أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية جديدة وقيودا على التأشيرات "بحق الاطراف الذي يمارسون العنف" في السودان.
جاء ذلك في بيان صدر عن سوليفان وسط مخاوف من صراع طويل الأمد ومعاناة واسعة النطاق في السودان مع فشل طرفي الصراع على السلطة في الالتزام بوقف إطلاق النار.
وبالتزامن مع إعلان سوليفان، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة تستهدف كيانات في السودان، بحسب ما ورد في الموقع الإلكتروني للوزارة.
وأظهر الموقع أن الوزارة أصدرت أيضا تراخيص عامة تسمح ببعض أنشطة المنظمات الإنسانية وجماعات الإغاثة في السودان.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الابيض إن أعمال العنف في هذا البلد تشكل "مأساة ينبغي أن تتوقف"، من دون أن يدلي بتفاصيل إضافية عن العقوبات.
وأضاف أن واشنطن "تقوم بمحاسبة الجيش السوداني و‘الدعم السريع‘ وكيانات خاضعة لهما على أعمال تهدد السلام والأمن".
وجاء في موقع وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات تشمل شركة "تريدف" للتجارة العامة التي تتخذ من الإمارات مقرا لها لصلتها بالسودان.
كما شملت العقوبات شركة "الجنيد" ومنظومة الصناعات الدفاعية في السودان التي تنتج معدات وأسلحة للجيش السوداني.
وفرضت واشنطن عقوبات على شركة "سودان ماستر تكنولوجي" لدورها في دعم شركات إنتاج أسلحة ومركبات للجيش السوداني.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للصحافيين، خلال محادثات حلف شمال الأطلسي في أوسلو إن الولايات المتحدة "تنظر في خطوات يمكننا اتخاذها لتوضيح وجهات نظرنا حيال أي زعماء يقودون السودان في الاتجاه الخاطئ، بما في ذلك عبر مواصلة العنف وخرق اتفاقات وقف إطلاق النار التي التزموا بها".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد قالت في بيان أنه "بمجرد أن تثبت القوات (المتنازعة) من خلال أفعالها أنها جدية في الالتزام بوقف إطلاق النار، ستكون الولايات المتحدة والسعودية على استعداد لاستئناف المحادثات المعلقة للتوصل إلى حل لهذا الصراع".
وأمس، الأربعاء، علّق الجيش السوداني مشاركته في محادثات برعاية الولايات المتحدة والسعودية لوقف إطلاق النار متهما قوات الدعم السريع بالفشل في الإيفاء بالتزاماتها وقصف منطقة سوق قديم في العاصمة.
وأفاد مسؤول في الحكومة السودانية طلب عدم الكشف عن هويته أن الجيش اتّخذ القرار "بسبب عدم تنفيذ المتمردين البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين وخرقهم المستمر للهدنة".
ورغم تعهّدات الجانبين بالالتزام بعدد من الهدنات التي تم التوصل إليها، يندلع القتال في كل مرة وخصوصا في الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور المضطرب غربيّ البلاد.
ومنذ اندلعت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 نيسان/أبريل الماضي، قتل أكثر من 1800 شخص، بحسب موقع مشروع النزاع المسلح وبيانات الأحداث.
وجاءت هذه التطورات بعد يومين على إعلان الوسطاء أن طرفي النزاع وافقا على تمديد الهدنة خمسة أيام "لمنح ممثلي العمل الإنساني مزيدا من الوقت للقيام بعملهم الحيوي"، وذلك "رغم عدم الالتزام به في شكل تام".
وأعلن البرهان خلال زيارة للقوات في العاصمة، الثلاثاء الماضي، أن "الجيش جاهز للقتال حتى النصر". ورد دقلو المعروف بـ"حميدتي" قائلا إن قواته "ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها".
من جهته، قال المتحدث باسم الاتحاد الإفريقي، محمد الحسن لبات،إن انسحاب الجيش "لا ينبغي أن يحبط الولايات المتحدة والسعودية"، واصفا خطوة الجيش بأنها "ظاهرة كلاسيكية في المفاوضات الصعبة".
وفي نيويورك، جدّد الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، التأكيد على دعمه لمبعوثه الخاص إلى السودان، فولكر بيرتيس.
وكان البرهان قد اتّهم بيرتيس بالمساهمة بسلوك "منحاز" واتباع أسلوب "مضلل" في النزاع الدامي في بلده، مطالبًا الأمم المتّحدة باستبداله.
وقال غوتيريش إنّ الأمر متروك لـ"مجلس الأمن ليقرّر ما إذا كان يدعم استمرار مهمة (المساعدة) لفترة أخرى أو أنّ الوقت حان لوضع حدّ لها".
وعلى صلة، كتبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي على حسابها على تويتر، اليوم، الخميس، "ندين بشدة أعمال نهب أصول وأغذية برنامج الأغذية العالمي التي تجري الآن في الأبيض (شمال كردفان)".
وأضافت "تعرضت مستودعاتنا للهجوم، والغذاء الذي يكفي 4,4 ملايين شخص معرض للخطر"، مشيرة إلى أن الأبيض تضم إحدى أكبر القواعد اللوجستية لبرنامج الأغذية العالمي في إفريقيا.
وأفادت وزارة الصحة السودانية، في بيان، أن قوات الدعم السريع تتمركز في 34 مستشفى ومؤسسة طبية بالعاصمة وقد "استولت على عدد 29 سيارة إسعاف ذات دفع رباعي".
وقتل مئات الأشخاص في دارفور الواقعة عند حدود السودان الغربية مع تشاد حيث يتواصل القتال "متجاهلا بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار"، بحسب طوبي هارورد، من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعرقل القتال المتواصل إيصال المساعدات والحماية التي يحتاجها عدد قياسي من الأشخاص (25 مليون نسمة)، أي أكثر من نصف السكان، بحسب الأمم المتحدة.
ورغم الاحتياجات المتزايدة، قالت الأمم المتحدة إنها لم تحصل إلا على 13% من مبلغ 2.6 مليار دولار تحتاجه.
ويقول مراقبون إن البرهان يتعرض لضغوط متزايدة من أنصاره الإسلاميين ومن أركان نظام البشير الذي أقام معهم علاقة نفعية للوصول إلى السلطة.
التعليقات