31/10/2010 - 11:02

وساطة عربيّة../ وليد أيوب

وساطة عربيّة../ وليد أيوب
بات واضحا ما كان أكيدا، أن حلّ الأزمة الفلسطينية التي اندلعت حربا ضروسا بين الفئتين الكبريين على الساحة الفلسطينية، حماس وفتح، لا يتواجد في غزة أو رام الله ولا في فلسطين أو في الشتات الفلسطيني كلّه.. فمن يريد أن يبحث عن حلّ يتوجّب عليه أن يتوجّه إلى تل أبيب أو إلى واشنطن، فسواء هنا أو هناك سيجد الحلّ ذاته..

أما الحلّ الوحيد الذي سيجده الباحثون عن حلّ، فإنه يقضي بمزيد من "البهدلة" و"الدعس" على الرقاب الفلسطينية عبر تحجيم الكيان الفلسطيني في بقعة لا تتعدّى خمس مساحة فلسطين، وتمنين الفلسطيني بأنّ المحتلّ إنّما تنازل وتنازل وتنازل حتى بات كأن الفلسطيني هو الجشع الذي لا يرضيه ولا يكفيه شيء..

وكان الفلسطيني قبل في كامب ديفيد تسوية مهينة، ولما أضحى "الحب في العب" تراجع الإسرائيلي فلحس موافقته وتنكّر لتوقيعه.. ولم تلق اتفاقية أوسلو مصيرا أفضل إذ تكرّر التنكّر الإسرائيلي.. وكانت خارطة الطريق، واتفاقية شرم الشيخ وعدد من الإتفاقيات الأخرى بمسمّيات مختلفة وفي أماكن متعدّدة بعضها في العلن وأغلبها في الخفاء، تنكرت إسرائيل لجميعها فيما واشنطن تمنحها المباركة..

يتجوّل وزير الخارجية المصري ما بين تل أبيب والقدس ورام الله، حاملا معه صيغا لمشروع اتفاق فلسطيني محتمل إذا ما نال المصادقة والتوقيع الإسرائيليين.. حتى ليبدو أنّه لن يتمّ التوصّل إلى مثل هذا الإتفاق دون الحصول على الـ "أوكّي" من تل أبيب.. بل إنّنا على يقين أن أحمد أبو الغيط لا يحمل في جعبته إلا ما وضعه فيها أولمرت بتنسيق أو بعلم رئيس الإمبراطورية الأمريكية بوش.. فكأن مهمّة الوزير المصري لا تعدو كونه رسولا إسرائيليا في هيئة وسحنة عربيّتين..

لم تكن الوساطات العربية، بمجملها، التي انطلقت خلال مسلسلات الأزمات الفلسطينية، منذ نشوء القضيّة الفلسطينية وحتى الراهن، إستباقية بقدر ما كانت محاولات مستكلبة لاحتواء القضيّة ولركوبها إلى مكاسب عينية تتمثّل بتعزيز الإلتصاق بالكرسي وبالسلطة.. وللتوضيح، ندّعي أن هذا الإحتواء هو هو ما جعل الرئيس المصري جمال عبد الناصر يحتوي كلّ هذا التأييد الجماهيري في كلّ الوطن العربي.

من ناحيتنا، كفلسطينيين، فإنّنا قد فتحنا لكل من دامت سعادته الباب على مصراعيه كي يدخل إلينا ويتدخّل في شؤوننا.. فقد نسجّل أننا بارعون في ترك الأمور تفلت من عقالها وتتسرّب من بين أصابعنا، وبارعون في فتح جميع مفاصل الأزمات وتفاصيلها، على الغريب كما على الشقيق، بحيث يضحي من الصعوبة سماع صوت العقل لدينا، بل إننا في الغالب ننحو إلى جهة التجييش وصولا إلى الإنفجار الحتمي والذي يفتح سبيلا آخر لهؤلاء يعبرونه إلى التدخّل في شؤوننا.

يمكننا اعتبار الراهن الفلسطيني على أنه الفترة الأسوأ على مرّ تاريخ القضيّة، حيث أن الفلسطيني يكاد يرسم إلى قتل ونحر أخيه المؤمن برأي آخر.. يتقاتل هذا وذاك على "خلقة" سلطة هي ليست سوى معسكر عسكر مهمّته حماية الحدود الإسرائيلية وما بداخلها.. كأنهم قد تركوا القضيّة وتناسوا أن للفلسطيني حقوقا كثيرة هضمها الإسرائيلي واستساغ هضمها وتنعّم به إزاء اقتتال "البهاليل"..

التعليقات