جيش كبير وأحمق/ يوئيل ماركوس

-

جيش كبير وأحمق/  يوئيل ماركوس
كتب يوئيل ماركوس في صحيفة هآرتس:

<< أسبوعان بعد أن خرجت إسرائيل لتدمير حزب الله، بدت انجازاتها العسكرية محدودة. هذه الدولة التي وقفت عدة مرات، قلة ضد كثرة، حيث وقفت ضد سبع دول عربية في حرب التحرير، وهي صاحبة الجيش الذي نجح في ستة أيام في هزيمة ثلاث دول عربية قاموا ضدها، هذه الدولة تقف الآن في وضع مربك بعكس تاريخها الحافل، وهي الآن كثرة ضد قلة.

من كان يصدق أن تنظيما مكونا من مئات المقاتلين المنظمين، لواء ونصف لواء ربما، ينجح في شل نصف دولة بقصف يومي، عشرات ومئات الصواريخ في اليوم، 1200 صاروخ حتى صباح يوم الأحد، حسب تقارير وزير الأمن . من كان يصدق أن مدنا كصفد وعكا ونهريا ونتسيرت وطبريا وحيفا عاصمة الشمال، تستيقظ كل يوم على صفارات الإنذار وعلى القصف القاتل، الذي جعل الآلاف كأنهم لاجئون، وشل الحياة في قسم كبير من الدولة. وكل هذا كله قبل أن يجرب حزب الله إطلاق الصواريخ الثقيلة إلى تل أبيب.

من كان يصدق أن الجيش المستعد لحروب كبيرة، الذي تخشى إيران أن يهاجم منشآتها النووية، والذي يمكنه في ليلة واحدة أن يسقط 23 طنا من المتفجرات، لا ينجح في وقف إطلاق الصواريخ. كيف يحدث، أن يعلن الجيش قصف تلفزيون حزب الله ثم يظهر فيه حسن نصر الله بصحة جيدة ويوجه كلام تحد لنا.

خرجت إسرائيل إلى الحرب وهدفها تدمير حزب الله كتنظيم عسكري معاد يعمل على حدودنا، كرد فعل على الاستفزاز والاختطاف الذي أمكن بسبب روتين الاسترخاء الذي انتشر مؤخرا بالجيش. وكل ذلك بدعم دولي على رأسه الرئيس بوش، وأيضا بدعم معظم الجمهور في البيت. اعتقد بوش والجمهور أن الجيش يعرف ماذا يفعل، وأن تفوق العناصر والعتاد سيؤدي إلى تدمير حزب الله كقوة تهدد إسرائيل. ولكن شيئا فشيئا انكشفت معطيات مقلقة وبدل جيش "صغير وحكيم" ظهر جيش كبير وأحمق.

الظهور الشاذ لضباط الجيش في التلفزيون. قائد الجبهة الداخلية الذي لا يتوقف عن إعطاء علامات للجبهة الداخلية لا ينتبه أنه في اللحظة التي تحس الجبهة الداخلية أن الجيش لا يقوم بالمهمة، سيهرب الناس ليس فقط من بيوتهم بل أيضا من البلاد، مثل آلاف السائحين الذين هربوا. قائد الأركان الذي قال "سنعيد لبنان عشرين سنة إلى الوراء" ويهدد الآن بأنه مقابل كل صاروخ سيفجرون بيتا مكونا من عشر طبقات. قائد المنطقة الذي يعلن "حينما نكون في الحرب لا نعد القتلى" وهي نسخة محسنة لمقولة لـ "بيني غاتس"، من كان عميدا عام 2001 "حينما نحطب أشجارا تتطاير أجزاء" ولم ينتبه أن تلك الأجزاء هم بشر.

قائد الأركان الذي يبدو في حيرة من أمره متى يلبس البذلة الزرقاء ومتى يلبس الزي الكاكيّ، ويخرج في خطابات للأمة التي هي ضمن مهمات رئيس الحكومة، ويخصص يوما كاملا لجولة مع مراسل قنال2 روني دانيئيل. صدق العميد احتياط رافي نوي في تحليل تلفزيوني،إذ قال إن التفوق في الاختفاء ما زال لحزب الله والجيش الكبير والفظيع لم يضرب بكامل قوته إمكانيات التنظيم.

بخلاف رأي بعض زملائي فإن رأيي أنها حرب مفروضة علينا ويجب أن نخرج منها منتصرين. يجب ضربهم من الجو والبر، كي ينسحب حزب الله مضروبا وضعيفا إلى ما وراء الخط الذي تتواجد فيه القوات المتعددة الجنسيات التي يجب أن تنتشر مع الجيش اللبناني على الحدود الدولية حسب قرار 1559. إذا لم يتعاون حزب الله مع تسوية برعاية الأمم المتحدة بالتخلي عن ترسانة أسلحته الثقيلة التي يمتلكها وإذا رفض الانتشار إلى الشمال من الليطاني، لن يكون للجيش من خيار سوى الاستمرار في ضربه بقوة وتطهير الموقع وراء الموقع بقوة أكبر. أصول اللعبة التي أملاها حزب الله تجبرنا على التغير. وواقع هزيل هو غير ممكن.>>

التعليقات