"حملة "السلام مع سورية" كلعبة لصرف الأنظار عن الإخفاق العسكري"

-

كتب روني سوفير في "يديعوت أحرونوت" أن هناك عدة أهداف وراء إطلاق الحملة التي أسماها "السلام مع سورية"، من بينها محاولة وزير الأمن الإسرائيلي عمير بيرتس وكبار المسؤولين في كديما لفت أنظار الجمهور عن الإخفاق في الحرب، وصرف التركيز عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية. أما أولمرت، الذي يتعمد السكوت على التصريحات، ويضع شروطاً لإجراء المفاوضات مع سورية، فهو يسعى إلى تحسين صورته أمام اليمين الغاضب من الفشل العسكري، وإظهاره كمن يتمسك بهضبة الجولان. علاوة على أن مسألة المفاوضات مع سورية تزود الحكومة الإسرائيلية بأجندة مؤقتة تمنحها الفرصة للتنفس ريثما تتاح لها ممارسة اللعبة القادمة.

يقول سوفير أن تصريحات وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، المقرب من رئيس الحكومة إيهود أولمرت، بشأن استعداد إسرائيل للتنازل عن هضبة الجولان مقابل سلام حقيقي مع سورية، تأتي استمراراً لتصريحات وزير الأمن، عمير بيرتس. وفي الواقع فإن بيرتس، وقبل أن تنتهي الحرب، تحدث عن الحاجة إلى دراسة "الخيار السوري".

وأشار سوفير إلى ما نشرته صحيفة "هآرتس" حول تعيين يعكوف ديان، في إطار مشروع خاص بوزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، بشأن سورية. كما يشير إلى تصريحات القائم بأعمال رئيس الحكومة، شمعون بيرس لدى لقائه مساء أمس، الإثنين، مع وزير الخارجية الهولندي، حيث توجه إلى السوريين بطلب الإجتماع بهم بدون أي شروط مسبقة، على اعتبار أن هذه هي الإمكانية الوحيدة للحديث عن السلام!

ويؤكد أن أولمرت لم يهاجم في جولته في الشمال، الوزير المقرب منه (ديختر)، كما لم يهاجم عمير بيرتس أو تسيبي ليفني أو شمعون بيرس، بالرغم من أن تصريحاته جاءت ضد المبادرة، حيث قال:" هناك من يتحدث عن الجيران في الشمال وعن الحاجة إلى الحوار معهم. يجب أن نتذكر أن المنظمات الإرهابية لها مقار في دمشق وتحظى بدعم سوري. وحتى خاطفو غلعاد شليط يتلقون الأوامر من دمشق. يجب عدم الإنجرار إلى آمال وهمية أو خلق أوهام"

ويطرح الكاتب تساؤلات عديدة حول ما الذي يحصل؟ وهل يريد أولمرت إجراء مفاوضات مع سورية أم لا؟ أم أن ما يحصل هو تمرد جماعي لكبار المسؤولين في حكومة أولمرت، بحيث يقومون بحملة سلام مع سورية رغم أنف رئيس الحكومة؟ أم أن الحديث هو عن ألاعيب سياسية بمبادرة أولمرت؟ وهل كان الهدف منها عرض صورة أولمرت كمن يرفض التنازل عن الجولان في وجه اليمين الصاخب من إخفاقات الحرب على لبنان؟

كما يتساءل: هل كان الهدف إطلاق بالون تجارب لرئيس الحكومة بهدف "تزويد" أولمرت وحكومته برئاسة "كديما" بأجندة جديدة؟ ويضيف " ربما يكون ما نشهده شرق شمس يوم جديد على رئيس الحكومة الذي فقد في الشهرين الأخيرين في لبنان وغزة المقدرة على مواصلة الدفع بخطته "التجميع"!!

وبرأي سوفير فإن الحقيقة تكمن في الحقيقة التالية: كل الذين صرحوا أنهم يؤيدون عملية سياسية مع سورية كانوا أعضاء في "السباعية السري" وأعضاء في المجلس الوزاري المصغر للأمن القومي الخاص بأولمرت، وجميعهم بما في ذلك أولمرت، تلاحقهم لجنة التحقيق الرسمية بشأن إخفاقات لبنان. لجنة من هذا النوع ليست في صالح أولمرت، كما يعترف بذلك مقربون منه. ومن المتوقع أن تقوم اللجنة بدراسة ضرورة إعلان الحرب على الصواريخ في لبنان، وإدارتهم المترددة أثناء الحرب، والتأتأة في القرارات المتعلقة باستخدام القوة، وعجزهم عن الإستجابة لتوقعات الجمهور بشأن إعادة الجنود الأسرى أو بنزع أسلحة حزب الله وإبعاده عن الحدود، مثلما جرى تحديد أهداف الحرب في الأيام الأولى.

"وبطبيعة الحال لا يرغب أولمرت وكبار المسؤولين في حكومته بلجنة تحقيق رسمية (حكومية). ولا يرغبون أن تسألهم اللجنة لماذا لم تنتصر إسرائيل بضربة قاضية على منظمة لا يتجاوز تعداد مقاتليها بضعة آلاف. فهم يكتفون، وبسرور، بادعاء رئيس هيئة أركان الجيش، دان حالوتس، بأن إسرائيل انتصرت بالنقاط، مثلما صرح في جلسة الحكومة يوم الأحد الماضي".

وفي أعقاب النقد اللاذع الذي وجه لأولمرت في كريات شمونه، قال إنه لن يشارك في ما أسماه "لعبة جلد الذات" أو "توجيه ضربات قاضية للجيش"، بذريعة أنه "يجب التركيز على عدم تبادل الضربات ومناقشة ماذا جرى، وإنما على الإستعداد لما قد يحصل"!

وبرأي الكاتب فإن هناك حقائق لم يكن بالإمكان إخفاؤها، وهي أن بيرتس وكبار المسؤولين في كديما يحاولون تحويل أنظار الجمهور عن الإخفاقات في الحرب على لبنان، وعن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق. وهم يقومون بذلك عن طريق حملة يسمونها "السلام مع سورية". أما أولمرت فلم يقم بإسكاتهم، بل يلمح إلى إمكانية تحقيق ذلك ويبقي الباب مفتوحاً، رغم كونه متماثلاً مع الموقف الأمريكي تجاه سورية!

ويتابع:" أولمرت يخلق أجندة جديدة لحكومته التي فقدت الكثير من التأييد في الشارع بالمقارنة مع بداية الحرب. والجمهور الإسرائيلي ينشغل بلعبة جديدة، وينسى إخفاقات أولمرت، ويمنحه الهواء للتنفس حتى اللعبة القادمة"!

ويعتقد سوفير أنه بدون شك سيربح كبار المسؤولين في العمل وكديما من اللعبة الجديدة، وتكون إسرائيل هي الخاسرة!

التعليقات