31/10/2010 - 11:02

سقوط الشاطر رامون/ وليد أيوب

سقوط الشاطر رامون/ وليد أيوب
يتنوّع البشر من حيث ميولهم وأولوياتهم وطرق تفكيرهم، ويختلفون في أهوائهم وفي إنجازاتهم، كأن تجد شخصا يفلح في فلاحة الأرض وآخر في التجارة وثالث في قيادة الطائرة، وعاشر في صنع القنبلة النووية.. وهلمجرا، فهذا يحالفه الحظ فتكون يداه من ذهب، وآخر أكرمه الله بالعقل والتفكير، وذاك قوّى الله رجليه فبات يحرز الـ "ماراثون"، وقس على ذلك.

ويختلف البشر ويتنوّعون ما بين أصيل ومارق وكريم يحترم كرامته ويحافظ على احترامه، فلا يسرق ولا يكذب ولا يعتدي على الغير ولا يتعدّى حدود الأدب ولا يزني ولا يقتل، ويتجنّب النميمة وظلم الناس والفعل الرديء ويعمل بالمعروف وينهى عن المنكر..
فبماذا منّ الله على وزير العدل المستقال، حاييم رامون؟..

لقد منحه عقلا راجحا ارتقى به إلى أعلى المراتب التي يحسده عليها حتى الكبار.. ولقد نال حظوة كبيرة لدى الناس الذين قدّروا له إمكانياته كما لدى سدنة الدولة الذين رأوا فيه شابا ذكيّا ومجتهدا يمكنهم الإعتماد عليه والوثوق بأنه سينجز ما يوكل إليه على أحسن وجه.

لكن الوزير وقع، وتذكّرنا وقعة رامون بالمثل القائل إنه لا يقع إلا الشاطر.. وتذكّرنا، كذلك، بأنه عند البطون تضيع العقول.. وتضيع العقول لدى الرجال في حالة أخرى، بل تطير إلى السماء السابعة إلى أن يستعيد الشخص وعيه ويلملم حواسّه.. وتتراوح هذه الصفة اللعنة ما بين رجل يستطيع أن يتماسك وأن يتمسّك ببقيّة عقل وبين آخر يفقد صوابه وتوازنه..

ولقد كانت اللعنة ثقيلة على حاييم رامون، إذ أن الله لعنه فوضع فيه الصفة الأخيرة التي لا تبقي له عقلا ولا تعقّلا.. ونكاد نؤسّس، ولو من باب النميمة، على أن الوزير المستقال قد ارتكب حماقات مماثلة قبل فضيحته الأخيرة، علما أنه شاب أعزب محروم من الإستقرار العائلي.. ونكاد ندّعي، من باب النميمة أيضا، ونطلق لخيالنا العنان، أن هنالك عشرات من الصبايا الحسناوات اللاتي اغتصب رامون منهن قبلة فرنسية وضمّة إلى الصدر وحسمسة في أماكن محظورة وطبطبة مقصودة على كتف عارية، بل يمكننا أن نصل إلى أعمق من ذلك بكثير، فقد أدانته المحكمة ومن نحن حتى نعترض على قرار القضاة؟..

أثبت رامون أنه "تيس" برخصة، فهو يعلم، وهو رجل القانون ووزير القضاء، أن القبلة (الفرنسية) المغتصبة عنوة هي مخالفة يحاسب عليها القانون، وليس جميع الأكلات أكلات زلابية.. والقبلة، حتى لو كانت فرنسية، غير "محرزة" لأن يخاطر بتاريخه وحاضره ومستقبله لأجلها.. فلو أنه قلّد غيره ممّن هم أكبر منه، و"اللي أكبر منك بيوم أوعى منّك بسنة"، لكان عمل أمرا "محرزا"، فإذا هو أفلت من الفضيحة كما كلّ المرّات السابقة، فقد فاز، وإن هو وقع تكون وقعته من أجل شيء كبير و "محرز"..

ما كنّا لنتشفّى بالوزير المستقال رامون لو أنه بقي على "حمائميّته" علما أننا لا نتّفق في شيء مع هؤلاء الـ "حمائميين".. ولكن رامون بان على حقيقته يمينيا أكثر من اليمين التقليدي وعنصريا أكثر من الوزير الجديد الذي توزّر قبل الوزير الجديد "لنج".. لكنّنا نعلنها صراحة أننا نتشفّى بكل من ينال شعبنا بأذى إذا ما وقع.. ولقد حضّ رامون على مسح القرى اللبنانية في العدوان الإسرائيلي الأخير على بلاد الأرز، لكن لبنان انتفض كطائر الفينيق شامخا من الرماد.. ومسح رامون وغيّبته القبلة الفرنسيّة..

التعليقات