كشف تقرير نشر اليوم، الأحد، أن 77% من لوائح الاتهام بجرائم التحريض على العنف والعنصرية التي قدمتها النيابة العامة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، استهدفت المواطنين العرب، كما بيّن وجود فجوة كبيرة في معدل الإدانات وشدة العقوبات التي صدرت بحق المتهمين العرب مقارنة باليهود.
جاء ذلك في تقرير أعده "المركز الإصلاحيّ للدين والدّولة" في تحليل لقواعد البيانات التي حصل عليها من وزارة القضاء الإسرائيلية وسلطات إنفاذ القانون، إثر طلبات قدمها المركز لإتاحة هذه المعطيات بموجب حرية المعلومات والحق بالمعرفة، وتتعلق المعطيات الواردة في الفترة بين عامي 2014 و2021.
وأشارت نتائج التقرير إلى أن النيابة العامة تميل إلى تجنب تقديم لوائح اتهام بالتحريض ضد الشخصيات العامة، وخاصة الحاخامات؛ علما بأن لوائح الاتهام المقدمة ضد العرب تأتي في كليتها في إطار الملاحقة السياسية ضد الناشطين، وتهدف إلى الترهيب والتنفير من العمل السياسي في المجتمع العربي.
وشدد معدا التقرير، المحامي أوري ناروف والمحاميّة أورلي إيرز-لخوبسكي، على أن "البيانات تظهر بوضوح إنفاذا غير كاف" لجرائم التحريض، وأوضحا أن "تعامل النيابة العامة مع اليهود الذين وردت بحقهم شكاوى متعلقة بالتحريض، ضعيف ويتسم بالمماطلة والتسويف".
ويتضمن التقرير، الذي يعتبر المحاولة الأولى للتحليل الكمي لسياسة إنفاذ جرائم التحريض في إسرائيل، سلسلة من البيانات التي تشير إلى التفاوت في معاملة المحرضين اليهود من قبل السلطات القضائية الإسرائيلية؛ ولفت التقرير إلى أن مدة التحقيق في الشكوى - أي الفترة التي انقضت بين ارتكاب الجريمة (المزعومة) وتقديم لائحة الاتهام - تكون أقصر بكثير عندما يتعلق الأمر بالمتهمين العرب: 51% منهم اتهموا في غضون شهر.
في المقابل، تم تقديم 42% من لوائح الاتهام ضد المحرضين اليهود، بعد مرور عام إلى عامين على ارتكاب الجريمة، وفي 21% من حالات التحريض اليهودي ضد العرب، طالت الفترة الزمنية للتعامل مع الشكاوى لتمتد ما بين عامين وستة أعوام.
وفي ما يتعلق بنتائج المسار القضائي لشكاوى التحريض، فقد تبين أنه باستثناء حالتين، انتهت جميع لوائح الاتهام ضد العرب في السنوات التي عالجها التقرير، بالإدانة، مقارنة بحوالي ثلثي لوائح الاتهام ضد اليهود. كما تظهر المعطيات اختلافات جوهرية في شدة العقوبة؛ ففي حين أن 54% من المدانين اليهود لم يُحكم عليهم فعلاً بالسجن، فإن 1% فقط من المدانين العرب لم يُحكم عليهم بالسجن الفعلي.
وتبلغ نسبة العرب المحكوم عليهم بالسجن ما بين سبعة و11 شهرًا من جراء الإدانة بتهم تحريض، 59%، مقابل 25% بين اليهود؛ وفي سبع من الحالات الـ13 التي حُكم فيها على مدانين يهود بالسجن الفعلي، تقرر أنهم سيقضون عقوباتهم بالخدمة المجتمعية، مقارنة بحالة واحدة من بين 69 عربيا أدينوا بالتحريض في الجهاز القضائي الإسرائيلي.
وتشير البيانات التي عالجها التقرير إلى 87 لائحة اتهام انتهت بالإدانة، من أصل 106 لائحة اتهام تم تقديمها في الفترة بين عامي 2014 و2021. وانتهت بقية لوائح الاتهام بالتبرئة أو لم يتم اتخاذ قرار فيها حتى اليوم؛ علما بأن التقرير استثنى 22 لائحة اتهام تم رفعها في السنوات الأخيرة، لأنه يحظر نشر معلومات جوهرية تتعلق فيها، في بعض الحالات لأن المتهم قاصر.
كما حلل معدا التقرير الاستجابة أو بالأحرى عدم استجابة السلطات لتوجهات "مركز الإصلاح للدين والدولة" للسلطات التنفيذية، للمطالبة بالتحقيق في تصريحات لشخصيات إسرائيلية عامة، أثارت الشبهات بالتحريض؛ وتبين أنه من بين 114 طلب تحقيق قدمه المركز في السنوات السبع التي تمت مراجعتها في التقرير، جرى تجاهل 17 طلب.
وأوضح التقرير أنه في المقابل، 40 طلب تحقيق قدمها المركز من أصل 114 لا تزال قيد الفحص، علما بأن 19 طلبا بالتحقيق لم يتخذ أي قرار بشأنها منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ ففي حين قررت السلطات التنفيذية أن نحو نصف الحالات لا تستحق فتح تحقيق أو تم إغلاق التحقيقات فيها دون تقديم لائحة اتهام.
وبحسب التقرير، فإنه على الرغم من أن معظم الشكاوى التي قُدّمت إلى السلطات التنفيذية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة بتهمة التحريض كانت تتعلق بشخصيات عامة، إلا أنه تمت مقاضاة ثمانية شخصيات عامة فقط، ستة منهم من العرب.
والشخصيات العامة العربية الستة التي أشار إليها التقرير هم: عمر أبو سارة (القدس)، وخالد المغربي (القدس)، ورائد صلاح (أم الفحم)، وكمال خطيب (كفركنا)، ويوسف الباز (اللد) وجميعهم رجال دين مسلمون اتهموا بالتحريض بسبب خطبهم، بالإضافة إلى الشاعرة دارين طاطور (الرينة) التي أدينت بسبب منشورات على "فيسبوك".
وفي ما يتعلق بـ"الشخصيات العامة" اليهودية التي أشار إليها التقرير فإن الحديث عن أحد مؤلفي كتاب 'توراة (عقيدة) الملك'، الحاخام يوسف أليتسور، الذي أدين بالتحريض على العنف بسبب مقالات نشرها؛ بالإضافة إلى زعيم منظمة لاهافا الكاهانية، بنتسي غوبشتاين، لذي حوكم في 2019 بعد عشرات الشكاوى ضده، علما بأن التحقيق مع الأخير استكر لسنوات، تم خلالها تقديم ثلاثة التماسات إلى المحكمة العليا، للمطالبة بإصدار قرار بحقه في ظل مماطلة الجهاز القضائي الإسرائيلي بهذا الشأن.
وأوضح معدا التقرير، ناروف وإيرز-لخوبسكي، أن الجهاز القضائي في إسرائيل الذي يترأسها كل من المستشار القضائي للحكومة والمدعي العام (النائب العام)، يشهد حالة من "الصمت المدوي والمستمر في وجه التحريض الجامح وغير المقيد للحاخامات الذين يزعمون أنهم يعبرون عن الشريعة اليهودية". وأضافا أن "هذه السياسة لا تنطبق على رجال الدين المسلمين ولا تطبق بالتساوي على اليهود والعرب.
التعليقات