المغرب: مطالب بتعديل دستوري يثير خشية الإسلاميين

تسعى أحزاب مغربيّة إلى تعديل المادة 47 من الدستور، التي تتيح للملك تكليف شخصية من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة فقط، بينما تسعى أحزاب أخرى إلى جعل الخيارات أوسع مثل تكليف رئيس التحالف الأكبر، لا الحزب الأكبر، بتشكيل الحكومة.

المغرب: مطالب بتعديل دستوري يثير خشية الإسلاميين

الملك المغربي خلال افتتاح البرلمان (أ ب)

تسعى أحزاب مغربيّة إلى تعديل المادة 47 من الدستور، التي تتيح للملك تكليف شخصية من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة فقط، بينما تسعى أحزاب أخرى إلى جعل الخيارات أوسع مثل تكليف رئيس التحالف الأكبر، لا الحزب الأكبر، بتشكيل الحكومة.

وبينما يرجّح مراقبون أن ذلك ضمن مسعى أحزاب المعارضة للتحالف ضدّ "العدالة والتنميّة" الإسلامي، يرى مطالبو التعديلات أنها تهدف إلى منع وجود فراغ دستوري في البلاد.

وتنص المادة 47 على أنه: "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدّر انتخابات أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها".

واعتبر باحث مغربي أن الدعوات لتغيير تلك المادة تستهدف قطع الطريق على ترؤس حزب "العدالة والتنمية" للحكومة المقبلة، أيضًا، في حال تصدره لانتخابات 2021.

في حين يرى باحث آخر أن المادة الحالية، دون تعديلها، توقع المملكة في "إشكالٍ دستوري"، إذا فشل الحزب المتصدر في اختيار أغلبية حكومية، وهو ما حدث بالفعل، حيث لا تنص على خيارات أخرى.

** المادة 47

وتعتبر أحزاب مغربية أن تعديل المادة 47 يساهم في تعزيز التجربة الديمقراطية في المملكة، التي شهدت، عام 2011، احتجاجات شعبية بالتزامن مع ثورات الربيع العربي.

بنكيران (أ ب)
بنكيران (أ ب) 

ودعا الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض)، حكيم بنشماش، في آذار/ مارس الماضي، إلى تعديل تلك المادة.

وقال بنشماش، خلال لقاء حزبي في العاصمة الرباط، إن حزبه "يهدف إلى فتح النقاش بين الأحزاب حول أهمية إجراء تعديل دستوري، يركز بالأساس على الفصل 47 الخاص بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر الانتخابات".

كما دعا رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي (يساري مشارك في الائتلاف الحكومي)، إدريس لشكر، إلى تعديل تلك المادة، قائلًا في مقابلة مع جريدة "الصباح" المغربية، في نيسان/ أبريل الماضي "لابد من التفكير في الفهم الضيق، الذي يعرفه الفصل 47 من الدستور".

** محاصرة جديدة لـ"العدالة والتنمية"

وفق الخبير السياسي المغربي، بلال التليدي، فإنه "توجد حيرة كبيرة في مربع صناعة القرار السياسي في البلاد"، مضيفًا "خصوصا وأن الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2016، بيّنت أنه لم يعد بالإمكان صناعة الخارطة انطلاقا من الأرياف، في ظل التحولات الاجتماعية السريعة، والتكنولوجية الحديثة".

وتابع أن "منصات التواصل الاجتماعية قلبت المعادلة، وصار من الصعب جدا التحكم في القرى عن طريق الأعيان"، والأعيان هم شخصيات نافذة من رجال أعمال أو آخرين يتمتعون بنفوذ؛ بفضل انتمائهم لأسر لها تاريخ.

وخلال انتخابات 2011 و2016، حقق "العدالة والتنمية" نتائج كبيرة في المدن عكس الأرياف، حيث حققت أحزاب أخرى نتائج أفضل منه في القرى.

وأردف التليدي أن "فشل سيناريو التحكم قبل الانتخابات جعل بعض النخب تطالب بتعديل الفصل 47 للتراجع عن تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات".

وزاد بأن أصحاب تلك الدعوات "يتعللون بتكرار تجربة البلوكاج (فشل عبد الإله بنكيران في تشكيل الحكومة)، لذا يقترحون أن تؤول رئاسة الحكومة إلى الحزب الثاني، في حال تعذر على رئيس الحكومة المعين تشكيلها".

وبعد إخفاق بنكيران (رئيس الحكومة بين عاميّ 2011 و2017)، في تشكيل الحكومة، كلف الملك محمد السادس، عام 2017، سعد الدين العثماني، القيادي، أيضًا، في "العدالة والتنمية"، بتشكيلها، وهو ما أنجزه بالفعل.

وبحسب التليدي، فإن "التخوف من تصدر العدالة والتنمية الانتخابات المقبلة، للمرة الثالثة، دفع عددًا من الأحزاب إلى التفكير في سيناريوهات أخرى، منها المطالبة بتعديل الدستور".

ورأى أن "تلك الأحزاب تسعى إلى تغيير الدستور لوضع حد لترؤس العدالة والتنمية للحكومة، فهي تريد أن يتيح الدستور اختيار رئيس الحكومة من تحالف الأحزاب، وليس من الحزب المتصدر للانتخابات".

**  إشكال دستوري

في حين ذهبَ أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمديّة، عمر الشرقاوي، إلى وجود "أمرين يؤطران النقاش حول تعديل المادة 47 من الدستور، وهما قانوني وسياسي"، وشرح ذلك بالقول إن "المدافعين عن تعديل المادة يعتبرون أن تطبيقها سابقا أظهر فراغات ومناطق رمادية من الناحية القانونية، خصوصا عندما يفشل الحزب المتصدر للانتخابات في اختيار أغلبية حكومية".

وأردف أن هذا الوضع "يوقع البلاد في إشكال دستوري.. وهو ما حدث مع بنكيران وبقت مؤسسات الدولة، بما فيها الحكومة والبرلمان، مجمدة لنحو ستة أشهر".

وشدد على أن "هذه المادة، بصيغتها الحالية، لا تفتح مجالا لخيارات أخرى، إذا فشل الحزب المتصدر في اختيار أغلبية حكومية، سواء خيار إجراء انتخابات سابقة لأوانها أو اختيار رئيس الحكومة من تحالف أحزاب لا يتضمن الحزب المتصدر أو اختيار رئيس الحكومة من الحزب الثاني (من حيث نتائج الانتخابات)"،لكنه استدرك قائلا إن "النقاش القانوني توجد وراءه أمور سياسية، خصوصا وأن العدالة والتنمية يخاف من تداعيات هذا التعديل؛ لأنه يخاف من عزلته في حالة تم تغيير تلك المادة".

وأوضح الشرقاوي أن "دستور دول مثل تونس وإسبانيا وفرنسا يتضمن مواد فيها خيارات متعددة لاختيار رئيس الحكومة، عكس المغرب".

التعليقات