كتاب اسرائيلي جديد: " خطة فك الارتباط هي هروب من غزة"

-

 كتاب اسرائيلي جديد:
كشف كتاب اسرائيلي جديد ان خطة فك الارتباط التي اعلن عنها رسميا في ديسمبر /كانون اول 2003 قد شكلت ثمرة عدة اسباب ابرزها الهروب من قطاع غزة نتيجة فشل الاحتلال في اخضاع الانتفاضة وليس مبادرة سلمية.

واوضح الكتاب" كيد مرتد" لمؤلفيه الصحفيين البارزين عوفر شيلح ورفيف دروكر ان ولادة الخطة نجمت عن اعتبارات سياسية داخلية في صلبها خوف رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون من انحسار شعبيته وخوفه من فقدان الحكم نتيجة فشله بتأمين الامن والسلام الذين وعد بهما الاسرائيليين.

ويورد المؤلفان ضعف شخص شارون جراء الشيخوخة والرغبة بإزاحة الأضواء الاعلامية المسلطة علين بفعل فضائح الفساد التي تورط بها وأسرته كسببين إضافيين لفك الارتباط الذي لا يعتبرانه خطة انما "قرار" متسرع نجم عن ضغوطات مختلفة.

واضافا " ولم يقدر شارون على بلورة مدى قرار الانسحاب الاحادي وحدوده وتقدير اثمانه وانعكاساته ولم تدرس بدائل اخرى لكنه اعجب به كونه ينسجم مع ايمانه بقدرة اسرائيل على صياغة الواقع لوحدها وفرض الامر الواقع سيما وانه رغب بعدم اشراك الرئيس عرفات باي شيء".

ونوه الكتاب الذي يركز الضوء على إهدار اسرائيل لفرصة التهدئة والسلام مع الفلسطينيين نتيجة سيطرة عقلية القوة في دوائر صناعة القرار داخل اسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة الثانية.

وضمن الحيثيات الكثيرة التي يستعرضها يستعيد الكتاب ولادة فكرة الانسحاب الاحادي ويشير انه في نهاية العام 2003 استشعر الوزير المقرب ايهود اولمرت ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون يوشك على تغيير موقفه وانه يبدو مختلفا في فترة رئاسته الجديدة عما كان عليه في الفترة الاولى.

ويقول الكتاب ان اولمرت احس بان شارون الذي كان تحدث عقب انتخابه رئيسا للمرة الاولى عن تنازلات مؤلمة بشكل مبهم وغير ملزم بات يقف امام شيء مختلف تماما. ورغم كونه ابنا لعائلة "صهيونية طلائعية" بيد انه ادرك منذ زمن طويل ان حلم ارض اسرائيل الكبرى قد مات. وبالنسبة له فأن شارون العمالي الجذور ورجل الامن الذي اعتبر ان اسرائيل الكبرى لم تكن بنظره ايدلوجيا انما مفهوم تكتيكي قد دنا اكثر من اي وقت مضى من التغيير الذي شهده بنفسه قبل سنوات.

واعتقد اولمرت ان شارون بحاجة الى من يساعده في اجتياز الحاجز لكنه لم يتحدث بهذا الخصوص معه عدا القول على مسمعه بضرورة عمل شيء ما، والان قرر انه حان الوقت ان يقوم بواجبه.

ويشير الكتاب ان التأشير النهائي من قبل شارون قدجاء خلال مؤتمر لرجال الاعمال الذي عقد في نوفمبر/تشرين ثاني 2003. في ذاك المؤتمر قال شارون في خطابه ان اسرائيل ستضطر الى الاقدام على خطوات احادية اذا لم تلق خيارات اخرى.

وعندما انهى شارون خطابه وعاد ليجلس في مقعده همس باذن المرت: لم ارك تقفز من مقعدك عندما قلت "خطوات احادية" فاجاب الاخير " لم اقفز ولكن بالتأكيد اصغيت".

واشار الكتاب الى ان دوف فايسغلاس هاتف اولمرت في مطلع ديسمبر/كانون اول 2003 وطلب منه ان يستبدل ارئيل شارون في القاء كلمة خلال حفل احياء ذكرى وفاة دافيد بن غوريون فوافق على ذلك وعندما تسلم نص الخطاب المكتوب من قبل شارون انتقى جملتين فقط منه اولهما اقتباس من اقوال بن غوريون نفسه :" اذا خيرت بين دولة يهودية ديموقراطية وبين ارض اسرائيل الكبرى اختار الاولى، فيما كانت الجملة الثانية:" من شارك في القتال من اجل ارض اسرائيل يستطيع ان يصنع تنازلات مؤلمة." وغداة ذلك كرر اولمرت اقواله في لقاء صحفي مع " يديعوت احرونوت" فتحدث للمرة الاولى عن انسحاب احادي الجانب وبعد النشر تلقى اولمرت مكالمة من فايسغلاس وشد على يده واثنى على شجاعته.

ويستعرض الكتاب لقاء تم بعد ايام جمع بين شارون واولمرت الذي نصح الاول بان يقدم على عملية "كبيرة" كي لا يخسر مقود القيادة بعد سماعه بوضوح بان رئيس الحكومة يميل الى خطوة احادية.

ويلفت الكتاب الى ان شجرة فك الارتباط قد تغذت من جذور مختلفة شخصية وبيئية منوها الى ان ارئيل شارون السياسي والامني لم يكن يوما ما رجل مبادىء انما رجل تكتيك وتنفيذ ويتأثر بحاشيته المعروفة ب"محفل المزرعة" التي حلت مكان المستوطنين سيما في شيخوخته.

ويقول المؤلفان ان مقربي شارون حذروا شارون من انهيار الاقتصاد اذا لم يبادر الى عملية سياسية جديدة تزيل بعض المستوطنات وهم يعون مدى اهتمامه بصورته في مراة التاريخ.

وينوه الكتاب ان الحديث في البداية كان يجري حول ازالة عدد قليل من المستعمرات لافتا الى تغير المواقف المتشددة لدى شارون "البلدوزر" نتيجة تقدمه بالسن.

وافاد الكتاب ان استطلاعات الرأي السرية حول انخفاض شعبيته كانت تتطابق مع نصائح المقربين والمساعدين سيما وانها اظهرت دعم اغلبية الاسرائيليين للانفصال عن الفلسطينيين.

واوضح الكاتبان ان نجاح المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عمليات نوعية ضد الاحتلال في غزة وخارجها قد عزز قناعة الراي العام بالانسحاب منها.

كما اشار الكتاب الى دور مبادرة جنيف التي حظيت بدعم نسبة عالية من الاسرائيليين جراء اليأس من الاوضاع التي خلقتها الانتفاضة في دفع شارون نحو قراره اضافة الى ازدياد عدد الجنود الرافضين للخدمة في الاراضي المحتلة.

كما يكشف الكتاب ان مساعدي شارون قد اهتموا باستحضار استطلاعات راي حول الموضوع الديموغرافي وعرضوها عليه ضمن مساعيهم لدفعه الى اتخاذ القرار بالانسحاب من غزة ومن مستوطنات في الضفة الغربية.

كذلك يتطرق الكتاب الى قيام فايسغلاس ضمن المساعي المذكورة الى تكرار احاديثه مع شارون حول اهمية الانسحاب الاحادي ك"فورملين" لتجميد الحل النهائي واضاف " ذلك لم ينطل على شارون الذكي المجرب لكن الخطة بالنسبة له شكلت الغلاف الحلو التي بواسطتها ساعد فايسغلاس له على تناوله حبة الدواء المرة."

ويتحدث الكتاب "كيد مرتد" بشكل مسهب عن اهدار اسرائيل كل فرصة لخفض السنة لهب المواجهة الدامية وانجاز تهدئة من شانها تمهيد استئناف المسيرة السلمية منذ اكتوبر 2000 وذلك بغية الافلات من استحقاقات السلام مع الفلسطينيين. ويستند الكتاب الى وثائق هامة كثيرة والى 200 لقاء شخصي مع مسؤولين اسرائيليين.

التعليقات