لهم النمو ولنا الحمص والفول!../ نبيل أرملي

-

لهم النمو ولنا الحمص والفول!../ نبيل أرملي
مقابل صحيفتين اقتصاديّتين يوميّتين وملاحق اقتصاديّة ثابتة في كبرى الصحف العبريّة اليوميّة في إسرائيل، ومقابل وجود صحافيّين اقتصاديّين متخصّصين في عالم المال والأعمال محليًا وعالميًا، تحتل الأخبار والمواضيع الاقتصاديّة والماليّة في كافة الصحف العربيّة في إسرائيل حيّزًا محدودًا للغاية، يكاد ينعدم في بعض الأحيان، ويغيب في هيئات تحرير تلك الصحف وجود صحافيّين اقتصاديّين متخصّصين في هذا المجال ممّا يؤدي في نهاية المطاف إلى حصول قارئ تلك الصحف على وجبة خفيفة، مملّة وسطحيّة للتطوّرات الاقتصاديّة المحليّة والعالميّة والتي قد تؤثّر مباشرة على جيبه وعلى سلوكه الاقتصادي.

إهمال صحفنا العربيّة المحليّة لتغطية مجريات الحياة الاقتصاديّة الدائرة حولنا هو إهمال “طبيعي”، إن صحّ التعبير، له أسبابه ومبرّراته المنطقيّة التجاريّة الباردة. فنسبة كبيرة من قرّاء تلك الصحف هم من الكادحين وراء لقمة العيش، يعيشون تحت كنف خط الفقر أو يتأرجحون عليه، وهم محشورون في هامش اقتصاديّ يكاد يكون مفصولاً عن المركز ولا يصله من الأخير سوى فتات الفتات، هامش اقتصادي يكاد يحمل جميع مزايا اقتصاد دولة عالم ثالث. إنّ معطيات مجتمعنا العربي الاقتصاديّة، مثل معدلاّت البطالة بشكل عام وبطالة الأكاديميّين بشكل خاص ونوعية العمالة وانعدام البنى التحتيّة ومعدّلات الدخل وفرص العمل المتاحة وسلوكيّات التوفير والاستهلاك وما شابه من معطيات، هي خير دليل على “ثالثيّة” عالمنا اقتصاديًا.

وبخلاف اللعبة السياسيّة الإسرائيلية التي يشارك فيها غالبية الساسة العرب حتى ولو كلاعبي احتياط، فعندما يدور الحديث عن الاقتصاد الإسرائيلي، يكون عرب البلاد خارج اللعبة تماما. تجاهل الصحف العربيّة المذكور أعلاه لتغطية الأحداث الاقتصادية يحرم المواطن العربي حتى من صفة المُتفرّج.

لو كان المواطن العربي متفرجًا لعرف أنّ نسبة نمو الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من العام المنصرم كانت 8%. نسبة نمو كهذه تميّز الاقتصاديات المتطوّرة في العالم، فقط، وتبرهن على أنّ الاقتصاد والأسواق الإسرائيلية هي من أكثر الاقتصاديات والأسواق ربحًا في العالم. لو كان المواطن العربي متفرجًا لعلم أنّ مؤشرات البورصة في شارع “أحاد هعام” في تل-أبيب تشهد ارتفاعات لم يسبق لها مثيل وأن المستثمرين الأجانب يغدقون الأسواق الإسرائيلية بالدولار واليورو لإيمانهم بجدوى الاستثمار في البلاد المقدسة، وأنّ الميزان التجاري الإسرائيلي أصبح إيجابيًا، أي أنّ إسرائيل تصدر أكثر مما تستورد... والمزيد المزيد.

أعلن مؤخرا بنك HSBC ، ثاني أكبر بنك في العالم، أنّ الاقتصاد الإسرائيلي لم يكن في تاريخه أحسن مما هو عليه الآن. هل توافقه الرأي عزيزي القارئ؟ لا تتعب نفسك في التفكير في الإجابة، وتذكر: أنت خارج اللعبة!!

التعليقات