11/06/2012 - 01:09

"وطن يتفتّح في الحرّيّة": اختتام أكبر تظاهرة ثقافية دعما للثورة السورية

اختممت في العاصمة القطرية الدوحة، الجمعة، التظاهرة الثقافية والفنية الضخمة "وطن يتفتّح في الحرية"، والتي أقيمت دعما للشعب السوري وثورته، وحضرها حشد كبير من الفنانين والأدباء والشعراء والمثقفين السوريين والعرب.

اختممت في العاصمة القطرية الدوحة، الجمعة، التظاهرة الثقافية والفنية الضخمة "وطن يتفتّح في الحرية"، والتي أقيمت دعما للشعب السوري وثورته، وحضرها حشد كبير من الفنانين والأدباء والشعراء والمثقفين السوريين والعرب.

ونظمت التظاهرة التي امتدت لثمانية أيام متواصلة (01-08/06/2012)، هيئة "مثقفون من أجل سورية"، والتي يترأسها المفكر العربي عزمي بشارة، وتضم من بين أعضائها القاص زكريا تامر، والشاعر أحمد فؤاد نجم، ورسّام الكاريكاتير علي فرزات، والروائي  إلياس خوري، والشاعر عبد العزيز المقالح، والشاعر أمجد ناصر، والإعلامي علي الظفيري، والموسيقي نصير شمة، والروائي طالب الرفاعي، وغيرهم.

عزمي بشارة: الحرية هي الهم الذي قامت من أجله الثورة، واستجابة الفنانين السوريين فاقت التوقعات

وقد اعتبر عزمي بشارة في تصريحات صحفية على هامش افتتاح الفعاليات، أن "الحرية هي الهم الذي قامت من أجله الثورة"، لافتا إلى استجابة المبدعين والمثقفين السوريين التي جاءت بحسبه فوق التوقع، إضافة إلى مشاركة رمزية من المثقفين والمبدعين العرب."

وأضاف: "إن ملامح نجاح التظاهرة التي جاءت بمبادرة من مثقفين عرب، كانت قد بدأت قبل انطلاق الفعاليات، وأنها جاءت ردا على أقاويل حاولت النيل من الثورة بنعتها بالظلامية والإرهابية"، منوها بالدور الذي لعبته وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية.

وأشار بشارة إلى أن التظاهرة تهدف إلى لفت أنظار العالم للمجازر التي يرتكبها النظام السوري في حق شعبه بدم بارد، وهو ما دعا النخب من الفنانين والكتاب إلى الدعوة لهذه التظاهرة التي تمتد لثمانية أيام تناقش ما يحدث على الساحة السورية من خلال الأعمال الفنية التي تعكس روح ثورة الشعب الأعزل، ولفت إلى أن الحضور المكثف في التظاهرة دليل مهم على حجم التفاعل الثقافي مع الثورة وفعالياتها ودعمها.

حفل الختام

وكان مختتم التظاهرة احتفالية غنائية شارك فيها فنانون من سوريا والعراق وتونس والمغرب، حيث كانت أولى فقرات الحفل إعادة عرض " إيقاعات من الثورة"، وهي مقتطفات من الشعر العربي الممزوج بالموسيقى، قامت بأدائه حلا عمران، بمصاحبة الملحن والمغني الفلسطيني منعم عدوان.

وشمل الحفل كذلك فقرات من الغناء المنفرد، شارك فيها الفنان المغربي رشيد غلام، مستعيدا قصيدة الشاعر السوري نزار قباني "موال دمشقي".

بعد ذلك، غنى كل من العراقي أنور بودراغ  والتونسية ودرصاف الحمداني، معًا، جراح للثورة بانسجام تام، في نشيد طوف بالمدن السورية من مهد الثورة فيها "درعا" إلى عاصمتها حمص وبوابتها الشهيرة "بابا عمرو".

وغنت الحمداني منفردة موالا من كلمات الشاعر السوري حسان عزت، يحاكي مشهدا لابن يحاول إنقاذ أم قضت شهيدة، وفي مشهد حزين مهد له الناي غنت "يا دمعة قمر ينده على أمه... إمي لك يامو يا غصة الصوت مدبوح .. يا بحة شجن وتر مجروح".

وعاد بعدها الفنان السوري خاطر ضوا ليدعو الجمهور ليكون "كورسا" له في نشيد "الشعب يريد"، لاتي قال فيها: "الشعب يريد الحق بالحياة .. الشعب يريد الحق بالحياة.. وشاء الإله، أتبعه وصفي المعصراني بأغنية "جنة جنة يا وطنا"، وسط هتافات الجمهور برحيل الأسد والحرية للشعب السوري.

أوبريت الحرّيّة

ومع انتهاء وصلات الغناء الفردي، قدمت "أوبريت الحرية"، بمشاركة كل من وصفي المعصراني، وخاطر ضوا (سوريا)، ودرصاف الحمداني (تونس)، وأنور بودراغ (العراق)، ورشيد غلام (المغرب)، وهي من تأليف الشاعر المصري وائل السمري، وألحان نصير شمة، ومنها: 

يا سوريا دمنا فداك.. فنحن منك وأنت منا، 

لا تحزني يا سوريا فالفجر بعد الليل قادم..

 لا تحزني يا سوريا

فالفجر بعد الليل طالع

لا تنحني يا سوريا

فالنصر بعد القهر راجع

حكم البابا: أمام المجازر التي تحدث في سوريا، يمكن للفن أن يمد يدًا حانية إلى جريح

وكانت فعاليات التظاهرة قد افتتحت رسميا في الحي الثقافي "كتارا" بالدوحة، تحت رعاية وزارة الثقافة والفنون والتراث، وألقى الكاتب في مستهل الافتتاح كلمة "مثقفون من أجل سوريا"، قائلا إن التظاهرة لا تدّعي احتكار الفعل الثقافي والفني الداعم للثورة، وتدعو كل الكتاب والفنانين الذين لم يصل منظموها لعناوينهم أن يكونوا جزءًا أساسيًّا فيها ومنها، لأنها تعرف كل المعرفة بأن المثقف السوري كان جزءًا رئيسيًّا من فعل الحرية ومقاومة الاستبداد خلال كل سنينه السوداء التي جثمت على صدور السوريين.

وأكد البابا أنه "أمام المجازر التي تحدث في سوريا، يمكن للفن أن يمد يدًا حانية إلى جريح، أو تربت على كتف أم شهيد تذرف دموعها"، مشيرًا إلى أنه بحجم الحزن والمأساة التي تعيشها سوريا هناك فرح يعيشه السوريون الذين يقومون بصناعة التاريخ على مرأى من العالم.

وأشار البابا إلى أن "التظاهرة التي تجمعنا بفعالياتها الثقافية والفنية تهدف إلى تقديم صورة حضارية مشرفة للثورة السورية، تليق بعنفوانها، عبر الإبداع الثقافي والفني بمختلف أشكاله وألوانه، وتجمع عددًا من أبرز الوجوه الثقافية والفنية السورية من الكتاب والشعراء والمخرجين والتشكيليين والممثلين، الذين وقفوا إلى جانب ثورة شعبهم وتضحياته من أجل الحرية."

وفي كلمتها التي ألقتها نيابة عن المثقفين والمبدعين السوريين، قالت الشاعرة لينا الطيبي، إنه لا يوجد "مثقف متخاذل في سوريا، ومن هو كذلك فليس منا".

وأشارت إلى أن "أحلامنا وقصائدنا قرينة حرية دائمة"، وكانت قد بدأت كلمتها بالقول: "ورد أقل ودموع أكثر وياسمين لم يعد أنيقا"، مستعرضة قائمة بأسماء المبدعين السوريين الذين ما زالوا في خندق المواجهة ضد الاستبداد.

نور الشريف: صور الشهداء التي تهطل علينا أصابتنا بالعادية تجاه القتل

وألقى الفنان المصري نور الشريف كلمة باسم الفنانين العرب، متمنيا أن يختصر الكلام وتزيد الأفعال، قائلا إن "صور الشهداء التي تهطل علينا أصابتنا بالعادية تجاه القتل المتعمد والاستهتار بالشعب كما لو أننا نتفرج على مسلسل."

وتساءل الشريف قائلاً: ماذا يمكن للفن أن يصنع ؟ مستشهدًا بمسرحية كتبها علي سالم بعنوان "أنت اللي قتلت الوحش"، انتقد فيها جمال عبد الناصر حيث كان يسأل الحاكم الفنان: "من سنفرو الفنان؟ قال لا أنا أسطى في ورشة صناعة البني آدمين"، فالفن هو الورشة التي تصنع "البني آدم" شرط أن يعطينا الحاكم الحرية لخلق أجيال واعية تدافع عن الوطن بشرف.

ووجه حديثه إلى كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا، بأنه "علينا جميعا أن نتحد وأن نؤجل خلافاتنا المذهبية والحزبية إلى ما بعد الانتصار."

وفي نهاية حفل الافتتاح عرض فيلم "حكاية ثورة"، وهو فيلم تفاعلي امتزجت فيه كلمات عدد من الفنانين الحضور بشكل مباشر مع صور للثورة في سوريا وتونس ومصر.

أحمد فؤاد نجم: سأذهب إلى سوريا والثوار في السلطة

وخصصت ضمن فعاليات التظاهرة، أمسية جمعت بين شعرية الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، والموسيقي العراقي نصير شمة.

وقد عبر نجم في أكثر من مرة خلال مشاركته في التظاهرة، عن إيمانه بأن الشعب السوري سينتصر لأنه ليس هناك شعب يهزم برأيه، قائلاً إنه سيذهب إلى سوريا والثوار في السلطة.

وتطرق نجم لصور من ذكرياته في دمشق، مقدما نماذج ساخرة من حياة الشعب السوري في ظل القمع والاستبداد، ومستذكرا شعارا أضحكه كثيرا رآه في دمشق، وهو عبارة تقول "الصم والبكم يقولون نعم للرئيس".

وتحدث نجم عن لقاء بشاعر الرفض العراقي مظفر النواب، وزيارات لمخيمات سوريا. واستذكر الراحل جمال عبد الناصر، وهو الذي عانى الأمرين في سجونه، بيد أنه ظل وفيا له، وقد أهداه قصيدته "تحية لجمال عبد الناصر"، وأنشد كذلك قصيدته "البتاع"، والتي يهجو فيها الرئيس محمد أنورى السادات.

وعلق على الأحكام الصادرة مؤخرا بحق رئيس النظام المصري السابق وأعوانه، واصفا إياها بأنها أحكام "عاهرة"، وأن القضاء المصري تم "توسيخه"، مستحضرا قصيدته "زمن الخنا"، والتي يقول فيها:

"آه يا زمان الخنا

يا ماشي بالمعكوس

فيك أى شيء ينشري

وكل شيء بفلوس

حطيت عديم الرجا

عالخايب المتعوس."

نصير شمة يعزف الثورات: سوريا هي الأكثر وجعا

بدوره، افتتح العراقي نصير شمة وصلته بمعزوفته "بياض"، مهديا إياها لشهداء الربيع العربي، واعتبر في حديث له أن ثورة سوريا هي الأكثر وجعا، فهي التي شهدت التشويه وقتل الأطفال، وحتى بيع الأعضاء البشرية، وفي مقاربة لحنية قدم مقطوعته الحزينة "بابا عمرو".

ولأنه من بغداد التي تلح عليه، فقد استعاد معزوفة "ليل بغداد"، واضعا فيها آماله بأن يحمل الآتي الأمل لبغداد بانتهاء آلامها بعد عشرين عاما من المعاناة، وإلى تونس التي انطلق منها الربيع العربي طاف شمة بحضوره في تجلياته بالعزف بيد واحدة.

ولم ينس الفنان العراقي المبدع أن يعزف بعدها مقطوعة حملت عنوان "ماء وحرية"، وهي التي أبدعها في مصر، حيث عايش ثورتها من مقر إقامته يوما بيوم، وفي المقطوعة إحساسات بالألم تبعثها معزوفة شمة، وأجواء أخرى من الأمل.

وفي آخر إبداعاته يستوحي شمة من الفولكلور الموسيقي السوري "لحن يا مال الشام"، في تناص موسيقي غني، ومقاربة حول مجزرة الحولة.

أصالة نصري

وكان من بين الفنانين المشاركين في التظاهرة أيضا، السورية أصالة نصري، والتي قدمت أغانيها في حفل بدار الأوبرا "بكتارا" وسط تفاعل كبير من الجمهور.

ومن الأغاني التي قدمتها اصالة "يا شام" و"هذه دمشق"، و "طيري طيري يا حمامة"، و"يا مال الشام"، و"أنا ما أقدر أقول"، و"إلى متى"، وغيرها، لتختم حفلتها برفقة الأخوين أحمد ومحمد ملص بأداء قصيدة "عابرون في كلام عابر" للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش. 

وقامت أصالة خلال الحفل بإعلانها تبرعها بقرطيها الماسيين دعما لثوار سوريا، مؤكدة أن الشعب السوري في حاجة إلى كل درهم.

وقد قالت نصري تعليقا على مشاركتها وموقفها من الثورة السورية خلال مؤتمر صحافي عقد في الدوحة الثلاثاء الماضي، إنها اختارت منذ اليوم الأول الوقوف إلى جانب الشعب، ولكنها لم تكن تفكر في أن تكون ضد النظام أكثر مما اعتبرت هذا الموقف ذا أبعاد إنسانية أكثر مما هو سياسي، وأضافت أصالة أن فكرة تنظيم هذا المهرجان تعد رائعة، خاصة أنه جمع هذا الكم من الفنانين والمثقفين في ظل النظام السوري الحالي الذي لا يعد مبعث تخوف لدى هؤلاء، وبالتالي فإن هذا المهرجان سيكون حتما في صالح ثوار سوريا الذين ينتظرون دعما أكبر من المواقف البسيطة التي يتم القيام بها حاليا.

وقدمت مجموعة من الموسيقيين والمطربين السوريين والعرب أغاني للثورة والإنسان، بالإضاة إلى نصري وشمة، وهم الفنانون علي الحجار، وسميح شقير، وسناء موسى، ومجد القاسم، وخاطر ضوا، وأحمد قعبور، ويحيى حوا، ووصفي المعصراني.

زكريا تامر وفرح بيرقدار في ندوة حول المثقف والسلطة والثورة

وفي اليوم الثاني للتظاهرة، عقدت ندوة ثقافية أدارها الكاتب والمفكر العربي، الدكتور عزمي بشارة، تحت عنوان"مثقفو سورية والسلطة والثورة"، شارك فيها كل من المثقفين والكتاب زكريا تامر، وفرح بيرقدار

ودارت الندوة حول الفصل بين الولاء والانتماء للسلطة على حساب الشعوب، وأكد المشاركون فيها على أن ضمير الفنان يجب ألا يغفل أو يتوانى عن تلبية نداءات وطنه إذا تعرض لمثل هذا الإهدار والظلام الذي يتعرض له الشعب السوري، ويتعايش معه لعام ونصف العام.

ووصف الكاتب القصصي زكريا تامر الإنسان الذى يبيع نفسه للسلطة على حساب شعبه بالجبان،  كما اشتد وصفه السلبي للفنان الذى لا يبالي بما يحدث لأبناء شعبه من سفك للدماء وهتك للأعراض، لافتا إلى أن كل المتزلفين للحكام كانت مصائرهم إلى مزبلة التاريخ .

بينما أثنى الشاعر السوري فرح بيرقدار، والمقيم في السويد، على ثورات الربيع العربي، وقال إنها كانت نواة وتجربة من المفترض أن ينتبه إليها جميع أصحاب الديكتاتوريات في العالم، وبالتحديد من  تجبروا والتصقوا بالسلطة، مثلما الحال في سوريا، داعيا جموع السوريين في الداخل والخارج إلى توحيد موقفهم وصفوفهم في مواجهة  القهر والكراهية التي يتبناها النظام القمعي في سوريا ضد شعبه.

حضر الندوة إلى جانب زكريا تامر وفرح بيرقدار، كلا من الروائية السورية  القادمة من فرنسا، مها حسن، والتي روت جزءًا من حكاية الثورة عبر شهادتها الخاصة، وكذلك الروائي  والسيناريست  ياسين عبد اللطيف.

سوق خيري ومعارض فنية لمبدعين كبار

وشملت فعاليات التظاهرة افتتاح السوق الخيري الذي تضمن منتجات خزفية ومشغولات خشبية وبعض المنسوجات التي تحمل الطابع السوري، والتي من المقرر أن يخصص ريعها لضحايا الثورة وللأسر السورية المنكوبة.

إلى جانب السوق الخيري تم افتتاح معارض الفنون التشكيلية والكاريكاتير والصور الفوتوغرافية، والتي تضم مجموعة من الأعمال ذات الطابع الثوري، ومن ضمنها معرض لرسوم الأطفال، ومعرض لفنون الثورة (الطوابع والملصقات واللافتات).

وضمت الفعاليات التشكيلية معرضا للمخرج محمد الرومي، يضم 25 عملا، ومعرضا آخر لخالد الخاني، يضم 23 عملا، ومعارض ثنائية وجماعية لعدد من الفنانين المشاركين، مثل ماهر البارودي، وبهرام حاجو، وسهير السباعي، ابنة الروائي الشهير فاضل السباعي، وأعمال خزفية لزاهر تاج الدين، وخالد عبد الواحد، وولاء دكاك، وفراس جبنخجي، وحمد الحناوي، وسلطان صعب، وإسماعيل الرفاعي، وخالد عبد الواحد، وخليل يونس، وإيمان بكداش.

وفي معرضه الفردي الذي يضم 65 عملاً، قدم فنان الكاريكاتير علي فرزات مجموعة من اللوحات تحكي مسيرة الفنان وعلاقته بالسلطة من جهة، وتعاين معاناة الشعب السوري في ظل القمع من جهة أخرى.

ومن اللوحات رسم يظهر رعب الرئيس السوري بشار الأسد وهو يطالع أجندة يقلب فيها يوم الخميس ويشيح بوجهه رعبا من يوم الجمعة، وهو اليوم الذي ينزل فيه الشعب السوري إلى الشارع هاتفا ومطالبا بحريته.

قراءات أدبية: "روائيون مع الثورة"

ومن ضمن الفعاليات أيضا، عقدت أمسيات لقراءات أدبية، شعرية ونثرية، إحداها كانت تحت عنوان "روائيون مع الثورة"، بمشاركة الروائيتين السوريتين مها حسن ومنهل السراج، والكاتب والقاص إسلام أبوشكير، والروائي السوري فادي عزام، الذي ترك ورقة له تمت قراءتها وفيها: "الرواية السورية تكتب الآن.. اصغوا لوصية الشهيد غياث مطر.."، فيما أدارت النقاش الشاعرة لينا الطيبي.

 بدورها، قدمت منهل السراج قراءة لغوية موازية للقراءة الدرامية التي يحتويها "اليوتيوب" عن المآسي الإنسانية في سوريا، وقد كانت هذه القراءة الموازية ترجمة لغوية لمواقف تم تصويرها على عجل وبدون أي احتراف، لكنها غنية بالمواقف الإنسانية ضمن تصعيد درامي؛ حيث الطفلة الجريحة المتألمة، والأم الثكلى، والأب الشهيد، والطفل الشاهد الذي غاب عن أذهان الجميع أنه كان حينما يدلي شهادته عن مجزرة الحولة قد نادى أخاه "بندورة" وهو اسم الدلع لأخيه نادر.

أما الروائية السورية مها حسن، فتمحور سؤالها حول ما يتعرض له المبدع السوري المقيم خارج حدود القتل في سوريا، فتقول فيما عنونته بـ "بمثابة شهادة روائية":

"لماذا أنا هنا؟ وهل ترضى عني حالتي الروائية وأنا هنا؟ ماذا يعني أن يكون هنا؟ الروائية بداخلي تنسلخ عني وهي قادمة إلى هنا، تركتها في غرفتي هناك جالسة خلف المكتب الأسود، وتضع رأسها بين كفيها محاولة عصر مخيلتها لتتقنع."

"الرواية السورية تكتب الآن"

وتلت مها حسن مداخلة الروائي فادي عزام، والذي أكد فيها أن الرواية السورية تكتب الآن، فهناك آلاف الشهداء وهم أبطالنا.. الرواية السورية الجديدة متضمنة وصية الشهيد السوري الشاب غياث مطر، والذي كان رمزا للنضال السلمي ولمقارعة الطغيان بطريقة سلمية.

وتضمنت مشاركة القاص والكاتب إسلام أبو شكير مفارقات عاصفة عن الأب الذي يقص لأولاده حكايات عن الحداثة وعن لينين وفن النهضة، ونصوص لشعراء ومفكرين، ثم يموت بحسرة جرة الغاز والمازوت، وختمها بصفعة: شكرا حزب البعث.

و تحدث أبوشكير عن مدينته البوكمال في أقصى الشرق السوري، وهي المدينة المهمشة التي يفرح الأطفال حينما يرونها في نشرة جوية أو ذكر اسمها في كتاب، لافتا إلى أن هذه المدينة حظيت بتغطية إعلامية فريدة مرتين، واحدة قبل نحو أربعة أعوام، حينما قام الجيش الأميركي بقصفها وقتل العديد من أبنائها، وحاليا حينما اقتحمها جيش النظام السوري وارتكب العديد من المجازر فيها، ولذلك "شكرا الجيش الأميركي.. وشكرا بشار الأسد."

الثورة على منصة الشعر

وكان من بين الأمسيات الأدبية، أمسية قراءات شعرية شارك فيها الشعراء حسان عزت، وعيسى الشيخ، وخلف علي خلف، أدارها زميلهم الشاعر مروان علي.

قدم الشاعر عزت قصيدة مطولة تحكي معاناة الإنسان السوري وتمجد قيم الحرية والعدالة والحب والتسامح وشهداء الثورة ورموزها.

ومما قرأه الشاعر خلف من شعر ما قاله فيه:

الطفل يقول للقاتل:

اقتلني واترك أمي وأبي

الأم تقول للقاتل:

اقتلني واترك الطفل وأبيه

والأب يقول للقاتل:

اقتلني واترك الطفل وأمه

والقاتل يقوله لهم:

لا تقلقوا لا تقلقوا

سوف أقتلكم جميعا.

ونظمت ندوة قراءات ثالثة، أدارها الروائي والقاص إسلام أبو شكير، بحضور الشعراء رشا عمران، وفرج بيرقدار، ومروان علي، وتحدثت الشاعرة رشا عمران عن الأزمة السورية وأنها أصيبت بحالة من التوقف عن الكتابة استمرت لفترة طويلة، ثم عاودت الكتابة مجددا، وألقت عمران ثلاث قصائد، هي "الميدان"، و"الدمعة"، و"معطف أحمر فارغ"، ثم ألقى الشاعر مروان علي قصائده: "أقسم"، و"انظر إلي بعين قديمة"، و"رسالة"، ليقدم الشاعر فرج بيرقدار بعد ذلك مقتطفات من قصائده هو الآخر.

"واقع الآثار السورية في ظل الثورة"

وعقدت كذلك ندوة تناقش "واقع الآثار السورية في ظل الثورة"، تناولت التدمير الذي أحدثه النظام الحاكم في سوريا بآلته العسكرية في الآثار السورية، وتحدث فيها شيخموس علي، الباحث في آثار الشرق القديم .

وقال شيخموس  "إن سورية شكلت بغناها الحضاري، كما وصفها المنقب الأثري الألماني ماكس فون أوبنهايم، فردوسا لعلماء الآثار، فمنذ العام 1860 بدأ علماء الآثار يتوافدون إليها، حيث وصلت أول بعثة أثرية بإشراف المؤرخ آرنست رينان، الذي قام بأعمال مسح أثري للساحل الفينيقي بين سورية ولبنان، ونشر كتابه الشهير بعثة إلى فينيقية."

وتحدث الباحث كذلك عن الواقع المزري الذي يشهده قطاع الأثار في سوريا بسبب المخاطر التي تتعرض لها المواقع والمباني الأثرية من خلال الصعود على أسطح المباني والجدران، و ما يتخلل ذلك من خطر انزلاق الأجزاء العلوية من هذه الجدران و بالتالي انهيارها، إلى جانب تشويه جدران المباني الأثرية بالكتابات والرسومات، وتعليق اللافتات والشعارات القماشية على الجدران والمباني الأثرية.

وقال أيضا: "لقد عمد النظام منذ بداية الثورة السورية إلى السيطرة على الأماكن الاستراتيجية في أغلب المدن والبلدات، وذلك بهدف السيطرة  الأمنية وقمع التظاهرات، ومن أجل هذا الهدف فقد تم وضع الآليات العسكرية والجنود والمتاريس للقناصة على سفوح بعض التلال والقلاع الأثرية."

وأوضح أن هناك  تدمير وتخريب مباشر وعنيف يتم في سورية عن طريق الحفر في التلال والمواقع الأثرية، أو في حرمها، لتثبيت آليات عسكرية ثقيلة، أو شق الطرق لتسهيل مرور المركبات والدبابات، إلى جانب تبادل إطلاق النار في المناطق الأثرية، وبالتالي تتحول المباني و المواقع لساحات حرب.

كما لفت إلى عمليات القصف المباشر للمباني التاريخية وعمليات السرقة التي تتعرض لها المواقع الأثرية من خلال الحفر السري، مع ما رافق ذلك من ضعف كبير في الرقابة الأثرية من المديرية العامة للآثار والمتاحف وفروعها، والتي أدت إلى سرقة اللقى الأثرية في العديد من المتاحف.

سينما النقد.. سينما الثورة

وعرضت خلال التظاهرة أعمال سينمائية عدة، منها ما هو ممنوع عرضه في سوريا، ومن بينها فيلم "نجوم النهار" للمخرج أسامة محمد، وفيلم "ع الشام ع الشام" للمخرج نبيل المالح، و"رحلة إلى الذاكرة" للمخرجة هالة محمد، و"الليل الطويل" للمخرج هيثم حقي، وفيلم "أزرق رمادي" لمحمد الرومي.

وفيلمي "سينما صامتة" و"ست قصص عادية" للمخرج ميار الرومي، إضافة الى عرض ثلاثة أفلام للمخرج الراحل عمر أميرلاي، وهي "الدجاج"، و"الحياة اليومية في قرية سورية"، و"طوفان البعث".

كما عرضت أفلام حول الثورة السورية، وهي "تهريب"، و"ثورة"، و"عباد الشمس"، و"وعر"، و"طريق القوافل"، و"حماة، 1982 – 2011"، وكذلك أفلام قصيرة للأخوين ملص.

وقال المخرج السوري محمد الرومي حول فيلمه "الطوفان" ومنعه في سوريا: "الفيلم صور في السر ودون رقابة من السلطات، ولو كانوا مسكونا في الطريق لكنا تعرضنا للخطر، الفيلم منع لأنه يخاطب العقول وهذه هي سياسية هذا الحزب"، في إشارة منه إلى حزب البعث.

مسرح

واشتمل المهرجان على عروض مسرحية، تضمنت عرض مسرحية "ممثلة"، وهي مونودراما من تأليف خلف علي الخلف، وتمثيل لويز عبدالكريم، وكذلك عرض "إيقاعات ثورية"، من أداء حلا عمران وعود منعم عدوان، وعرض "أسماء الشهداء الحسنى"، من أداء حلا عمران ونعمى عمران، و"موعد بالسما" من أداء زينة حلاق، وعرض "الأيام السبعة للوقت"، وهي مسرحية عن قصيدة للشاعر نوري الجراح من أداء تيامة الكاملي، وإخراج وليد قوتلي، ومجموعة عروض قصيرة للأخوين ملص "الثورة غدا تؤجل إلى البارحة"، و"الممثلان في ظل الثورة"، و"أنا وحالي في ظل الثورة."

التعليقات