15/10/2007 - 21:29

وأخيرًا.. العرض الأوّل!

وأخيرًا.. العرض الأوّل!

مقطع فيديو من مراجعات "ما جاز"



تريز سليمان:"الجاز هي موسيقى غربية، لكّنني لا أستطيع أن أنفصل عن المكان الشرقي الذي أتيت منه، ولا عن أدائي ولمستي وروحي الشرقية"


 


 






التقتها: رشا حلوة


 


 




من مواليد حيفا في عام 1985. غنت لأول مرة "عيدك يا ماما" في حي الحليصة، الحي الذي وُلدت وترعرعت به. انطلقت من "مهرجان الكرمل" عام 1995 حين غنت "أحنّ إلى خبر أمي" للفنان اللبناني مرسيل خليفة ولُقبت بـ "قنبلة المهرجان". غنت في العديد من المهرجانات والأمسيات الوطنية والسياسة والفنية.



منذ أن عرفناها وهي تمسك صوتها بيدها، كطفل تخاف عليه أن يجوع، يتألّم أو يقع أرضًا. لكنّنا جميعًا كنا على دراية تامة بأنها تعلم كيف تربّيه وتحميه. منذ أن عرفناها وهي تعمل جاهدة لأن تصبح ما تريد ونريد لها أن تكون.. قبل أسبوع أو أكثر، سمعناها تغني أغنية "7 سنين" من المشروع الجديد "م جاز"، المشروع الذي يُشكل حصاد 6 سنوات من العمل للفنان ريمون حدّاد. المشروع الذي ما أن طُبعت إعلاناته انتشر صداه في كل مكان وبيعت التذاكر في أقل من 10 أيام. حين غنت الأغنية شعرنا عندها أنّ تريز سليمان لم تعد موهبة شابّة، بل فنانة تحقّق ذاتها يومًا بعد يوم، وتعلم بأن ما تملك من صوت وقدرات رائعة هو شيء لا يستخفّ به.



"م جاز" هو عرضها الخاص الأول مع ريمون حدّاد.


 





تتمحور الموسيقى في حياتك في عدة مجالات، ومنها الموسيقى كنهج حياة لتريز والموسيقى كدراسة أكاديمية. أيهما أثر بك أكثر؟


سليمان: "هما نسيج واحد يكملان ويجملان أحدهما الآخر، لا أفصل بين ما تربيت عليه وبين كل ما تعلمت وأتعلم يوميًا. بالإضافة إلى أنّني أؤمن بالسليقة، بأن هنالك أمور تولد وتكبر معك وتصبح جزءًا منك. قراري بأن أدرس الموسيقى وأتعامل معها كحرفة وبكامل الحذر، فتح أمامي آفاق جديدة".


 




هل برأيك على الفنان أن يقوم بدراسة الموسيقى؟


سليمان: "يجب على كل فنان أن يدرس الموسيقى. دراسة الموسيقى طورت نظرتي عنها، وأعطتني القدرة على التمتّع بسماعها أكثر وتقييمها بصورة مهنية أكثر. فنّانات عظيمات أمثال فيروز، أم كلثوم، كاميليا جبران وسعاد الماسي استطعن تحريك مشاعري ومشاعر الناس لأنّهنّ درسن الموسيقى، وهذا هو الفرق بين العظماء وبين من يغنون فقط".


 




هل كنت تتمنين دراسة الموسيقى في مكانٍ آخر غير جامعة حيفا؟


سليمان: "بالطبع، كنت أتمنّى دراسة الموسيقى في سوريا أو لبنان. دراسة الموسيقى في جامعة حيفا هو إحدى القرارات التي لو عدتُ بالزمن إلى الوراء لكنتُ عدلتُ عنها. كنت أفضّل أن أدرس الموسيقى الشرقية حتى وإن كان على مدار عام دراسي واحد أكثر من إنهاء لقب جامعي بدراسة ما يُسمى "بالموسيقى الإسرائيلية".


أعلم أنّني حتى أتثقّف موسيقيًا أحتاج لأن أنفتح على حضارات أخرى بشكل لا يقل أهمية عن تمكني من موسيقى حضارتي وثقافتي".


تعليم الموسيقى الشرقية على أصولها هي أمنية معظم الفنانين والفنانات في الداخل. ما الحل؟


سليمان: "أن يكون لدينا معهد موسيقي بديل يُدرِّس أصول الموسيقى العربية الشرقية. معهد يُدرِّس "تطوير الصوت" بتقنيّات شرقية.


لدينا طاقات رائعة تعمل بمهنيّة عالية جدًا، ويُدرّسون الموسيقى بأفضل الطرق وبإمكانهم أن يكونوا بدائل للمعاهد الإسرائيليّة لتعليم الموسيقى. نحن لا نقلّ قدرة عن مدرّسي الموسيقى في المعاهد الإسرائيلية".


 



من كانت تريز سليمان قبل مشروع "م جاز"؟


سليمان: "شابة تعشق الموسيقى وتأخذها على محمل الجد، وتنتظر فرصة تحقيق نقلة نوعية في مسيرتها الفنية. لأني في مرحلة معينة شعرت بأنّني أنحصر داخل لون موسيقي معين، وهو ما يعرّفه الناس بالأغنية الملتزمة".


 



وبالنسبة لك، ما هي الأغنية الملتزمة؟


سليمان: "هي الأغنية التي تحمل رسالة قيمة، ومن الناحية الموسيقية هي الأغنية التي لا تستخفّ بذهن المتلقّي. لدينا نظرة خاطئة بأن الأغنية الملتزمة تقتصر على الكلمة السياسية فقط. بإمكان الأغنية الملتزمة أن تحمل رسالة حب بكل مفاهيمه؛ حب الوطن أو الحبيب أو الناس أو الحياة، إلخ..".


 



كيف طُرح عليك مشروع العرض؟ وكيف تقبّلت الفكرة؟


سليمان: "كنت على يقين بأنّه في حالة وجود مواد موسيقية ونصوص تعنيني وتحرّك الـ"أنا" الداخلي، ما كنت لأفكر مرتين بقبول المشروع الموسيقي، وهذا ما جعلني أتعامل مع فكرة العرض بكامل الجديّة.


"أنا أعلم أنها تجربة جديدة بالنسبة لي ولا تخلو من تخوفات تقبل المتلقي للمواد، ولكنّني أيضًا أعلم بأنني حين أكون مؤمنة بموسيقاي وبغنائي وبرسالتي كفنانة تعمل على أن تتطور مع الوقت، سأنجح في دغدغة الجانب الحسي عند كل مستمع".


 



حدثينا عن "م جاز"!


سليمان: "مشروع "م جاز" هو فكرة ريمون حدّاد؛ المشروع من كلماته وألحانه وتوزيعه. وهو ملفّات شخصيّة تراكمت على مدار سنوات، وحين شعر ريمون بأنّ هذا الحصاد له آن أوان مقولته عندها قرّر أن يُخرج المشروع إلى النور.


"وحين توجه لي ريمون ليقترح عليّ المشروع حدّثني عن أهميّته بالنسبة له وبأنّه يتعامل معه بكثير من الحب والاحترام. راودتني عندها تساؤلات كثيرة وبالمقابل دغدغتني الفكرة جدًا؛ من ناحية الفكرة الموسيقية والكلمة، وأحببت فكرة التجدد، المجازفة والخروج عن المألوف، وهذا ما شجعني على خوضه".


 



عن ماذا تتحدث الأغاني؟


سليمان: "تطرح الأغاني مواضيع وجودية ووجدانيّة وتساؤلات. تتحدث عن الأرض وتتغنّى بحب الحبيب والوطن..".


 



لأي مدى تشبه الأغاني تريز؟


سليمان: "وجدت عفوّيتي بالأغاني، بالإضافة إلى حبّي للمجازفة، تفاؤلي وإيماني بالحياة.


"أحببت الكلمة بقدر لا يقل عن الموسيقى ذاتها. أحببت كلمات الأغاني كونها ليست مباشرة، ولها أبعاد مجازية".


 



كانت فكرة المشروع، في البداية، تسجيل ألبوم. لكن حدث تغيير ما وتحوّل المشروع إلى عرض موسيقي. لماذا؟


سليمان: "لأنّنا لم نجد في البلد أطر حاضنة تحتوينا وتدعمنا. عندها قررنا إقامة عرضًا موسيقيًا، بغض النظر عن العوائق المادية ومن منطلق إيماننا بمشروعنا وبدعم ومحبة الناس".


 



لماذا لا توجد مؤسسات حاضنة؟ وما هي الأسباب التي منعت المؤسسات من احتضان مشروعكم؟


سليمان: "نحن محاصرون من كل النواحي؛ الناحية الأولى هي الدولة ومؤسساتها الصهيونية وموقفنا المبدئي منها، والناحية الثانية هي المؤسّسات الفلسطينية في الضفة الغربية التي لا تموّل مشاريع يشارك بها يهود. هذا الموضوع أتعبنا جدًا، مما وضعنا في فترة خمول حتى قررنا أنّنا لن نتنازل عن المشروع، وبأننا سنقوم بتحضير لعرض موسيقي كخطوة أولية حتى تسمح الظروف بتسجيل الألبوم.


"الوضع مؤلم جدًا في الداخل، ولهذا أحيّي كل فنان يقوم بإنتاج أعماله بمجهوده الذاتي، لأنّ الدولة الإسرائيلية تحاول شلّنا وتهميشنا، وبالمقابل، نحن لا نؤمن ببعضنا البعض، ولا زلنا نستخف بطاقات فنانينا".


 



قراركم بتغيير مكان العرض من قاعة "كريغر" في الكرمل الفرنسي إلى مسرح "الميدان" سببه المأزق المالي!..


سليمان: "صحيح، كانت هناك العديد من الإشكاليات ولكننا قررنا أن يكون العرض في البيت المليء بالدفء الذي هو مسرح "الميدان"، من منطلق "على قد لحافك مدّ إجريك". وكلنا إيمان أن نجد الأطر الداعمة بعد العرض".


 



ما هو الشيء الذي أثار تخوفك تجاه "م جاز"؟


سليمان: "هذه تجربة "العرض الخاص" الأولى، بالإضافة إلى أنّ العرض هو شيء جديد لي وللناس الذين تعوّدوا على تريز بلون غنائي معيّن. كانت هنالك تخوفات وتساؤلات، مثل: هل سيحب الناس هذا العمل أم لا؟".



ربما هنالك من سيفتقد الشرقية.. أينها من "م مجاز"؟


سليمان: "أولاً، موسيقى الجاز هي موسيقى غربية بكل مركباتها. صحيح أنّني أقوم بغناء مواد موسيقى جاز، لكني أنا، تريز، من تقوم بغنائها مع ريمون حدّاد وأمين أطرش ولؤي أبو سنّي، إذ أن كلّ منا بشرقيته يضيف الطابع الشرقي بأدائه. بالإضافة إلى أنّ النصوص كُتبت بالعربية. صحيح أنّني أقوم بأداء أغاني لها أبعاد موسيقية غربية، لكّنني لا أستطيع أن أنفصل عن المكان الشرقي الذي أتيت منه، ولا عن أدائي ولمستي وروحي الشرقية".


 


حدثينا عن العمل مع ريمون حدّاد.


سليمان: "ريمون لم ينل حقه، كالعديد من الموسيقيين في البلاد. ريمون هو موسيقي مُدرك لكل ما يقوله، ويتعامل بكامل الجدية مع فنّه، بالإضافة لكونه متقن ومحترف ودارس للموسيقى.


يعمل بدقة وبإخلاص وحب ولا يستخف أبدًا بعمله".


 


ماذا أعطى ريمون لتريز؟


سليمان: "أعطاني فرصة المشاركة بالمشروع وهي بمثابة هدية بالنسبة لي، وأنا أقدّر ثقته وإيمانه بي كموسيقيّة. كما جعلني أكتشف جوانب داخلي لم أكن أعرفها. ريمون ردّد لي دائمًا بأنه من الممنوع عليّ أن أستهتر بالموسيقى، وأنّه عليّ أن أعمل وأتطوّر وأتعامل مع الموسيقى مثلما أتعامل مع طفل، بحيث يجب عليّ أن أتدرب بشكل دائم وأن أكون منفتحة على كل جديد وألاّ أضع الحواجز أمامي، والأهمّ من ذلك كلّه أن أغنّي دائمًا بمتعة وبصدق".


 


لماذا سُمي المشروع بـ "م جاز"؟


سليمان: "أولاً، لأنّه "جاز" وليس "جاز"، وأنا من يغنّيه بشرقيّتي. ثانيًا، هو مجاز، لأن حياتنا كلها مجازيّة بشكل أو بآخر.. وثالثًا، كلمة مجاز نفسها هي موسيقية اللفظ وتُحفظ بالأذهان".


 


لم يكن للمشروع أي احتضان ودعم مادي، هل بالمقابل كان هنالك احتضانًا معنويًا؟


سليمان: "من غير الاحتضان المعنوي لما كان لدينا عرضًا يوم الخميس 07/10/18. خلال كل فترة التحضيرات للمشروع والتقلبات التي حدثت فيه، كنت دائمًا ألمس إيمان الناس بي وحبهم بأن أكبر وأقوم بأول خطوة حتى لو كان بها الكثير من المجازفة.


"ومن هنا أريد أن أشكر كل من قال لي كلمة جميلة قبل العرض لأنّه من دون أن يقصد أعطاني دفعة إلى الأمام وإلى الاستمرار. وأنا متلهفة ومترقبة جدًا للعرض وأشعر برغبة شديدة بأن أُعيد للناس ولو جزءًا بسيطًا من الثقة التي أعطوني إياها، وخاصة لأهلي وأصدقائي، ولولاهم لما كنت تريز التي تهيّئ نفسها لهذا العرض الخاص، فهم هبة من الله".


 


ما هي أمنياتك بعد العرض الأول؟


سليمان: "كلي أمل بأن يتقبل الناس صدق العرض ومدى إيماننا به. وأتمنى أن أكون عند مستوى الثقة التي أعطاني إياها ريمون والموسيقيون، وأن أثبت لنفسي أنّني لم أخطئ حين جازفت فأنا تعلمت الكثير من هذا المشروع. كما آمل أن يأخذ تعبنا حقه، وأن يكون بمقدورنا أن نتألق سويًا ونتمتع من جديد في كل عرض جديد".


 


كلمة أخيرة..


سليمان: "أنا مؤمنة بأن هذه التجربة، بفضل دعم الناس وإيماننا بالكلمة واللحن، سوف تنجح بالتأكيد. آملة أن يأتي الجمهور إلى العرض وهو مؤمن بسحر الفضاء الذي ستخلقه موسيقانا سويًا".


 


 

التعليقات