باحثة مصرية تكشف عنصرية المؤسسة الثقافية والتعليمية الاسرائيلية

-

باحثة مصرية تكشف عنصرية المؤسسة الثقافية والتعليمية الاسرائيلية
صفا عبد العال تبحث في 17 كتاباً عن تاريخ وجغرافية اسرائيل:

صدر في القاهرة عن الدار المصرية اللبنانية كتاب تربية العنصرية في المناهج الاسرائيلية للدكتورة صفا محمود عبد العال، وتقديم الدكتور حامد عمار أستاذ علوم التربية المعروف وذلك ضمن السلسلة التي يشرف عليها وتصدرها الدار تحت عنوان آفاق تربوية جديدة .

يشير عمار في تقديمه الي أن الكتاب يضم عدداً من النصوص التي تشير الي الحق التاريخي والالهي المزعوم لليهود في اغتصاب الأرض ويشير الي مقولة حاخامهم الأكبر عام 1970.
لقد وعدنا الله بالأرض وتنبأ جميع الأنبياء بعودتها الينا، ولذلك يحظر علي أي يهودي اعادة جزء من أرض أجدادنا ، ونصوص الكتب المدرسية ان هي الا ترجمة لكل المزاعم المرتبطة بالحفاظ علي امن اسرائيل وبشعار السلام المسلح وشعار القوة فوق الحق، وبمفاهيم الحزام الأمني، واقامة الجدار العازل. ثم يضيف عمار أن حدود اسرائيل كما يزعم قادتها هي حيث يشعر جنودها بالأمان، ويري أن المؤلفة كانت علي درجة عالية من الوعي في ايرادها نصوصاً بلغة الكتب العبرية التاريخ والجغرافيا في مناهج المرحلة الابتدائية وترجمتها الي العربية حتي تكون دليلاً قاطعاً وبينة لا يرقي اليها مجرد التفسير أو الفكر المسبق في وجود تلك التوجهات في تنشئة الأجيال الصهيونية علي ارض الميعاد .

ويقول حامد عمار ان من مقاصد التعليم الاسرائيلي أن يتغذي تلاميذه منذ بداية المرحلة الابتدائية علي المفاهيم والمبادئ والتنظيمات اليهودية التي انطلقت منها وتأسست عليها دولة اسرائيل قبل قيام الدولة عام 1948، واستمرت سياسة وهداية لها حتي اليوم.

ويضيف أنه من بين تلك المقاصد التي تلبست وتلونت بمقولات دينية توراتية الادعاء بأن فلسطين كانت منذ أقدم العصور أرض اسرائيل وأن أورشليم كانت عاصمتها ومع ما جري لمملكة داود وسليمان والهيكل التعبدي من أحداث السبي والتدمير، الا أن الله قد اختارها لتكون أرض اسرائيل ومقراً لشعبها يتجمع فيه بعد الشتات، ولهذا نجد أن معظم الكتب التي تم الاقتباس منها ـ في هذا الكتاب ـ تشير الي هذا التاريخ، بدايات استيطانه ارض اسرائيل أو الهجرة الأولي، تأكيداً لترسيخ هذه الحقيقة من منظور الفكر التوراتي في عقول تلاميذ المرحلة الابتدائية ووجدانهم.

ويذكر الدكتور عمار في تقديمه أنه في تناول المناهج الدراسية في اسرائيل وتشكيلها للنشء تعتبر المؤسسات المجتمعية خارج المدرسة قوي تعليمية مؤثرة فـ الكيبوتز لها تأثير تعليمي، كذلك منظمات الشبيبة، والعصابات الارهابية، والتراث الشعبي الأسطوري، والتأويلات لأحداث هذا التاريخ، فضلاً عن مقولات القيادات السياسية والعسكرية وغيرهما مما تحتضنه مؤسسات الثقافة الاسرائيلية.

وتكاد موضوعات المناهج الدراسية أن تكون مرآة لبشاعة العنصرية نحو الحقوق العربية. انها تعكس مقولة هرتزل اذ يقول مرة أخري اذا حصلت مرة علي مدينة القدس، وكنت لم ازل حياً فلن أتواني لحظة عن ازالة كل شيء ليس مقدساً لدي اليهود فيها، وسوف أدمر تلك الاثار التي مرت عليها القرون والمقصود هنا الأثار الاسلامية والمسيحية، وسوف يجد المتابع نصوصا بهذا المعني في الكتب المدرسية، وليس انتهاك حرمة المقدسات الاسلامية وما جري بها من حرائق وسفك دماء المصلين الا أحد مظاهر ذلك الحقد العنصري.

والكتاب الذي بين أيدينا يضم سبعة فصول هي علي التوالي النظرة الدونية للعرب، تفوق اليهود العرقي ويليها النصوص العربية المترجمة ذات العلاقة، التمايز في التراتب الاجتماعي متبوعاً ببعض النصوص، دعوي الحقوق التاريخية في أرض اسرائيل، التوسع الاستيطاني في ارض اسرائيل، هاجس الأمن الاسرائيلي، وأخيراً تهويد القدس .

وتذكر الكاتبة صفا عبد العال أن كلمتي الوطن والأض من أكثر الكلمات تردداً في الكتابات الصهيونية علي مدي مراحل التاريخ المختلفة، ولكن في الوقت نفسه من أثقل الكلمات دقة.. وأشدها غموضاً، وتضيف أن جابوتنكسي الصهيوني المعروف يعبر عن ذلك حينما يقول ان اصطلاح الوطن ليس له معني ثابت ويمكن تفسيره من جانب الأشخاص المهتمين بالأمر بأنه لا يعني شيئا مماثلاً لغيتو جديد، نحن نريد أغلبية عددية في فلسطين بمافي ذلك الأردن. وهذا القول لا يعني اننا ننوي أن نحكم جيراننا، ولكننا نريد أن تصبح صهيون بلداً حيث لا يخضع اليهود لحكم الآخرين.

و هنا تقول المؤلفة أنه لأن حدود الوطن الاسرائيلي مغيبة، نري التطلع والتوسع يحكم كافة المؤسسات التعليمية علي اختلاف انواعها ودرجاتها. فهذه المؤسسات تعمل أولاً وأخيراً علي غرس الايمان بالوطن أو الأرض اللا حدودية ، وهي بذلك تقوم بدور فعال ورئيسي في تكوين الشخصية الاسرائيلية المؤمنة بالصهيونية واهدافها، وما تمثله من عقيدة قامت عليها الدولة وانتحلت صفة حركة التحرر الوطني وفقاًَ للأدبيات الصهيونية .

وبهذا الانتحال وضعت الصهيونية هدفها بانه اعادة اقامة الدولة الصهيونية للوطن اليهودي، ويمتد هذا الوطن من فلسطين الي سورية والي لبنان والي مصر والي الأردن والي العراق ـ وفقاً للنصوص العبرية ـ انه وطن لا تحده حدود وفقاً للفكر الصهيوني. وهذا الوطن أو الأرض اللا حدودية، بدأ في فلسطين علي حساب شعب فلسطين، ومن ثم تعمل اسرائيل علي الانتشار لتمسك بالجسم العربي ولتحتل أجزاء من أرضه ـ هنا وهناك ـ تحت ادعاءات ومزاعم بحقوق تاريخية في هذا الجسم. وهذه الحقوق أو الادعاءات الصهيونية، هي السموم التي تبث من خلال الكتب المدرسية الاسرائيلية ومن خلال هذه المناهج الدراسية يتم تشكيل العقلية الاسرائيلية وبرمجة طريقة تفكير النشء بحيث يصبح هذا التفكير ركنا أساسياً من مركزية اسرائيل.. ومن ثم يشب هذا النشء وقد ارتبط بالأرض والدفاع عنها ومواجهة ما يحيط به من عداء عربي.

وحيث ان التعليم ـ في اي وطن ـ هو صلب البنيان الاجتماعي، فقد نــظر اليه ـ في اسرائيل ـ كقوة دائمة وحاكمة تعمـــــل علي توجيه هذه العقول، كما تعمل علي تغذية هذه العقول بمـــــبادئ التربية الصهيونية بما يشكل نوعاً من الضمان والأمان في تحقيق الولاء المطلق للدولة وخـــــلق حالة من حرية الانتقال الفـــــوري والعنــيـف من كل من يناهض هذه الأيديولوجية الصهيـــونية من الغير، أو كل من قد يشكل عائقاً أمام تحقيــــق غايــة اسرائيل الكبري، ومن ثم تفصيل الشعــــور العدواني للشخصية اليهودية بما يصـــاحبه من تصرفات عدوانية لتحقيق الهدف الأسمي بأية صورة وأية وسيلة.

ومن بين المهمات الرئيسية للنظام التعليمي في اسرائيل ترصد المؤلفة مهمات السعي الي زراعة بذر الخوف من الآخرين في عقول النشء، وترسيخ عناصر الكراهية والحقد في وجدانهم، وبعد ذلك من الآليات التربوية المهمة التي تشكل بنية التوظيفية الاجتماعية للمؤسسات الاستيطانية في اسرائيل بشكل عام، التي يتضح فعلها بصورة ظاهرة وقوية، في ضوء المتغيرات الأخيرة منذ اندلاع انتفاضة الأقصي وما تلاهـا من أحداث وتطورات، والشاهد أن ما تهدف اليه الحركة الصهيونية في مجال التعليم هو خلق وتنمية روح العداء للعرب وتشويه صورتهم لدي الجيل الاسرائيلي الحالي والأجيال التالية وبالطبع المناهج الدراسية هي الوسيلة المثلي التي تساعد المؤسسات الصهيونية في تحقيق ما تبتغيه.

فالأساليب الصهيونية تقوم علي تأكيد التربية الأيديولوجية من خلال المشاريع المخططة الأنشطة التربوية التي ينفذها الصغار في المدرسة الابتدائية بأرض اسرائيل اللاحدودية، بالاضافة الي تعميق الكراهية للعرب في نفوس التلاميذ. وقد وفر عدد من عرب 1948 للمؤلفة صفا عبد العال ستة عشر كتاباً في مناهج الدراسات الاجتماعية وهي التاريخ والجغرافيا المقررة من بداية الصف الثالث حتي الصف السادس الابتدائي وهي سنوات الحلقة التعليمية الأولي من التعليم الساسي في اسرائيل وجميع هذه الكتب باللغة العبرية منها أحد عشر كتاباً في التاريخ وخمسة كتب في الجغرافيا.

وكما تقول المؤلفة فان اخطر هذه الكتب هو كتاب أرض الوطن بجزئيه الأول والثاني. وتزداد خطورة هذا الكتاب اذا علمنا أن تدريسه يتم للطلاب علي مدار عدة سنوات دراسية ولا ينحصر في الحجرات الدراسية فقط، وانما يمتد الي مدي أرحب وأوسع. فكل فقرة من فقراته تتبلور علي شكل قصة حوارية يجري عرضها من خلال التلفزيون بما يشبه المسلسلات الدرامية لخلق علاقة متينة بين النشء وتاريخ أرض اسرائيل كما يزعمون وينسحب الأمر نفسه علي كتاب أرض اسرائيل .

وقد تعاملت المؤلفة مع هذه الكتب وترجمتها وحللت مضمونها وهي : قصص اوائل المستوطنين، الحراس الأوائل، أرض الوطن ـ جزءان ـ بين أسوار القدس، الارتباط بأرض اسرائيل، طبيعة الحياة بين الأسوار، أرض اسرائيل، خرائط كشف العالم، القدس، القدس لي ولك، أنا مكتشف القدس، الخروج من الأسوار، مع رجال وأماكن.

يقع الكتاب في 240 صفحة من القطع الكبير وصدر عن الدار المصرية اللبنانية.


"محمود قرني"

التعليقات