31/10/2010 - 11:02

عن فضائح الجيل الثالث! / رازي نجّار

عن فضائح الجيل الثالث! / رازي نجّار

عندما ولجنا، قبل ثلاث سنوات، عهد «الجيل الثالث» في تقنيّات الهواتف الخلويّة، اضطرّت إحدى الشركات الخلويّة في البلاد لأن تغيّر صورتها الإعلاميّة الدعائيّة، فأطلقت شعارًا يتماشى مع الثورة المرئيّة-المسموعة، فقالت: «مش بس بنحكي». واليوم، بات واضحًا -هذا إذا أمعنتم النظر والمراقبة- أنّ «الحكي» في الهواتف الخلويّة ما هو إلا أحد الاستعمالات الثانويّة، بعد أن أصبح التلصّص سيّد الموقف والـ «كليبات» الجنسيّة الفاضحة جُلّ اهتمام «الجيل الثالث» (بعد النكبة) من بعض أبناء شعبنا. الشركة الخلويّة الأكثر رواجًا تقول في شعارها «هيك لما نحب»، وفي حالتنا نقول: «إذا هيك الحبّ»- مصيبة!


 



وللتوضيح فقط، أذكر أنّ كاتب هذه السطور ما زال عالقًا، خلويًّا، في «الجيل الأول»، أو ربما قُل الثالث قبل الميلاد؛ فالهاتف الذي أحمله يجيد عمليّتيْ «سِند» و»إِند»، وإن حمّلته فوق طاقته، ضرط! لذا جاء انكشافي على ما يشغل الشباب في الفترة الأخيرة متأخّرًا. قبل أسبوعين دخل إلى مكتبنا صديق مُتحمّس من «الجيل الثالث» وبشّرني، زميلي وأنا، المشغوليْن بالـ «مقلتة» بأسلوب «الجيل السالف»، بوجود مقطعيْ فيديو خلوييْن يُظهران شابتين عربيتين، إحداهما من قرية في الجليل والثانية من الضفة الغربية، في حالتي جماع جنسي، لا أقلّ، بل أكثر. كيف وصلك؟ سألناه، قال: «بلوُتوث»... وما أدراكم ما هو الـ «بلوُتوث»...


 



وكي لا أدّعي طهارة الملائكة، أعترف بإنني رأيت المشهدين ثلاث مرات؛ المرّة الأولى حبًا في الاستطلاع (فمن غيره أغيّر مهنتي)، والمرة الثانية لتخفيف وطأة المفاجأة، أمّا الثالثة فأتت من باب التدقيق الفني، بعد أن سمعنا ادّعاء مفاده بأنّ المقطع مُركّب، وما هو إلا فنّ مونتاج (!!!)، ولا أعرف حقيقة ماذا يغيّر هذا الادّعاء بالنسبة للصبيّتيْن الظاهرتيْن في مقطعيْ الفيديو؟!


 



بناء على ما ورد أعلاه نسجّل الملاحظات التالية:


 



أولاً: من وراء هذه المقاطع، المنشورة عن طريق الخلويّات أو الإنترنت، يقف فاعل عديم الأخلاق وضعيف النفس. من يلجأ لنشر مغامراته الجنسيّة بأية وسيلة كانت، بدائيّة كالكلام أو متطوّرة كالـ «بلوُتوث»، من باب «إفعل فعلتك واذهب لتخبّر أصحابك»، هو إنسان عديم الثقة بنفسه، ومن أجل تعويض هذا النقص في شخصيّته يلجأ لتعميم «إنجازاته» (هكذا يراها!) وفحولته، حتى لو كان ذلك على حساب من أعطته أغلى ما عندها - ثقتها؛


 



ثانيًا: نشر مقاطع من هذا النوع هو جريمة يعاقب عليها القانون. الحقوق الأساسيّة بما في ذلك حق «كرامة الإنسان وحريته»، هي حقوق يجب على الدولة حمايتها. الحالة المذكورة أعلاه تندرج في إطار قانون «حماية خصوصيّة الفرد» (عام 1981)؛ ففي البند 2.4 من القانون جاء أنّ «تصوير إنسان ونشر الصورة على الملأ في ظروف قد تكون مهينة أو مُذلّة هي مسّ في الخصوصيّة». الإجراء القانوني في مثل هذه الحالات قد يأتي من خلال المسار الجنائي أو المسار المدني، في الأوّل قد تصل عقوبة الفاعل إلى السجن لخمس سنوات، وفي المسار الثاني يجبر الفاعل على أن يدفع غرامة مالية وتعويضًا. وليكن واضحًا أنّه حتى لو وافق الشخص على عمليّة تصويره في وضعيّة حميمة (لأسباب تتعلّق به!) فإنّ هذا لا يعطي الحق للمصوِّر بأن ينشر الصور؛


 



ثالثًا: بما أننا، رغم المظاهر التكنولوجية، ما زلنا مجتمعًا تحكمه العائلية والقبلية والذكورية، متوقّع أن يكون الإنكار في هذه الحالة هو الملجأ الوحيد للمجني عليه (الصبيتيْن في حالتنا)، تجنّبًا للفضيحة أو البهدلة، لكن هذا هروب يوفّر أرضية خصبة لتكرار هذه الأفعال المشينة مع نساء أخريات. لذا أقول، رغم المعرفة التامة لحساسيّة الموقف والمجتمع الذي لا يرحم، إنّ على من وقعت ضحيّة لمثل هذه الجريمة، وعلى عائلتها وأصدقائها وأعزائها، أن يلجأوا للقضاء كي ينال الفاعل عقابه؛


 



رابعًا: هذه الظاهرة ليست مقتصرة علينا، فهي ظاهرة عالمية انتبه لها بعض الدول قبلنا فارتقت بقوانينها درجة أخرى لتواجه هذه الآفة: في كوريا الجنوبية مثلاً تُجبر الأجهزة الخلويّة على إصدار صفير كي تمنع إمكانية التصوير السريّ أو التلصّصي؛ وفي الولايات المتحدة يُسجَن الفاعل أو يُغرّم بمبلغ قدره 100 ألف دولار؛ أما بريطانيا فقد أقرّت قانونًا بتاريخ 1/5/2004 يكافح الظاهرة التي اعتبرتها جنائيّة؛


 



خامسًا: صور ومقاطع فيديو حفلات الأعياد المنشورة بكثافة في مواقع الإنترنت مؤخّرًا ليست معفيّة من الملاحظات التي ذكرت أعلاه، يكفي اطّلاع سريع على هذه المواد كي تلاحظ الإبراز الواضح المهين لأجساد المحتفلات؛ في أحد الـ «كليبات» التي شاهدتها اعتقدت أنّ لا رؤوس للصبايا، فالتصوير تركّز في المنطقة الواقعة بين الرقبة والركبة! بالمناسبة، القانون يمنع نشر صوركم/ن على الإنترنت إلا بموافقتكم/ن؛


 


سادسًا: صوّروا هذه المقالة في كاميرا هاتفكم المتطوّر وانشروها. وشكرًا!


 

عن صحيفة فصـــ المقال ــــل

التعليقات