31/10/2010 - 11:02

"كلنا زئيفي"!/ أنطوان شلحت

رأى ألوف بن، المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، أن رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، في سعيه الذي لا يكلّ عما يضمن لنفسه ولحكومته البقاء أطول فترة ممكنة على سدّة الحكم، لصّ مواقف خصمه "اللدود"، زعيم المعارضة وحزب "الليكود"، بنيامين نتنياهو. وأورد إثباتات على ذلك (اقرأ عنها في مكان آخر).

وبكيفية ما ينسحب هذا الأمر على خطاب أولمرت في ذكرى مقتل رحبعام زئيفي (الكنيست، 24/10/2006)، حيث كان لسان حال أغلبية الخطباء الصهاينة يقول: كلنا زئيفي...

لكن في الحقيقة ليست هناك، في حالة زئيفي، سرقة أو عملية سطو مستهجنة، لأن هذا الأخير نفسه، الذي يرتسم في ذهنية الرأي العام الإسرائيلي أكثر شيء بكونه الداعية الأهم لسياسة الترانسفير الشيطانية من بين الساسة الراهنين، لم يكن نبتة غريبة في التربة الصهيونية، وهذه التربة كانت في الأصل، وأولاً ودائمًا، "صالحة" لنمو الترانسفير ولتعهده بالرعاية المطلوبة.

ولإثبات ذلك استعدنا، في أكثر من مناسبة، بعض الفقرات من مقالة "معيارية" لزئيفي نفسه نشرها في العام 1988 تحت عنوان "الترحيل من أجل السلام".
ومن هذه الفقرات قوله "صحيح أنني أؤيد الترانسفير لعرب الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الدول العربية، لكنني لا أملك حق ابتكار هذه الفكرة، لأنني أخذتها من أساتذة الحركة الصهيونية وقادتها، مثل دافيد بن غوريون الذي قال من جملة أمور أخرى "إن أي تشكيك من جانبنا في ضرورة ترحيل كهذا، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه، وأي تردّد من قبلنا في صوابه، قد يجعلنا نخسر فرصة تاريخية" ("مذكرات دافيد بن غوريون"، المجلد الرابع، ص299). كما أني تعلمت هذا من بيرل كتسنلسون وآرثور روبين ويوسف فايتس وموشيه شاريت وآخرين".
وإذا كان اعتراف زئيفي السالف بأنّ فكرة "الترانسفير" ليست من بنات أفكاره، غير بليغ بما فيه الكفاية لإثبات عمق تغلغل الفكرة ورسوخها في منبت رؤوس حكام إسرائيل الصهاينة، فإنّ إثبات ذلك يمكن أن نستقطره من نتاجات الوعي الجديد بحقيقة هذا الأمر، الذي يكتسب يومًا بعد يوم مناطق جديدة حتى في أوساط المزيد من المؤرخين والباحثين اليهود.
ولئن كان هذا الكلام يريد النفاذ إلى أشياء محدّدة فإنه يريد، أكثر شيء، النفاذ إلى خلاصة أنّ التربة الإسرائيلية على صعيدي المسؤولين السياسيين والرأي العام الشعبي سواء بسواء، لديها من الجهوزية ما يكفي لتقبل الفكرة وعدم مضادتها، وإن من الناحية الأخلاقية على الأقل.
ويمكن أن نستعيد ما قاله زئيفي نفسه في هذا المضمار في المقالة المذكورة نفسها:
"... لقد زعموا أنّ هذه الفكرة (الترانسفير) غير أخلاقية، وفي رأيي أنه ليست هناك فكرة أكثر أخلاقية منها، لأنها تحول دون وقوع الحروب وتمنح شعب إسرائيل الحياة. وإذا كانت هذه الفكرة غير أخلاقية فإنّ الصهيونية كلها وتجسيدها خلال أكثر من مائة عام هما غير أخلاقيين. إنّ مشروع الاستيطان في أرض إسرائيل وحرب الاستقلال حافلان بعمليات ترحيل العرب من قراهم. فهل كان هذا أخلاقيًا ولم يعد كذلك الآن؟".
وهكذا، فإنّ ما يقوله زئيفي يقدّم لكل إنسان الخلفية الإسرائيلية المتساوقة لا مع الترانسفير فقط، وإنما أيضًا مع ما هو أشدّ منه وأدهى.

التعليقات