجدد التظاهرات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل حملة توقيف واسعة لمعارضين ومحامين وحقوقيين، فيما تشير التوقعات إلى أن تصاعد القمع لا بد وأن يؤدي إلى اتساع دائرة الاحتجاج وتجددها.

وعلى الرغم من الانتشار الأمني الكثيف في القاهرة، انطلقت تظاهرات صغيرة في منطقة الوراق عقب صلاة الجمعة والأقصر وقنا في صعيد مصر، غير أن الأعداد كانت أقل نسبيًا من تظاهرات الأسبوع السابق، التي بدأت إثر انتشار مقاطع فيديو لرجل أعمال ساخط يتهم فيها السيسي وقيادات من الجيش بالفساد.

وقال الخبير في مركز "كارنيغي ميدل ايست" في بيروت، يزيد صايغ، "أشك أن إدارة السيسي تواجه مشكلة حقيقية، حتى لو كانت التظاهرات توضح أن المستوي العالي من القمع لم يكن كافيا لردع الاحتجاجات". لكنه أعرب عن اعتقاده أن السيسي يواجه تحديات.

وأضاف صايغ "المشكلة الحقيقية لهذه الإدارة، هي أنها أفرغت الساحة السياسية تماما من أي محاورين (مثل الأحزاب السياسية أو مجموعات رجال الأعمال) وأنها تفتقر إلى حلفاء في المجتمع خارج جهاز الدولة".

وتابع "هذا يجعل الأمر هشا. اعتمادها (السلطة) على القمع سيتقلص تأثيره بمرور الوقت مع تفاقم المشكلات الاجتماعية لمصر".

وبعد التظاهرات الأولى في العشرين من أيلول/ سبتمبر، قام السيسي الذي سبق أن أسكت كل المعارضين منذ وصوله إلى السلطة في 2014، بحملة توقيف واسعة لمعارضين شملت قرابة ألفي شخص في سبعة أيام.

من جهته، قال الخبير في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة برانديس، يوسف الشاذلي إن "موجة التوقيف غير المسبوقة للنشطاء والمثقفين ومتظاهرين عاديين، جعلت الكثير من الناس يعيدون التفكير ويتساءلون ماذا كان يمكن أن يحدث لهم لو شاركوا في التظاهرات".

وعادت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، وهي ساحة حرب أنصار وخصوم السيسي، لتتحدث عن كرة القدم وموضوعات منوعة أخرى. كما عادت حركة السير إلى طبيعتها في ميدان التحرير، الذي كان بؤرة ثورة العام 2011.

ولكن تواجد الشرطة ملحوظ بشكل عام في القاهرة، ونقل شهود عيان أن الشرطة تستوقف المواطنين عشوائيا لتفتيشهم والبحث في هواتفهم وأحيانا القبض عليهم.

واعتبر الشاذلي أن هذه الإجراءات "لا تبشر خيرا بمستقبل التطور الديمقراطي وحماية المدنيين والحريات السياسية في البلاد".

وفي استعراض آخر للقوة، خرج مؤيدو السيسي بأعداد كبيرة مساء الجمعة، ونظموا احتفالا كبيرا في شرق القاهرة.

وقال الشاذلي إن "نظام ما بعد 2013 يعتمد منذ البداية على ‘الشرعية الشعبية‘ ومشاهد الغناء والرقص" في الشوارع. وأضاف "كان من الضروري جدا أن يكون هناك مؤيدون في الشارع عددهم يفوق المحتجين".

وفي وسائل الإعلام الرسمية مثل "الأهرام"، كانت الرسالة الرئيسية، أن الحكومة تسيطر تماما على الأوضاع مع عنوان يقول "الاستقرار يشجع الاستثمار".

وتضمنت الصحف الكثير من الهجوم على جماعة "الأخوان المسلمين" المحظورة التي عزل الجيش الرئيس الراحل المنتمي إليها محمد مرسي في العام 2013.

في المقابل، أشار رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الإستراتيجية، اللواء متقاعد سمير راغب، إلى وجود شعور عام بالإحباط لدى المصريين خصوصا بسبب إجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة. وأكد أنه لو انتفض الفقراء "فلن يتمكن أحد من إيقافهم ... لا الجيش ولا الشرطة".

ورغم عودة الحياة إلى طبيعتها مع بداية الأسبوع، إلا انه "يصعب تصور توقف الاحتجاجات تماما إلا لفترة محدودة" في ظل استمرار الصعوبات المعيشية والقيود المفروضة على الحريات السياسية، وحالة القمع والاعتقالات المستمرة.

 

التعليقات