د. بشارة لـ( البيان ): إسرائيل تعمل على تقسيم القرار "242" والدوس عليه

-

 د. بشارة لـ( البيان ): إسرائيل تعمل على تقسيم القرار
من المفترض ان يكون واضحا أن إسرائيل لم تتوصل إلى مفهوم ولو بالحد الأدنى للسلام العادل مع الفلسطينيين ، وإنما إسرائيل تحاول ان تتخلص من مشكلة برزت في الانتفاضة الثانية " انتفاضة الأقصى" خاصة في الوضع الإقليمي وتغييرات الوضع الدولي .

وقال النائب د.عزمي بشارة ان إسرائيل تحركت سياسيا وطرحت خطة فك الارتباط من جانب واحد في قطاع غزة ، دون ان تقتنع إسرائيل بشروط السلام العادل مع العرب ، ولم تقتنع أيضا بشروط حل الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 ،وحل القضية الفلسطينية .

وأضاف في حديث خاص بـ ( البيان )ان الخطوات الإسرائيلية مقتصرة على فك الارتباط في قطاع غزة دون ان تخفي إسرائيل ان مقابل ذلك ستكثف الاستيطان في مناطق بالضفة الغربية ، إسرائيل تنوي ضم المستوطنات اليها، ولهذا تعمل على تكثيف الاستيطان في شرقي القدس التي تعتبر جزء من الضفة الغربية احتلت عام 1967 .

وأوضح يقول: ان إعلان الهدنة ووقف إطلاق النار لم يؤثر على المخططات الإسرائيلية، بل واصلت إسرائيل ببناء الجدار، فالممارسات الإسرائيلية متواصلة ومستمرة.

واستدرك يقول: مخطىء كل من يعتقد ان شارون ذاهب الى عملية سلام حقيقية ، واخطأ كل من استقبل شارون، على أساس انه رجل سلام، فشارون يريد ان يحول الخطوات الإسرائيلية من جانب واحد الى ما يشبه عملية سياسية او عملية سلام متفق عليها.

وتابع ان شارون استفاد من طرح خطة فك الارتباط دون ان يفيد عملية السلام ، فشارون لا يخفي رغبته بتحويل الكرة الى الملعب الفلسطيني بعد إنهاء فك الارتباط ومطالبة الفلسطينيين بتنفيذ التزامات يدعي شارون انها واردة في خارطة الطريق.

وأوضح ان شارون يواصل الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب في الضفة الغربية ومن ضمنها الاستيطان، وضم الاستيطان لإسرائيل ، "شارون اعترف بكلية ما تسمى كلية "يهودا والسامرة" بجامعة من الجامعات الإسرائيلية تابعة للمجلس التعليم العالي الإسرائيلي ".

وأكد ان هذا الاعتراف بالجامعة في مستوطنة ارئيل هو الضم بعينه للمستوطنة لإسرائيل.

وعن تصريحات كونداليزا رايس التي وصفت فيها شارون بالرجل الشجاع ، لانه يريد تقسيم ارض إسرائيل، قال د.بشارة ان تصريحات رايس لها أهداف سياسية لا تخفيها ولا يخفيها بوش، استغلال فك الارتباط لإعطاء دعم سياسي لشارون، وجعله مقبول دوليا ، والتعامل معه على أساس انه رجل سلام، ابتزاز العالم العربي للتعامل مع شارون على أساس المفهوم السياسي الأمريكي. رايس وبوش يعرفان ان المشكلة لا تكمن في تقسيم ارض إسرائيل ،فهذه ليست ارض إسرائيل أصلا بل هي مناطق احتلت عام 1967، وتقسيم قرار التقسيم الصادر عن مجلس الأمن عام 1947 ، واليوم هناك محاولة لتقسيم المناطق المحتلة التي احتلت عام 1967 ، وإسرائيل تعمل على تقسيم قرار مجلس الأمن "242" والدوس عليه بالاحتفاظ بأجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا تقطيع لقرارات الشرعية الدولية إربا والدوس على قرارات مجلس الأمن التي لا تتحدث عن تقسيم بل عن انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة عام 1967 ، إذا أرادوا أن يتحدثوا عن التقسيم ، فقرار التقسيم هو قرار أخر ،اتخذ عام 1947 ، لا توجد شجاعة عند إسرائيل بل يوجد تعنت وصلف وغرور في التعامل مع الشرعية الدولية بدعم أمريكي غير محدود للغرور الإسرائيلي.

وعن كيفية وقف الغرور الإسرائيلي ،قال د.بشارة المطلوب هو تجاوز حالة العجز الذهني والثقافي العربي والمعنوي، فعلى العرب ان لا يتقبلوا خطوات شارون وعدم مساعدته في تقبلها لدى الرأي العام العربي، وأيضا عليهم ان لا يجملوا هذه الخطوات، فالخطوات الإسرائيلية هي من طرف واحد لا علاقة لها بالسلام ولا بعملية سلام ولا بعدالة ولا بحل، خطوات إسرائيلية بناءا على إجماع إسرائيلي ومصلحة إسرائيلية.

وأوضح يقول ان الخلاف مع المستوطنين عند تطبيق خطة فك الارتباط ، تريد إسرائيل استثمار هذا الخلاف مع المستوطنين لتجميل خطة فك الارتباط وتقديمها للعالم على أنها خطوات سلام، هذا لا يعني انه سيكون بالامكان وقف إسرائيل او الانتصار عليها، ولكن على الأقل تتوقف عملية التدهور والتراجع أمام الاملاءات الإسرائيلية عربيا وفلسطينيا.

ودعا الى عدم انشغال الفلسطينيين بأوضاعهم "ببعضهم البعض، وقال " هناك محاولة مفضوحة لكي ينشغل الفلسطينيون على مستويات مختلفة ببعضهم، وأنا لا اقصد بأوضاعهم الداخلية، ضروري ان ينشغل الفلسطينيون بأوضاعهم الداخلية وترتيب أمور كثيرة في داخل حركة التحرر الوطني الفلسطيني وداخل المجتمع الفلسطيني وداخل مؤسسات السلطة الفلسطينية، ولكن انشغال الفلسطينيين ببعضهم البعض هو أمر يهمش المقاومة الفلسطينية والممانعة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويجعلها تغطس في خلافات داخلية لها اول وليس لها أخر "في داخل الفصيل الواحد وبين الفصائل" .

وقال ان ما يجري "انشغال الناس ببعضهم ببعض" أمر خطير للغاية ، يتم فرضه اليوم في لبنان وفلسطين وعلى مستويات طائفية وحزبية وفصائلية، وتفرض اللعبة السياسية بمبادرات شارونية بدعم أمريكي، والعرب منشغلون عن السياسة، ومنشغلون عن الإصلاح بخلافات المحصصات.

وأوضح يقول ان الموقف الإسرائيلي متعلق بالمرحلة الانتقالية طويلة المدى، الطرح الشاروني يهدف لتجنب مفاوضات الحل الدائم، لان مفاوضات الحل الدائم ستفجر الموضوع بسبب عدم وجود أساس لاتفاق بين شارون والإجماع الإسرائيلي الراهن وبين الإجماع الفلسطيني الراهن حول ما يسمى بالحل الدائم.

واضاف يقول ان الحل الدائم قضية معقدة تحتاج الى عبقرية وابداع، فالحل الدائم ببساطة هو احترام حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية وعلى رأسها حق تقرير المصير والعودة الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 ،والاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وحدود الرابع من حزيران تشمل القدس، وأي محاولة للتلاعب في هذا المفهوم يعني عدم الاتفاق على الحل الدائم، وبالتالي طرح بدائل مثل مرحلة انتقالية طويلة المدى، وهذا يعني طرح موضوع الدولة على جزء من الأرض الفلسطينية كبديل لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، وآن الأوان لاستيعاب أن هذا هو الصراع المقبل، وهذه هي الكرة التي سترمى في ملعب الفلسطينيين بعد فك الارتباط.

وقال ان الفلسطينيين يمثلون حركة تحرر وطني، وإسرائيل تمثل الاستعمار ، وعلينا ان لا نقبل تعابير مثل التسوية والصراع، في فلسطين هنا احتلال، صحيح انه لا يوجد صراع متكافىء بين طرفين متكافئين نبحث له عن تسوية نحتاج فيها الى إبداعات عقل مثل شمعون بيريس ويوسي بيلين ونظرائهم الفلسطينيين، فالجاري على الأرض ليس بصراع وليس بحاجة لتسوية، هذا احتلال إسرائيلي، والاحتلال يجب ان يزول كشرط لأي سلام مع الكيان الإسرائيلي، فالشعب الفلسطيني واقع تحت الاحتلال وليس صراع بحاجة الى تسوية، يجب حل قضية الاحتلال بانسحاب الاحتلال الى حدود الرابع من حزيران 1967.

وتابع يقول ان شارون يريد ان يقضي على إمكانيات الحل العادل، ومن هنا جاءت خطوات فك الارتباط ، والخطوات الإسرائيلية من طرف واحد، من اجل إجهاض احتمال زوال الاحتلال الإسرائيلي عن الأراضي التي احتلت عام 1967 ، والتجاوب مع طرح شارون هو التجاوب مع الرؤية الإسرائيلية لإجهاض الحل العادل.

وعن تصريحات سلفان شالوم التي قال فيها (اذا فازت حماس بالانتخابات التشريعية، إسرائيل لن تنسحب من غزة) قال د.بشارة ان هذه التصريحات هي ابتزاز للرأي العام الفلسطيني، وهناك محاولة إسرائيلية للتدخل وابتزاز الرأي العام الفلسطيني، وعلى القوى السياسية الفلسطينية ان تطرح برامج بموجب الأجندة الوطنية الفلسطينية، وليس بموجب ما يتوقعه سلفان شالوم، الأجندة الفلسطينية تتطلب برنامجا سياسيا وموقفا ديمقراطيا في القضايا الداخلية، وعلى الفلسطينيين أن يديروا ظهورهم لمثل هذه التصريحات الإسرائيلية ، وعليهم طرح قضاياهم على ما هو صحيح "الأجندة الوطنية الفلسطينية"، فالتصريحات الإسرائيلية فيها تخويف للشعب الفلسطيني ولوضع حدود لحرية الخيار لديه تتمثل في (الرضا الإسرائيلي او الرضا الدولي او الإقليمي) ولتحويل الانتخابات الى انتخابات تحت سقف الهيمنة الإسرائيلية.

وحول محاولة إسرائيل بتصوير سياسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أنها تكرار لسياسة الرئيس الراحل ياسر عرفات، قال د.بشارة ان المحاولة الإسرائيلية ليست صحيحة، والرئيس عباس ليس نسخة عن الرئيس عرفات، لا في السياسة الداخلية ولا في السياسة الخارجية، أما إذا كان الموضوع هو التمسك بالثوابت التي تمسك بها الرئيس الراحل عرفات في كامب ديفيد ، فهي ليست ثوابت متحجرة بل هي مباديء (أ – ب) للعدالة النسبية فيما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني، فالتصوير الإسرائيلي هو بمثابة ضغط ومحاولة ابتزاز على الرئيس عباس، وإسرائيل بدأت حملة على تصوير الرئيس عباس كرئيس ضعيف، كما يجري تصوير رؤساء عرب آخرين في المنطقة من اجل ابتزازهم سياسيا، ولدفع الرئيس عباس باتجاه المواجهة مع قوى وفصائل فلسطينية، ومن اجل إحداث ضغط دولي سياسي لكي يقبل بالأجندة الإسرائيلية، والتصريحات الإسرائيلية محاولة ابتزاز فيها نوع من التهديد، وكأن الرئيس عباس هو مجرد مرحلة انتقالية في حال رفضه للاملاءات الإسرائيلية.

وأوضح يقول ان شارون يرى ان حرب الاستقلال ليس لها علاقة بفك الارتباط، شارون مصر على ما يسميه بحرب الاستقلال ما زالت مستمرة ، وشارون يتصرف وكأنه في حالة حرب مستمرة مع العرب، وبرأي شارون ان إسرائيل موجودة طيلة الوقت في صراع وجود، من اجل تعبئة الرأي العام الإسرائيلي، الى ان يقبل العرب ليس بوجود إسرائيل وإنما ايضا بحق إسرائيل الشرعي التاريخي، وكل خطوة تحاول إسرائيل ان تفسرها وكأنها في حالة حرب.

وعن تخفي شمعون بيريس بوجه حمامة السلام ، قال د.بشارة ان مواقف بيريس "يريد إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي تنسحب منها إسرائيل فقط" ولبيريس مواقف قريبة من مواقف شارون، وبيريس يؤمن بضرورة الفصل الديمغرافي مع الفلسطينيين كأساس وليس بهدف العدالة، والفصل كأساس للكيان السياسي الفلسطيني، الكيان السياسي الفلسطيني يتولد عن حاجة إسرائيل بالفصل الديمغرافي، وليس عن حل شامل ودائم، والحل الإسرائيلي يجب ان يضمن فصل اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين عن إسرائيل على اصغر رقعة من الأرض الفلسطينية ، وبيريس ضالع في هذه المفاهيم .


القدس المحتلة – مكتب البيان – حوار عبدالرحيم الريماوي



التعليقات