سيطرت هيئة تحرير الشام وفصائل سورية حليفة لها السبت على "غالبية" مدينة حلب ومطارها في شمال سورية، وتقدمت في محافظتين مجاورتين، في إطار هجوم مباغت دفع قوات النظام إلى الانسحاب من مواقعها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام عن مصدر عسكري قوله، إنه "لا صحة للأخبار التي تنشرها التنظيمات الإرهابية المسلحة عبر منصاتها ومواقعها الإلكترونية وبعض القنوات الإعلامية حول انسحاب الجيش من حماة، ونؤكد أن وحدات قواتنا المسلحة تتمركز في مواقعها في الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حماة وهي على استعداد كامل لصد أي هجوم إرهابي محتمل، كما يقوم الطيران الحربي السوري والروسي الصديق باستهداف تجمعات الإرهابيين وتحركاتهم وخطوط إمدادهم".
وأضاف "لا صحة للأنباء التي تتناقلها الصفحات والمنصات التابعة للتنظيمات الإرهابية المسلحة حول دخولها إلى بلدات ريف حماة الشمالي ومنها السقيلبية، حيالين، محردة، اللطامنة، حلفايا، طيبة الإمام، معان، صوران، معر شحور وباقي البلدات المجاورة، حيث قامت قواتنا المسلحة بتنظيم خط دفاعي معزز، وهي في كامل الجاهزية والاستعداد والروح المعنوية العالية لصد أي هجوم محتمل".
وبحثت روسيا، أبرز داعمي بشار الأسد، السبت مع إيران، حليفته الأخرى، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة "التطور الخطير للوضع في سورية". وأعلنت طهران أن وزير خارجيتها سيزور دمشق الأحد، في وقت دعت باريس إلى "حماية السكان المدنيين" في حلب، ثاني كبرى مدن سورية.
وبدأت هذه الفصائل التي تشكل محافظة إدلب معقلها في شمال غرب سورية، هجوما غير مسبوق الأربعاء على مناطق سيطرة جيش النظام في محافظة حلب، وتمكنت ليل الجمعة من دخول مدينة حلب، لأول مرة منذ استعادة النظام بدعم روسي وإيراني السيطرة على المدينة بكاملها عام 2016.
وبعد ثلاثة أيام من هجومها المفاجئ، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر مع فصائل معارضة متحالفة على "غالبية مدينة حلب ومراكز حكومية وسجون"، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وجاء ذلك بعدما تمكنت من التقدم ليلا في المدينة "من دون مقاومة كبيرة" من جيش النظام، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن.
وأوضح أن "محافظ حلب وقادة الشرطة والفروع الأمنية انسحبوا من وسط المدينة".
وقتل 16 مدنيا على الأقل السبت جراء "غارة شنّتها القوات الروسية على الأرجح، استهدفت سيارات مدنية لدى عبورها عند دوار الباسل في مدينة حلب"، إحدى النقاط التي تقدمت إليها الفصائل المقاتلة.
وشنّت طائرات حربية روسية غارات ليلا على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ العام 2016. واستهدفت غارات روسية صباح السبت، وفق المرصد، حي الفرقان في المدينة "تزامنا مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة" إلى الفصائل المقاتلة.
والسبت، أقرّ جيش النظام بدخول الفصائل المقاتلة إلى مدينة حلب.
ونقلت وزارة دفاع النظام السوري عن مصدر عسكري قوله "تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب" بعدما كان الجيش نفّذ عملية "إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع".
وقال إن ذلك جرى بعد "معارك شرسة" على "شريط يتجاوز 100 كيلومتر لوقف تقدمها وارتقى خلال المعارك عشرات من رجال قواتنا المسلحة شهداء".
وأعلنت إيران السبت أن "عناصر إرهابية" هاجمت مقر قنصليتها في حلب، مع تأكيدها أن جميع أفراد الطاقم الدبلوماسي بخير.
وتمكنت الفصائل المعارضة بعد ظهر السبت من السيطرة على مطار حلب، ثاني أكبر مطار دولي بعد دمشق، ليصبح أول مرفق جوي مدني تحت سيطرتها.
وترافق ذلك مع تقدمها والفصائل المعارضة الناشطة معها إلى ريفي حماة الشمالي وإدلب الشرقي، حيث سيطرت على "عشرات البلدات الإستراتيجية" فيهما، بينها خان شيخون ومعرة النعمان (إدلب) واللطامنة ومورك وكفرزيتا (حماة).
وأتاح الهجوم سيطرة مقاتلي الفصائل على أكثر من 80 بلدة ومدينة في شمال سورية بحسب المرصد، بما فيها مدينة سراقب الرئيسية جنوب حلب، والواقعة عند تقاطع طريقين سريعين يربطان دمشق بحلب واللاذقية.
ومنذ بدء الهجوم الأربعاء، أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل 327 شخصا على الأقل، 183 منهم من هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة ومئة من عناصر جيش النظام والمجموعات الموالية له، إضافة إلى 44 مدنيا، وفق آخر حصيلة للمرصد.
ويثير التقدم السريع للفصائل المعارضة "من دون مقاومة" من قوات النظام تساؤلات، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن "النظام السوري يبدو في هذه اللحظة كأنه متروك من حليفيه الرئيسيين، إيران وروسيا التي اكتفت حتى الآن بشنّ غارات شكلية".
وجاء الهجوم المباغت في وقت كان يسري في إدلب منذ السادس من آذار/مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو وأنقرة، وأعقب حينها هجوما واسعا شنّته قوات النظام بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.
وقالت الخارجية الروسية في بيان السبت إن الوزير سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان أعربا في اتصال هاتفي عن "قلقهما البالغ حيال التطور الخطير للوضع في سورية".. وأكدا "ضرورة تنسيق عمل مشترك لضمان استقرار الوضع" فيها.
وأجرى لافروف اتصالا مماثلا بنظيره الإيراني عباس عراقجي، توافق خلاله الطرفان على ضرورة "تكثيف الجهود المشتركة بهدف ضمان استقرار الوضع في سورية".
وفي وقت لاحق، قال متحدث باسم الخارجية الإيراني أن عراقجي "سيتوجه إلى دمشق الأحد لإجراء محادثات مع السلطات السورية"، قبل التوجه إلى تركيا لعقد "مشاورات حول القضايا الإقليمية، وخصوصا التطورات الأخيرة".
ومنذ العام 2015، تمكنت قوات النظام بدعم من حليفيها إيران وروسيا من استعادة مناطق شكلت معاقل للفصائل المعارضة في شكل تدريجي. وساهم التدخل الجوي الروسي في تعديل كفة الميدان لصالح النظام. ورغم ذلك، بقيت مناطق واسعة خارجة سيطرته.
واحتفظت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها بمناطق في محافظة إدلب وأجزاء متاخمة من محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة، فيما سيطرت القوات الكردية المدعومة أميركيا على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد.
وتشهد سورية منذ العام 2011 نزاعا داميا أودى بأكثر من نصف مليون شخص، ودفع الملايين إلى النزوح وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.
اقرأ/ي أيضًا | أكثر من 200 قتيل: فصائل معارِضة تقطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب ومقتل ضابط بالثوري الإيراني
التعليقات