موجة غلاء وبوادر أزمة

هناك عدد من التحليلات الإسرائيلية تتهم الحكومة بإدارة خاطئة للاقتصاد في السنوات الأخيرة. فعلى الرغم من تغني الحكومة بالاستقرار الاقتصادي وعدم تأثر اسرائيل بشكل قوي من الازمة المالية العالمية، والحفاظ على الاطار العام للميزانية وإطار الموازنة، يرى عدد من المحللين ان سبب بوادر الازمة المالية الاقتصادية في إسرائيل هو تعامل الحكومة في السنوات الاخيرة „بكرم مع مواطنيها”.

موجة غلاء وبوادر أزمة

قسم من بنود مصاريف الأسر العربية والأسر اليهودية (استطلاع الدخل والمصاريف للعام 2010).

صادقت الحكومة الإسرائيلية بداية شهر آب، بأغلبية 20 وزيرا ومعارضة 9 وزراء، على تقليص نسبة 5% من ميزانيات وزاراتها المختلفة، باستثناء ميزانيات وزارات الدفاع والتربية والتعليم والرفاه واستيعاب الهجرة اليهودية، وعلى زيادة الضرائب على السجائر والبيرة، وتعديل في جداول ضريبة الدخل، بغية خلق مصادر دخل جديدة وتقليص المصاريف لسد عجز مالي متوقع بقيمة 15 مليون شيكل من ميزانية العام 2013.

وقررت الحكومة أيضا زيادة الدخل من جباية الضرائب بمبلغ 3 مليارات شيكل خلال العام الحالي، وزيادة هذا الدخل في العام 2013 بمبلغ 14.4 مليار شيكل. كذلك قررت تقليص بنود الإنفاق الحكومي بمبلغ 700 مليون شيكل في العام الحالي، و1.2 مليار شيكل في العام المقبل.

بعد كل إجراءات التقشف تلك وإسقاطاتها على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، طالعتنا الصحافة الإسرائيلية، هذا الأسبوع، بتقرير جديد لوحدة الأبحاث في وزارة الزراعة يحذّر من موجة غلاء جديدة ستطال عددًا كبيرًا من المواد الغذائية، خاصة منتجات الألبان والأجبان والبيض واللحوم، تتراوح بين 7% الى 16% لغاية نهاية العام الحالي، إضافة الى موافقة وزارة التجارة والصناعة والتشغيل رفع سعر الخبز المدعوم بنسبة 6.5 %.

هناك عدة اسباب لموجة الغلاء الحالية، اهمها اسباب عالمية تتعلق بالجفاف الحاد الذي ضرب عدة مناطق زراعية إستراتيجية بالعالم، منها الولايات المتحدة، الصين، والهند وروسيا، مما ادى الى تقليص حاد في المحاصيل العالمية للحبوب والبقاليات، مما خلق نقص كبير في الأسواق، في وقت يتنامى فيه الطلب العالمي على المواد الغذائية. اضف الى ذلك قرار دول عديدة، خاصة في جنوب أمريكيا، زراعة الذرة لصناعة البنـزين البيولوجي نتيجة لارتفاع اسعار النفط في العالم.

إلا ان تحولات المناخ والجفاف ليست الاسباب الوحدية لعدم استقرار الاسعار والعرض والطلب العالمي؟ فهناك أيضًا أسباب سياسية وعسكرية، منها زيادة التوترات في الشرق الاوسط، والعقوبات الاقتصادية على ايران التي تساهم في رفع اسعار النفط عالميًا. هذه الأسباب مجتمعة تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي، وإلى رفع أسعار السلع والمنتجات الغذائية. لكن هناك طبعًا أسباب داخلية في دولة إسرائيل تزيد من العبء الاقتصادي على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وخاصة على العائلات العربية كون حصة المصروف على بنود الغذاء والخضار والفواكة من مجمل ميزانية العائلة العربية اكبر من حصتها لدى ميزانية الأسر اليهودية، كما تبين معطيات استطلاع المصاريف لدائرة الاحصاء المركزية في العام 2010. وتبلغ حصة المواد الغذائية قرابة 23% من ميزانية الاسرة العربية مقابل مقابل 15% من ميزانية الاسر اليهودي.

اسباب محلية لارتفاع الاسعار وبوادر الازمة الاقتصادية
هناك عدد من التحليلات الإسرائيلية تتهم الحكومة بإدارة خاطئة للاقتصاد في السنوات الأخيرة. فعلى الرغم من تغني الحكومة بالاستقرار الاقتصادي وعدم تأثر اسرائيل بشكل قوي من الازمة المالية العالمية، والحفاظ على الاطار العام للميزانية وإطار الموازنة، يرى عدد من المحللين ان سبب بوادر الازمة المالية الاقتصادية في إسرائيل هو تعامل الحكومة في السنوات الاخيرة „بكرم مع مواطنيها”.

وتدعي هذه التحليلات ان الحكومة صادقت على علاوات أجور كبيرة للأطباء والعاملين في النيابة العامة والعاملين الاجتماعيين. ومولت عمليتي إصلاح وعلاوات أجور المعلمين وغيرت وجه جهاز التعليم. ورصدت مليارات في تمويل (قانون) التعليم الإلزامي من سن ثلاثة أعوام، ووسعت الحضانات وروضات الأطفال للأجيال المبكرة وهناك مليارات تم ضخها إلى التعليم العالي، ورُصدت عشرات المليارات إلى البنى التحتية. وقامت ايضا بتوزيع ميزانيات كبيرة على شركاء الائتلاف وضخ 11 مليار الى المستوطنات. والان جاء وقت دفع الفاتورة، بسبب تراجع دخل الدولة من الضرائب، وبسبب ارتفاع البطالة، وانخفاض الصادرات. والحكومة تريد ان تقوم بكل هذا دون ان تمس بميزانية الأمن وميزانيات الاستيطان.  

التعليقات