25/10/2017 - 11:12

إسرائيل تمول سرا إجراءات قضائية في العالم ضد ناشطي BDS

وثائق تكشف أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بتفعيل ذراع قضائي، سرا، في أوروبا وأميركا الشمالية ودول أخرى، وذلك بهدف محاربة نشاط حركة المقاطعة "BDS"، التي تدعو لفرض المقاطعة على إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها

إسرائيل تمول سرا إجراءات قضائية في العالم ضد ناشطي BDS

من الأرشيف (أ ف ب)

كشفت وثائق أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بتفعيل ذراع قضائي، سرا، في أوروبا وأميركا الشمالية ودول أخرى، وذلك بهدف محاربة نشاط حركة المقاطعة "BDS"، التي تدعو لفرض المقاطعة على إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها.

وقالت صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، إنه من خلال وثائق وصلتها ومحادثات مع مسؤولين كبار يعملون في هذا الشأن، يتضح أن إسرائيل استأجرت مكتب المحامين الدوليين "سيدلي أوستين"، من أجل القيام بإجراءات قضائية من قبل إسرائيل ضد ناشطي حركة المقاطعة بتكلفة وصلت إلى 2 مليون شيكل.

وترفض وزارة القضاء والوزارة للشؤون الإستراتيجية الكشف عن طبيعة العمليات القضائية التي تصفها بأنها حساسة من الناحية السياسية".

يشار إلى أن المجلس الوزاري المصغر (السياسي – الأمني) كان قد اتخذ قرارا، قبل سنتين، حدد وظيفة الوزارة للشؤون الإستراتيجية كمسؤولة عن تنسيق "مكافحة نزع الشرعية عن إسرائيل" وحركة المقاطعة، كما حددت لها أهدافا، وخصص لذلك موارد كثيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الشؤون الإستراتيجية تقوم بتحويل أموال لنشاطات وزارة الخارجية في أنحاء العالم، والمنظمات اليهودية خارج البلاد، مقابل حملات إعلامية في الجامعات. كما تقوم الوزارة بنشاطات سرية لم يكشف عنها. وكانت المديرة العامة للوزارة، سيما فاكنين – غيل، قد صرحت في الماضي، في الكنيست، أن الجهاز يعمل على "جمع معلومات وشن هجمات".

يشار إلى أن المحامي إيتي ماك، قد تقدم باسم مجموعة ناشطي حقوق إنسان، إلى الوزارات الحكومية المختلفة بطلب الحصول على معلومات حول الاتصالات الجارية مع هيئات خارج البلاد بشأن الصراع ضد حركة المقاطعة (BDS). وادعت وزارة الخارجية أنه لا يوجد مثل هذه الاتصالات.

وفي المقابل، فإن وزارة القضاء قدمت وثائق حول نشاطات في أعمال قضائية خارج البلاد، بيد أن أجزاء واسعة منها خضعت لمقص الرقابة لأسباب أمنية وسياسية.

ويتضح من الوثائق أن قسم المهمات الخاصة في النيابة العامة، المسؤول عن معالجة الشؤون السياسية – الأمنية، قد نفذ بالتنسيق مع الوزارة للشؤون الإستراتيجية فحص أسعار مع مكاتب محامين دوليين لغرض إعداد وثائق ووجهات نظر قضائية ومتابعة إجراءات قضائية، إذا اقتضت الضرورة، في مواجهة حركة المقاطعة بوجه خاص، وبكل ما يتصل بفرض المقاطعة والعقوبات سواء على شركات ومصالح إسرائيليية أم على شركات أجنبية لها مصالح في إسرائيل.

ونظرا لأن التفاصيل الدقيقة لنوعية الخدمات قد تم إخفاؤها من الوثيقة، بسبب الرقابة، ادعت وزارة القضاء أن ذلك بسبب مخاوف من أن يمس نشر المعلومات بالعلاقات الخارجية لإسرائيل، أو بقدرة هذه الجهات على تقديم الخدمات المطلوبة.

وتبين أنه في شباط/فبراير من العام 2016، أجرت وزارة القضاء مكالمة هاتفية مع مكتب محامين معين، ولكن طلبت الوزارة استبدال المكتب في أيار/مايو بسبب مخاوف من تعارض المصالح مع المكتب الذي تم اختياره. وفي أعقاب ذلك تمت المصادقة على إجراء اتصالات مع مكتب محامين آخر بتكلفة 290 ألف يورو، مع إمكانية إضافة 200 ألف يورو أخرى لقاء ساعات عمل إضافية. كما صادقت لجنة الاتصالات على إمكانية أخرى تتضمن زيادة 437 ألف يورو بنفس الشروط. وفي نهاية المطاف وصلت التكلفة إلى 925 ألف يورو، أي ما يعادل 4 مليون شيكل.

وقررت لجنة المناقصات عدم نشر أية تفاصيل بشأن الاتصالات في منظومة المعلومات الحكومية، وذلك بسبب الحساسية تجاه العلاقات الخارجية لإسرائيل، الأمر الذي قد يشير إلى أن الخدمات القضائية المطلوبة ليست إعداد وجهة نظر بشأن قانونية نشاط ما، وإنما في إعداد دعاوى مدنية ضد ناشطين داعمين لحركة المقاطعة، وأن إسرائيل لا تريد أن تكشف نفسها كمن يمول هذه الدعاوى، أو كأنها تتدخل في شؤون دولة أخرى.

وقال المحامي ماك لصحيفة "هآرتس"، إن هناك مخاطر في سرية النشاط الإسرائيلي في العالم ضد ناشطي حركة المقاطعة، وإن أكثر ما يقلق هو المصطلحات العسكرية التي يستخدمها كبار المسؤولين في الوزارة تجاه قضايا إستراتيجية وفي صراعات ضد مواطنين في دول أخرى ينتقدون إسرائيل.

وأضاف أن الصعوبة التي تواجهها إسرائيل في تسويق "الاحتلال" مماثلة للصعوبات التي واجهها نظام جنوب أفريقيا في تسويق "الأبرتهايد"، حيث أن بريتوريا شنت حملة حجب معلومات وملاحقة ضد ناشطين مناهضين للأبرتهايد، ما تسبب لاحقا باستقالة رئيس الحكومة، وفتح تحقيق جنائي ودعاوى مدنية في الولايات المتحدة.

وأضاف أنه "يأمل في ألا تستغل إسرائيل السرية من أجل تجاوز الخطوط الجنائية".

ولفتت الصحيفة إلى أنه يتم تحويل الأموال استنادا إلى أنظمة في وزارة القضاء، تستخدم للاتصالات الدولية. وبموجب ذلك، أجرت وزارة القضاء اتصالات في آذار/مارس من العام 2016 مع مكتب المحامين الدولي "سيدلي أوستين" من أجل الحصول على خدمات استشارة.

وفي الربعين الأول والثاني من العام 2017، حصل مكتب المحامين الدولي على مبلغ 219 ألف دولار. وبحسب مسؤول إسرائيلي، ففي السنتين الأخيرتين دفعت الحكومة 2 مليون شيكل لمكتب المحامين "سيدلي أوستين" بشأن نشاطات حركة المقاطعة، أي نصف الـ4 ملايين شيكل التي تم تخصيصها لهذا الغرض.

يشار إلى أن مكتب المحامي الدولي "سيدلي أوستين" يعتبر أحد أكبر مكاتب المحامين في الولايات المتحدة، حيث يعمل فيه نحو 1900 محام. ورفض المكتب الإفصاح عن الخدمات التي يقدمها لقاء الأموال التي يحصل عليها من إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين كبيرين مطلعين قولهما إن "الأعمال التي قوم بها مكتب المحامين الدولي من أجل إسرائيل حساسة جدا من الناحية السياسية، وتتم في دول أجنبية".

التعليقات