31/10/2010 - 11:02

غزة تحتفل بيوم المسرح العالمي وتكرم المسرحيين

وكيل مساعد وزارة الثقافة، الشاعر أحمد دحبور، يكرم المخرجين المسرحيين خليل طافش وأحمد أبو سلعوم

غزة تحتفل بيوم المسرح العالمي وتكرم المسرحيين

لفيف من المسرحيين والمثقفين والمهتمين والجمهور حضروا الاحتفال الذي تخللته عروض مسرحية وفنية على خشبة مشرح الهلال الاحمر بمدينة غزة مساء الخميس.

وكيل مساعد وزارة الثقافة، الشاعر أحمد دحبور، استهل كلمته الارتجالية بوعد الجمهور بأن تكريم المسرحيين والاحتفال بيوم المسرح العالمي هو باكورة احتفالات سنوية ستتبعها وزارة الثقافة لتكون معلماً سنوياً لتفعيل الحياة الثقافية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص وافتخاراً بالمبدعين.

وقال دحبور ان مشاركة الشعب الفلسطيني للعالم بالاحتفال بمجمع الفنون "المسرح" يعني أن هذا الشعب متشبث بمعالم الحضارة عبر كيانه الخاص الذي يتميز به. واشاد دحبور بالمسرحيين الفلسطينيين الذين كان لهم دور مركزي في احياء الحالة المسرحية العربية، مستشهداً بالنتاج المسرحي الفلسطيني الذي يدرس في الجامعات العربية مثل "مصرع كليب" و"ابن شهيد" لمحي الدين الحاج عيسى، وأعمال برهان الدين العبوشي. وفي مكاشفة مع الجمهور اعترف دحبور بالابداع الفلسطيني الفردي على عكس المؤسساتي.

المخرج خليل طافش ألقى كلمة شكر فيها وزارة الثقافة والقائمين على الحفل، وبعد أن حبس دموعه بصعوبة قال: "كم هو عظيم أن يكرم شعبنا فنانيه رغم هذه المعاناة الأسطورية ورغماً عن ظلمة الليل الثقيل، ان عظمة هذا التكريم تكمن في المعنى الانساني الحضاري العظيم المتلألئ في جوهر الفكرة."

وناشد طافش المسرحيين "الحقيقيين" في العالم أن يعززوا وقفتهم في التصدي لكل مظاهر القهر والبؤس والشقاء في هذا الزمان الذي باتت فيه شريعة الغاب هي المدعي والحاكم والجلاد وأن ينتصروا لإنسانية الإنسان وللقيم العليا ليسود الحب وتنتصر ارادة الحياة.

"جوة السور برة السور/ لا تستنة يطلع نور/ اضوى العتمة بشمعة ايدك... مالك نايم وقف قاوم/ حسبك تفكر ان النوم يهد السور..." أغنية احتجاجية ودعوة للنضال كان يرددها المخرج أحمد أبو سلعوم في مظاهرة ضد جدار الفصل العنصري نظمها فنانون ومثقفون فلسطينيون في القدس المحتلة ساعة الاحتفال.

ولم يستطع أبو سلعوم من الوصول الى غزة بسبب القيود الاسرائيلية. فأرسل كلمة الى الحفل ألقاها نيابة عنه المخرج على أبو ياسين قال فيها إن مسيرته المسرحية مع زملائه كانت "من أجل الكرامة وليس التكريم، كرامة العيش بحرية والاعتزاز بالنفس"، وأثني أبو سلعوم على البادرة الطيبة التي "تدل على توحد الفلسطينيين أينما كانوا في هذا الوطن الذي لا يقوى الانسان على التعرف على جوهر إنسانيته إلا فيه".

"[لقد اصبح لدى الشعب الفلسطيني مسرحاً ...] قالها ادوارد سعيد في محاضرة له في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهي من اواخر المحاضرات في حياته، في سعيه لاثبات أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة مستقلة"، هذا ما بدأ به المخرج جمال الرزي في كلمة ألقاها باسم تجمع مسرحيّي غزة.

وأضاف الرزي أن الاحساس بالحياة رغم التعبير عنه بأشكال فنية هائلة لا يأخذ الطابع الانساني المتكامل والفريد الى حد الاذهال، الا على خشبة المسرح. وعبر عن أمله أن يصبح المسرح في غزة عادة، الأمر الذي لا يقل أهمية عن فكرة انشاء جيل جديد على مبادئ من الحرية والعدالة.

لوك بريارك، مدير المركز الثقافي الفرنسي في غزة، ألقى كلمة المراكز الثقافية دعا فيها المسرحيين والمثقفين الفلسطينيين أن يكسروا الحواجز التي تحجب تواصلهم مع العالم الخارجي، وأن يطيروا رسائلهم ومشاريعهم المسرحية "عبر الانترنت"! لمشاركة مؤسسات ومسرحيين دوليين لتعريف الاخر بهم واكتساب تجارب جديدة.

وفي كلمة "المسرح العالمي" قرأ تيسير المغاري، كلمة للكاتبة فتحية العسال قالت فيها إن المسرح هو الضوء الذي ينير للانسان الطريق ويؤمن التواصل للمشاهد هو التواصل الذي يولد الدفء بيننا سواء كنا أمام النص المسرحي أو أمام خشبة المسرح.

من وراء جدار الفصل العنصري، بعد انتهاء الحفل قال المخرج أبو سلعوم، في اتصال هاتفي، ان هذا التكريم ليس الأول في حياته لكنه المميز وله أثر كبير في النفس لأنه "مطعم بصمود ونضال غزة، "تكريماً يحمل رائحة برتقال غزة وبحر غزة الذي أشتاق اليها".

وفي تعليقه على منع قوات الاحتلال له من الوصول الى الحفل قال أبو سلعوم ان اسرائيل ما انفكت تحاول فصل جسد الوطن عن الروح عبر فصل الضفة الغربية والقدس وغزة عن بعضها، وأن هذا الاسلوب الجائر لن يمنع التواصل والابداع الفلسطيني.

أحمد أبو سلعوم، ممثل ومخرج من رواد المسرح الفلسطيني، من مواليد القدس عام 1953، بدأ عمله في المسرح عام 1973، أسس المسرح الشعبي الفلسطيني عام 1979 ورابطة المسرحيين عام 1989، حاز على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج عام 1995، يعمل حاليا مدير عام مسرح سنابل في القدس.

بانوراما مسرحية عُرض من خلالها مجموعة من الأعمال المسرحية التي أنتجها مسرحيو غزة في الآونة الأخيرة. "الجسر" اخراج خليل طافش، "المشوار الطويل" اخراج جماعي لفرقة مسرح للجميع، "في شي عم بيصير" اخراج ابراهيم المزين و"رحلة الى الملك" من اخراج على أبو ياسين وغيرها.

بانوراما أشاد دحبور بها وبمنتجيها فقال في لقاء خاص: "بانوراما تتحدث عن نفسها، عروض قام بها المجتمع المدني في ظروف قاسية أشبه بمرحلة مخاض. وفي معرض رده على سؤال حول الشروط التي يُفترض توفرها لتفعيل المسرح في فلسطين قال دحبور: "لا شرط على المسرح الا المزيد من المسرح ولا شرط للمسرح الا المزيد من الديمقراطية لأن الخشبة، ان لم تكن حرة وتتحدى السكوت فانها لا تستطيع أن تحتضن مسرح حقيقي".

وحول "المسرح الحقيقي"، قال طافش، في لقاء خاص، إن بذور المسرح الحقيقي تكمن في الالتزام بالمسرح الجاد والملتزم الذي هو أساس العمل المسرحي الذي من الممكن أن يُبدع فيه المسرحيون. وعبر طافش عن أمنياته أن تحد الجهات "الداعمة" من شروطها لتطلق العنان للابداع الذاتي والحقيقي.

خليل طافش، ولد في عاقر (قرية فلسطينية قرب أسدود احتلها الصهاينة عام 48) عام 1943، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة عام 69، أسس المسرح الوطني الفلسطيني والمسرح الجامعي في دمشق عام 73، أخرج العديد من المسرحيات أبرزها "الكرسي" المنقولة عن "العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع لمعين بسيسو، و"مهاجر بريسبان" لجورج شحادة.

نجاح عوض الله، المنسقة الاعلامية لـ"تجمع مسرحيين من غزة" قالت ان "التجمع" هو مسمى غير رسمي لمسؤولي مؤسسات وأشخاص فاعلين في المجال المسرحي في غزة وضعوا أيديهم بيد وزارة الثقافة للاحتفال بيوم المسرح العالمي الذي صادف السابع والعشرين من مارس.
وأضافت عوض الله أن جريمة اغتيال الشيخ ياسين أعاقت اقامة الحفل في وقته المحدد كما أربكت الترتيبات وألغت بعض الفقرات التي كان من المفترض تقديمها للجمهور.

فرقة "فلسطين أوتار شرقية" بقيادة الماسترو ابراهيم النجار قدمت مقطوعة موسيقية "سماعي بيت العريان" أتبعتها بوصلة غنائية "خليك عالي رافع الجبين" أطربت المخرج طافش وجعلته يتوقف عن اشعال ولاعته للنظر في عقارب الساعة، وينشغل بالنقر على مجسم من الفضة الخالص صممه الفنان فايز السرساوي خصيصاً لهذه المناسبة.

لم يكن طافش هو الوحيد الذي "اندمج" مع الوصلة الغنائية" فالشاعر الكبير أحمد دحبور في أقصى يمين المسرح قابله في أقصى اليسار سفير فلسطين في اليمن، يحيى رباح، أخذتهما النشوة و"الدوزنة" ليشاركا المطرب وسام فرج والجمهور في وصلة من الأغنيات الشامية.

الكاتب على أبو خطاب، بعد أن أشاد بفكرة الحفل لم يخفِ امتعاظه تجاه "البانوراما المسرحية" التي تم تقديمها، وذلك بسبب أن جلها، ان لم يكن جميعها، تم انتاجه بتمويل أجنبي، وبعضها تمويل واخراج أجنبي، وتمنى أبو خطاب أن يرى أعمالاً فلسطينية بحتة. ثم تساءل أبو خطاب عن ما تردد في الحفل عن "التجمع المسرحي" واصفاً اياه بالجسم الهلامي الذي يجب أن يتحول الى حقيقة.

سمير دغيش أحد المواطنين الذين حضروا الاحتفال، قال أنه سعيد باحياء مناسبة عالمية، الأمر الذي جعله يشعر أنه جزء من هذا العالم المنعزل عنه بسبب الحصار الاسرائيلي.

التعليقات