أدان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، استهداف طواقم الإغاثة والعاملين في القطاع الإنساني في غزة، أثناء زيارته لمدينة العريش المصرية القريبة من غزة بعد أسبوعين من استشهاد 15 مسعفا وعامل إغاثة في رفح، جنوبي القطاع، بنيران إسرائيلية.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وتأتي جولة ماكرون في العريش في إطار زيارة رسمية لمصر استمرت 48 ساعة وتضمنت قمة ثلاثية فرنسية مصرية أردنية. وقال ماكرون: "ندين هذه الهجمات بشدة، ويجب كشف الحقيقة كاملة" في شأن ما تعرض له المسعفون الفلسطينيون.
وأثار الهجوم الإسرائيلي على المسعفين في غزة انتقاداً دولياً دفع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لطلب تحقيق "معمق" في الحادث في محاولة للتهرب من المساءلة الدولية، علما بأن إسرائيل استأنفت حربها على غزة في 18 آذار/ مارس هدنة هشة استمرت شهرين.
وشدد ماكرون، الثلاثاء، على أنه قدم "تعازي فرنسا" بضحايا الهجمات الإسرائيلية على عاملي الإغاثة وأضاف "هم هناك (في غزة) نيابةً عن المجتمع الدولي لمساعدة المحتاجين ولهذا من الضروري ألا نتنازل عن حماية" العاملين في القطاع الإنساني.
ودعا ماكرون من العريش الواقعة على بعد 50 كيلومترا من معبر رفح بين غزة ومصر، إلى استئناف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة "في أسرع وقت"، مشددا على أن ذلك هو "أولوية الأولويات". وأضاف أن "الوضع في غزة لا يمكن التساهل معه. لم يكن أبدا بهذا السوء".

وتمنع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة منذ بداية آذار/ مارس الماضي. وأفاد عامل إغاثة فرنسي بأن أسعار المياه أصبحت مرتفعة جدا في القطاع، معتبرا أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية ورقة ضغط في المفاوضات مع حماس، وهو ما تقوله إسرائيل صراحة.
وأكد مصدر إغاثي فرنسي آخر أن الأدوية على وشك النفاد خلال أسبوع إذ "لم يدخل غزة أي مساعدات منذ شهر". وفي العريش أيضاً، زار ماكرون مستشفى المدينة والتقى عددا من المرضى والجرحى الفلسطينيين والطواقم الطبية والإغاثية.
وتفقد ماكرون مستشفى العريش يرافقه نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي حمل ورودا بيضاء للمرضى الذين يتلقون العلاج بالمستشفى. وكان ماكرون شكر السيسي في مؤتمر صحافي، الإثنين، "على استقبالكم لنا في العريش. هذا الموقع المتقدم لدعم المدنيين في غزة".
وفي المستشفى زار الرئيسان عدة أجنحة، منها غرفة ألعاب للأطفال المرضى. وقال الطبيب في مستشفى العريش، محمود محمد الشاعر، إنه منذ بدء الحرب استقبل المستشفى 1200 مريض فلسطيني، موضحا أن هناك عدة مستشفيات أخرى قريبة تستقبل أيضا مصابين من غزة.
وأضاف الشاعر أن المستشفى استقبل الكثير من المصابين، بينهم إصابات في العين والمخ "والكثير من حالات البتر بين الأطفال". وزار ماكرون أيضا مخازن الهلال الأحمر المصري التي تضم مساعدات موجهة لقطاع غزة، ووصف العريش بأنها "ترمز للدعم الإنساني".

وشدد ماكرون، الثلاثاء، على أن غزة يعيش فيها مليونا شخص "محاصر" رافضاً أن يتم التحدث عنها كـ "مشروع عقاري". وكان ماكرون قد أعلن في القاهرة، الإثنين، دعمه للمبادرة العربية التي صاغتها مصر واعتمدتها الجامعة العربية الشهر الماضي لإعادة إعمار غزة، في مقابل مقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتهجير سكان غزة إلى دول الجوار.
وقال ماكرون، الثلاثاء، "حين نتحدث عن غزة نحن نتحدث عن مليوني شخص محاصر... بعد أشهر من القصف والحرب". وأضاف "لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعا عقاريا أو استحواذا على أراضٍ.. لما كانت الحرب اندلعت من الأساس".
وشدد ماكرون خلال زيارته مصر على أهمية التمسك بالمسار السياسي لإنهاء الحرب، وأشار إلى المؤتمر الذي تترأسه فرنسا والسعودية في حزيران/ يونيو المقبل بهذا الصدد.
وخلال قمتهم الثلاثية الإثنين، أكد الرئيسان ماكرون والسيسي والعاهل الأردني، عبد الله الثاني، أن "الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن في غزة، وكذلك في جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن تكون بشكل حصري تحت مظلة السلطة الفلسطينية الممكّنة بدعم إقليمي ودولي قوي".
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري "ينبغي ألا يكون لحماس أي دور في حكم غزة (وينبغي) ألا تستمر الحركة في تشكيل تهديد لإسرائيل". وأضاف أنه يتطلع لحكم "فلسطيني جديد في القطاع بقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية".
وخلال اجتماعهم في القاهرة، أجرى السيسي وعبد الله وماكرون مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي، ترامب، ناقشوا فيها التطورات في غزة، في اليوم ذاته الذي استقبل فيه الأخير رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض.
وشدد ماكرون في المؤتمر الصحافي مع السيسي على رفضه التهجير القسري لسكان غزة. وقال السيسي "توافقنا على رفض أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم".
ودعا بيان ثلاثي عقب القمة الفرنسية المصرية الأردنية إلى "عودة فورية لوقف إطلاق النار لحماية الفلسطينيين وضمان تلقيهم المساعدات الطارئة الإنسانية بشكل فوري وكامل"، مع تأكيد أهمية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 19 كانون الثاني/يناير "والذي نصّ على ضمان إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، وضمان أمن الجميع".
كما عبّر القادة "عن قلقهم البالغ بشأن تردي الوضع الإنساني في الضفة الغربية والقدس الشرقية"، ودعوا "إلى وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوّض إمكانية تحقيق حلّ الدولتين".
التعليقات