رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا، اليوم الثلاثاء، التماسا تقدمت بها جمعية "حقوق المواطن" بالتعاون مع "مركز مساواة"، باسم عدد من أهالي مدينة "نوف هجليل" بشأن إقامة مدرسة عربية في المدينة المحاذية لمدينة الناصرة.
وادعت المحكمة أنها استندت في حكمها على قرار المحكمة المركزية التي كانت قد بنت موقفها على استبيان ادعت البلدية أنها أجرته بين جميع أولياء أمور الطلاب العرب في المدينة، وأظهر "أن الغالبية العظمى من الآباء العرب غير مهتمين على الإطلاق بإنشاء مدرسة عربية"، على حد ادعاء البلدية.
وطالب الملتمسون بإلزام كل من وزارة التعليم وبلدية "نوف هجليل" بإقامة مدرسة عربية حكومية في المدينة دون علاقة باستبيان رأي الأهالي حول هذه المسألة، علما بأن 27% من سكان المدينة وأكثر من ثلث طلابها في جميع الفئات العمرية هم طلاب عرب. وأكدوا أن الاستبيانات التي وزعتها البلدية لا تعكس موقف سكان المدينة العرب من القضية المتنازع عليها.
وكان الرئيس السابق لبلدية "نوف هجليل" التي كانت تسمى "نتسيرت عيليت" في حينه، شمعون غابسو، معارضا بشدة لإقامة مدرسة عربية في المدينة، في حين أن الرئيس الحالي، رونين بلوت، أبدى ليونة إزاء القضية، داعيا إلى الحوار ومناقشة الموضوع، وأجرى استبيانا بين المواطنين العرب لفحص مدى رغبتهم بإقامة مدرسة عربية، وما إذا كانوا على استعداد لإرسال أبنائهم للتعلم في المدرسة التي ستكون بديلا لهم عن مدارس الناصرة، إلا أن الاستبيان فشل ولم يصل إلى أصحاب الشأن والمعنيين من أهالي الطلاب ولم يف بالغرض.
تعقيب جمعية حقوق المواطن
وعقبت جمعية حقوق المواطن إنه "رفض اثنان من القضاة الثلاثة مطالب الجمعية إلزام البلدية بإقامة مدرسة عربية حكومية بدءًا من العام الدراسي المقبل، إلا أن رأي أغلبية القضاة في قرار الحكم كان حول الفشل الخطير لنظام التعليم في نوف هجليل والذي يهمل طلابه العرب".
ووفقا للجمعية، قال مقدّم الالتماس المحامي عوديد فيلر، إنه "منذ ثماني سنوات نرافق الأهالي والأولاد العرب من سكان نوف هجليل (نتسيرت عيليت) في نضالهم ومطالبتهم للبلدية ووزارة التعليم بإقامة أول مدرسة عربية حكومية في المدينة. على الرغم من أن أكثر من 27٪ من سكان نوف الجليل، وأكثر من ثلث طلابها هم من العرب، إلا أنه لا توجد مدرسة واحدة يمكنهم الدراسة فيها بلغتهم الأم".
وأضاف أنه "تم إصدار الحكم في الاستئناف الذي قدمناه باسم الأهالي والأولاد. إن مطالبتنا إلزام البلدية بإقامة مدرسة عربية رُفضت على يد اثنين من القضاة الثلاثة، لكن الواقع - حسب رأي الأغلبية- غير مقبول، ويُلزم البلدية بالعمل على تغييره. لقد تقرر أن للأطفال الحق في الدراسة بلغتهم الأم العربية في نظام الدولة، وبالتالي فإن من واجب البلدية أن تسأل الأهل الذين يسجلون أطفالهم للدراسة في رياض الأطفال العربية في المدينة؛ ما إذا كانوا يريدون تعليمًا حكوميًا باللغة العربية لأطفالهم. كما نص الحكم على أن البلدية ووزارة التعليم ملزمتان بصياغة حلول من شأنها تطبيق حق الأطفال العرب في التعليم باللغة العربية في نوف هجليل. خلصت القاضية باراك إيريز إلى القرار أنّ على البلديّة ووزارة التربية والتعليم أن تقوما بإنشاء مدرسة عربيّة في العام الدراسي المقبل دون تأخير، في حين عارضها القاضيان إيلرون وچروسكوپف وبذلك رُفض الاستئناف. لقد قبلت القاضية باراك إيريز حججنا في الاستئناف. وذكرت أن المعطيات عن الطلبة العرب سكان المدينة تدل على الحاجة، وأن تصرفات البلدية غير مناسبة. كنا نأمل أن يتم إصدار أمر بإقامة المدرسة الآن، ونأسف لكون المحكمة لم تأمر الطرفين بذلك. ومع هذا، فإن في نص الحكم ما يمهد الطريق لإقامة أول مدرسة عربية حكومية في نوف هجليل مستقبلًا، وسيظل الحق في إقامة مثل هذه المدرسة، كما في كل مدينة مختلطة، قائمًا".
وكان أحد مقدمي الدعوى القضائية، رشدي سلايمة، قد أوضح في حديث لـ"عرب 48"، أنه "رافقت الاستبيان حملة تخويف من قبل البلدية والتلويح بإمكانية شطب أسماء الطلاب من ملفات التسجيل، وأنهم قد يتعرّضون لمشاكل في تسجيل الطلاب في المستقبل إذا ما أصروا على مطلب إقامة المدرسة العربية وما إلى ذلك، ورغم حملة التخويف هذه فقد أظهر الاستبيان أن 79 عائلة موافقة على إقامة مدرسة عربية، يضاف إليها مئات العائلات التي لم تصلها استمارة الاستبيان".
يذكر أن عدد الطلاب العرب في مدينة نوف هجليل يبلغ نحو 3000 طالب، يتعلم معظمهم في مدارس مدينة الناصرة، باستثناء أطفال الحضانات ورياض الأطفال، ويشكّلُ الطلاب العرب ما يزيد عن 27% من مجمل عدد الطلاب في نوف هجليل.
وعن نوع المدرسة العربية التي يطالب المواطنون العرب بإقامتها، قال سلايمة إنه "نخطط لإقامة مدرسة نامية، تبدأ بالمرحلة الابتدائية، وتكبر مع تطور مراحل التعليم إلى إعدادية ومن ثم تتحول إلى مدرسة شاملة".
وكان المواطنون العرب من أهالي مدينة "نوف هجليل" قد توجهوا إلى القضاء بهذا الشأن، وقد نوقشت القضية في المحكمة المركزية، وتم تجميد المسار القضائي في المحكمة حين أبدى رئيس البلدية الحالي تفهما لمطلب المواطنين، داعيا إلى الحوار والتوصل إلى حل وسط يرضي الجميع.
ورأى سلايمة أن موقف الرئيس السابق غابسو المتعنت والرافض لإقامة مدرسة مهما كلّف الأمر، يبقى أكثر وضوحا من موقف الرئيس الحالي الذي يعتمد المماطلة والمراوغة، وهو ما جعل الأهالي يتوجهون إلى المحكمة العليا بواسطة جمعية حقوق المواطن.
وكانت جمعية حقوق المواطن قد أوضحت بعيد تقديم الالتماس في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، أن أكثر من 90 بالمئة من الطلاب العرب الذين يعيشون في المدينة، والذين يرغبون في الدراسة بلغتهم الأم، يُجبرون على الدراسة في البلدات العربية القريبة؛ معظمهم في الناصرة.
وذكرت الجمعية أن قرابة 10500 مواطن عربي، يعيشون في مدينة نوف الجليل، ويشكلون حوالي ربع سكان المدينة. ونحو ثلاثة آلاف منهم هم أطفال ويشكلون أكثر من ثلث طلاب المدينة. ومع ذلك، فإن نوف هجليل هي المدينة المختلطة الوحيدة التي لا توجد بها مدرسة حكومية عربية واحدة.
وأوضحت الجمعية: "منذ العام 2013، توجه أهالي الطلاب إلى رئيس البلدية آنذاك، شمعون غابسو، مطالبين بإقامة مدرسة عربية نامية، وبدلا من الاستجابة لطلب سكان مدينته أجاب غابسو بأن الطلب هو 'بيان سياسي قومي استفزازي' وأن 'إنشاء مؤسسات تعليمية عربية في الناصرة العليا معناها الوحيد هو تنازل عن طابع المدينة كمدينة يهودية'".
وأضافت: "تمت مناقشة هذه القضية في الكنيست أيضًا، وفي ذلك العام اعترفت لجنة التربية والتعليم بحق السكان العرب بوجود مدرسة في مدينتهم. وأصدر وزير التربية التعليم آنذاك شاي بيرون، تعليمات لإنشاء مدرسة عربية حكومية في المدينة. ومع ذلك؛ وبقرار لم يسبق له مثيل؛ أعلنت وزارة التربية التعليم عن موافقتها على اعتراض رئيس البلدية غابسو على إنشاء المدرسة".
وأردفت: "قدم الأهالي التماسا إلى المحكمة وتعهدت البلدية ووزارة التربية التعليم بالنظر في الحاجة إلى المدرسة. بعد حوالي عام، أعلنت وزارة التربية التعليم أنها لا تزال متمسكة بموقفها. لذلك تكرر تقديم الالتماسات من قبل الأهالي حتى تعهد رئيس البلدية الجديد رونين بلوت، بدراسة المسألة وإجراء استطلاع لمعرفة مدى الحاجة لإقامة المدرسة قبل اتخاذ القرار".
التعليقات