ماذا تعني التهديدات الإسرائيلية بـ"رد شديد" في لبنان وما هي طبيعته؟

محللون: تاريخ التعهدات بردود شديدة، منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم، تفيد بأنه "يسهل التعهد، لكن يصعب التنفيذ. فالمعضلة لدى صناع القرار هي كيف بالإمكان تدفيع العدو ثمنا كبيرا، بدون فتح جبهة بقوة عالية"

ماذا تعني التهديدات الإسرائيلية بـ

نتنياهو يتوسط هليفي وغالانت خلال مداولات أمنية، الأسبوع الماضي (Getty Images)

هدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، في اليومين الماضيين، بـ"رد شديد" ضد لبنان وحزب الله على سقوط القذيفة الصاروخية في مجدل شمس التي أدت إلى كارثة مقتل 12 طفلا وفتى، فيما تساءل محللون إسرائيليون اليوم، الثلاثاء، حول معنى "الرد الشديد" وشكله وما إذا كانت إسرائيل ستنفذه.

ووفقا للمحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، فإنه إذا أصدر مؤرخ إسرائيلي في المستقبل كتابا حول التعهد بردود شديدة، منذ تأسيس إسرائيل حتى اليوم، وماذا تحقق من هذه التعهدات، "سيستنتج أنه يسهل التعهد، لكن يصعب التنفيذ".

ورأى برنياع أن الصاروخ الذي انفجر في مجدل شمس، "سقط هناك بالخطأ، وقصدوا استهداف جنود يهود"، معتبرا أن الحرب الحالية "معرضة لأخطاء من هذا النوع"، وأن الجيش الإسرائيلي ارتكب "أخطاء" كهذه، بينها قتل جنوده في قطاع غزة ثلاث رهائن إسرائيليين و7 عاملي إغاثة دوليين، وأحداث أخرى مشابهة.

ودعا إلى "وضع إطار للواقع الذي نعيش فيه منذ عشرة أشهر. فهذه اللعبة كانت مستباحة وخطيرة وتستدعي كارثة منذ اليوم الأول. والحدث في يوم السبت كان نتيجة. وحكومات حكيمة تقرر خطواته بموضوعية، وحكومات أقل حكمة تقررها وفقا للنتيجة".

أهالي الجولان يتظاهرون ضد زيارة نتنياهو لمجدل شمس، أمس (Getty Images)

واعتبر أن الحكومة الإسرائيلية استُدرجت إلى حرب استنزاف مع حزب الله، ولم تبادر إلى حرب، بسبب "التخوف من تدخل إيران بشكل واسع، يلحق أضرارا كبيرة في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، والضغط الأميركي، والنقص بالوحدات المقاتلة والذخيرة".

وحسب برنياع، فإنه "في الجيش الإسرائيلي فوجئوا عندما اكتشفوا أن يوجد لدى نتنياهو تعامل مختلف تجاه الجبتين: في الجنوب هو يدفع من أجل إطالة القتال، متوهما أنه في مرحلة معينة سيكون بإمكانه الادعاء أنه وصل إلى انتصار مطلق؛ وفي الشمال هو يخشى من التورط".

وأضاف أنه "من الناحية النظرية، الحكومة تنتظر صفقة مع حماس تؤدي إلى وقف هجمات حزب الله طواعية والعودة إلى الاتفاق الذي أنهى حرب لبنان في العام 2006، مع التعديلات المطلوبة. ونظريا، لأن الحكومة نفسها تحبط الصفقة مع حماس، فإن اليد اليمنى تحبط اليد اليسرى".

وتساءل إذا كان يتعين على إسرائيل أن تستثمر مواردها في حرب ضد إيران بدلا من أذرعها، "حماس وحزب الله وفي سورية والحوثيين"، وأشار إلى أنه "نعرف كيف نلسع إيران ولا نعرف كيف نؤلمها. ونحن نرفض أي تحالف إقليمي ضدها. ومقابل محور الشر، نتنياهو يضع محور البكاء. وهكذا لا يبنون انتصارا".

ورأى برنياع أن "السنوات العشر الأخيرة تتلخص بنجاح هائل للنظام الإيراني في المواجهة العسكرية والسياسية مع إسرائيل. فقد رسخت حلفها مع روسيا والصين، وتقدمت نحو قدرة نووية عسكرية، واستهداف الأذرع الإيرانية لإسرائيل وأمنها في الداخل ومكانتها في الخارج. ولا توجد إجابات لدى إسرائيل في هذه الأثناء على هذه التحديات. ونحن لسنا بحاجة إلى رد شديد، وإنما إلى رد ناجع وفاعل".

وتطرق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى تهديدات نتنياهو وغالانت بـ"رد شديد" ضد حزب الله، معتبرا أن "الرد متوقع قريبا، لكن شدته وطبيعة رد حزب الله، سيملي شكل المواجهة في الفترة القريبة".

وأشار إلى ضغوط أميركية وفرنسية وأخرى تمارس على إسرائيل كي يكون الرد مدروسا والامتناع عن إشعال حرب إقليمية، "ففي المرتين السابقتين ترددت إسرائيل حيال الرد واختارت في النهاية توجها وسطيا".

وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي في إيران ردا على الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيرة، في نيسان/أبريل، استهدف مُركبات حيوية في منظومة الدفاع الجوي S-300، الموجودة حول منشآت البرنامج النووي الإيراني. والشهر الحالي، استهدفت إسرائيل خزانات وقود في ميناء الحديدة اليمني، "في رد شديد نسبيا على إطلاق الحوثيين مسيرة باتجاه تل أبيب وأسفرت عن مقتل إسرائيلي واحد".

وتابع أن "تعالت انتقادات على الرد في إيران أنه كان معتدلا نسبيا. ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية الهجوم في اليمن على أنه ملائم. وفي نهاية الأمر، كانت المعضلة نفسها موضوعة أمام صناع القرار في إسرائيل في كل مرة: كيف بالإمكان تدفيع العدو ثمنا كبيرا، بدون فتح جبهة بقوة عالية، تصرف التركيز عن القتال ضد حماس في قطاع غزة، التي تصر حكومة نتنياهو على مواصلتها؟".

ووفقا لهرئيل، فإن "هذا هو التردد الحالي أيضا. فقد خوّل الكابينيت السياسي – الأمني نتنياهو وغالانت والقيادة الأمنية باتخاذ القرار بشأن الرد ضد حزب الله وتوقيته. رغم ذلك، لا تزال حدود الإمكانيات واضحة. ووفقا للتقارير في وسائل الإعلام الدولية، الجميع يدرك أن إسرائيل ستهاجم. والدول العظمى الغربية تطلب أن يكون الهجوم محصورا ضد أهداف عسكرية محددة، وألا يتوسع إلى درجة جولات قصف طويلة وألا يشمل بيروت".

ووصف هرئيل تقرير وكالة الأسوشيتد برس، أمس، أن حزب الله بدأ بنقل صواريخه دقيقة استعدادا لحرب مع إسرائيل، بأنه مقلق. "ومن الجائز أن هذا التقرير كان تلميحا هدفه التحذير من هجوم إسرائيلي شديد. لكن من الواضح جدا أن كلا الجانبين يقفان عن حافة منحدر وقد ينزلقا إليه بسرعة".

التعليقات