عملية إسرائيلية خطيرة فاشلة وضعت المنطقة على حافة حرب

"من الممكن الاعتقاد بأن العملية كانت تهدف لجمع معلومات استخبارية قد تكون ذات صلة بالبنى التحتية العسكرية لحركة حماس، مثل شبكة الأنفاق أو منظومات تطوير الأسلحة، خاصة وإن إسرائيل تستغل في السنوات الأخيرة حالة الفوضى التي تعم العالم العربي"

عملية إسرائيلية خطيرة فاشلة وضعت المنطقة على حافة حرب

جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة (أ ب)

مما لا شك فيه أن التصعيد الحالي نجم بشكل مباشر عن العملية العسكرية التي حاولت قوات الاحتلال تنفيذها في منطقة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، والتي فشلت بعد اكتشاف عناصر وحدة الاحتلال الخاصة، وأسفرت عن استشهاد 7 فلسطينيين ومقتل ضابط إسرائيلي وإصابة آخر، ووضعت المنطقة على حافة حرب جديدة، رغم الجهود الكبيرة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد بين إسرائيل وقطاع غزة.

وتشي ظروف العملية والتكتم الإسرائيلي حول أهدافها بأنه من المرجح أن الحديث عن عملية كان يفترض أن تكون واحدة من سلسلة عمليات استخبارية كثيرة دأبت قوات الاحتلال على القيام بها بسرية تامة، بحيث لا تمس بالجهود والنوايا المعلنة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد.

وفي هذا الإطار تساءل المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، عن توقيتها، خاصة وأنها جرت في أوج جهود متواصلة للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد مع قطاع غزة، بينما يشارك رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو في مؤتمر سياسي مهم في فرنسا، وبعد ساعات معدودة من خطاب طويل له في مؤتمر صحفي تحدث فيه عن السبب الذي يدعوه لبذل الجهود للتوصل إلى تسوية مع قطاع غزة، وعدم تدهور الأوضاع إلى الحرب.

ولفت إلى أنه في حين تحدثت التقارير الأولية من الجانب الفلسطيني عن عملية اغتيال أو محاولة اختطاف قائد كبير في الذراع العسكرية لحركة حماس، فإن إسرائيل الرسمية تأخرت في تعقيبها لساعات طويلة، ثم أعلنت، صباح الإثنين، أن الحديث ليس عن عملية اغتيال، وإنما عن "عملية سرية" آخرى.

وشكك في أن يكون استهداف قائد عسكري في حماس يبرر العودة إلى سياسة الاغتيال. وأنه في كل الأحوال، لو كان هذا ما تسعى إليه إسرائيل، فإن هناك طرقا أخرى لتنفيذ ذلك دون تعرض قوات برية للخطر في عملية داخل قطاع غزة.

وكتب أن نتنياهو غارق جدا في جهود التسوية مع حماس أكثر مما يجعله يصادق الآن على مثل هذا الاغتيال، في حين أن الجيش لا يقدم الكثير من التفاصيل.

وبحسبه، فمن الممكن الاعتقاد بأن العملية كانت تهدف لجمع معلومات استخبارية قد تكون ذات صلة بالبنى التحتية العسكرية لحركة حماس، مثل شبكة الأنفاق أو منظومات تطوير الأسلحة، خاصة وإن إسرائيل "تستغل في السنوات الأخيرة حالة الفوضى التي تعم العالم العربي لتنفيذ عمليات مماثلة خلف الحدود، علما أن غالبية هذه العمليات لا يتم الكشف عنها ولا تصل إلى الجمهور".

في المقابل، يشير إلى أن عملية الكشف عن الجنود الإسرائيليين كانت "خللا عملانيا" يلزم بإجراء تحقيق داخلي معمق في الجيش. وتساءل عما إذا كان هناك أحد قد كشف لحركة حماس هوية الجنود، الذين كانوا يرتدون ثياب المستعربين.

وبحسب التفاصيل الأولية التي وصلت صحيفة "هآرتس"، فإن الجنود، وهم من وحدة خاصة، تم اكتشافهم من قبل قوة حراسة تابعة لحركة حماس في منطقة قرية عبسان، شرقي خان يونس. ونقلت عن المتحدث باسم الجيش، رونين منليس، قوله إن "عناصر الوحدة كانوا في أوج عملية متواصلة". وقتل في العملية قائد الوحدة في تبادل إطلاق النار الأولي، وأصيب نائبه بالرصاص، إلا أنه تمكن من الوصول إلى قوات الإنقاذ.

وبحسب تقرير "هآرتس"، فإن عناصر الوحدة الخاصة أطلقوا النار، وتمكنوا من إصابة عدد من عناصر حماس، وبعد ذلك تم إخراجهم من المكان بمساعدة الطيران الحربي الذي قصف أهدافا كثيرة في المنطقة. وفي هذا السياق، أكدت مصادر فلسطينية أنه تم إخراجهم من المكان بمروحية عسكرية، ثم قام الجيش باستهداف المركبات التي كانوا يستقلونها. وعرضت صور لمركبتين محترقتين.

وكانت قد أكدت تقارير أن حطام المركبة الإسرائيلية أظهر أنها كانت تحمل تجهيزات كثيرة، بينها ملابس للجيش الإسرائيلي وأغطية ومواد غذائية ومشروبات وكرسي متحرك وكوابل كهربائية ولوحات طاقة شمسية وخيام، بما يرجح أنها كانت بمثابة غرفة عمليات خطط لها لتنفيذ عملية واسعة النطاق.

وكانت كتائب القسام قد قالت إن عملية التوغل جنوبي قطاع غزة لم تكن تستهدف اغتيال القيادي نور بركة بشكل خاص، بل تنفيذ مخطط عدواني كبير استهدف خلط الأوراق.

إلى ذلك، كتب هرئيل في "هآرتس" أن العملية انتهت دون أن يتم اختطاف أحد من عناصر الوحدة الخاصة، مضيفا أنه لو انتهت العملية بقتلى أكثر ومختطفين لكان سينظر إليها على أنها حدث إستراتيجي يؤدي إلى تصعيد خطير، علما أن إسرائيل تورطت في السابق في حروب، مرتين خلال أقل من شهر في صيف عام 2006، في قضية أسر الجندي غلعاد شاليط، واختطاف جنديين قبيل الحرب العدوانية الثانية على لبنان. وبالتالي فإن عملية "اختطاف جندي في وحدة خاصة كان من شأنها أن تضاعف أبعاد الحدث، في ظل المخاطر الاستخبارية التي تنطوي عليها العملية".

كما تطرق إلى استهداف حافلة الجنود بصاروخ مضاد للدبابات، واعتبر ذلك بمثابة تحذير، حيث سبق وأن استخدمت حركة حماس كمائن مماثلة لاستهدف جيب عسكري أو حافلة قرب السياج الحدودي.

واعتبر المحلل العسكري أنه "ليس كل ما يحصل في الدولة مرتبط بالتحقيقات مع نتنياهو"، حيث أن "مثل هذه العمليات يجري التخطيط لها لوقت طويل قبل تنفيذها، كما أنها لا تهدف لإشعال حرب، أو تحويل الأنظار عن مشهد نتنياهو وهو في حالة ضغط شديد لدى سؤاله، قبل أيام، عن قضية الغواصات".

التعليقات