"إرهاب المستوطنين"

-

كتبت هيئة تحرير صحيفة "هآرتس" أنه لم يكن مناص من قرار الحكومة بالإعلان عن مبنى الرجبي في الخليل منطقة عسكرية مغلقة، بيد أنه إذا لم يؤد إلى الخطوة الضرورية القادمة، فمن الممكن أن يتلاشى. وبعد المواجهات التي وقعت يوم أمس الأول، أعلن وزير الأمن، إيهود باراك، أن الحكومة لن تلجأ إلى التسليم بعربدات "قوى متطرفة"، بينما ينتشر في الوقت ذاته قادة تلك القوى في الحكومة والمحكمة والجيش والإعلام، كأنما الحديث عن جبهتين شرعيتين.

وتضيف أنه قد حان الوقت للتوقف عن التعريفات المضللة، وتسمية الأمور بأسمائها. لم يعد الحديث عن "مجموعات هامشية" أو "متطرفين فقدت السيطرة عليهم"، علاوة على تلفظات لغوية أخرى بهدف إخفاء حقيقة خطيرة. فمنذ زمن طويل يعربد المستوطنون في الخليل وفي أماكن أخرى في الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، وهدفهم هو تهديد الفلسطينيين إلى درجة تقويض السلطة في إسرائيل. وبحسب أي معيار عالمي فإن ذلك يعتبر إرهابا يزرع الخوف ويشوش الإدارة السليمة للدولة.

ورغم أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قد دعمت وشجعت الاستيطان في الضفة الغربية، وغضت النظر عن نشاطات المستوطنين إلا أن الصحيفة تقول إنه من الصعب التصديق كيف انجرت السياسة والمجتمع الإسرائيلي بسهولة إلى غض النظر عن الإرهاب اليهودي الذي يتعاظم. وتعزز ذلك منذ إطلاق سراح قادة الخلية الإرهابية اليهودية في صفقة مشبوهة. وتحت مظلة "الحفاظ على وحدة الشعب" والخوف المشروع من "تمزق الشعب" أصبحت عربدات المستوطنين عادية وروتينية. فالمستوطنون يشتمون ويبصقون ويضربون ويهدمون ويخربون، في حين يغض الجيش النظر في أحسن الأحوال، ويشارك معهم في أسوئها.

وتتابع أن أحداث مبنى الرجبي في الخليل هي إذا عملية خطيرة، والاحتجاج الشعبي الواسع، الذي كان يفترض، بحسب الصحيفة، أن ينشأ في داخل مجتمع سوي في أعقاب ذلك، لم يحصل لأن قلب المجتمع الإسرائيلي بات منغلقا منذ مدة طويلة. وفقط في ظروف كهذه يستطيع سفير إسرائيل سابقا، داني أيالون الذي انضم مؤخرا إلى حزب "يسرائيل بيتينو" الذي يرفع شعارات عنصرية واضحة، يستطيع أن يظهر كمحامي الكوزاك المسلوب ويحذر من أن "المستوطنين هم جزء من الشعب ويجب عدم سلخهم عنه".

وتضيف أن ناشطة اليمين المتطرف دانييلا فايس تحذر أيضا من أنه "في الخليل لن نقدم الخدّ الأيسر"، في حين يطالب المستوطنون في المبنى علانية مؤيديهم بتقديم المساعدة لهم ضد الجيش. ونداءات التمرد هذه، والمخلوطة برخات إنكسار مطلوبين، تفزع الحكومة.

وتخلص إلى القول بأن إسرائيل وصلت هذا الأسبوع إلى نقطة اللاعودة، والتي ستقرر من سيحكم البلاد: حكومة منتخبة بوسائل ديمقراطية وجهاز لفرض القانون أو الإرهاب اليهودي. وفي حال لم تقم الحكومة، في أسرع وقت وبدون خوف من العنف، بإخراج المعربدين في الخليل، والذين انفصلوا عن الدولة ومؤسساتها ويشكلون خطرا على الجمهور، فإنها تتحمل مسؤولية دماء ضحايا التعصب الديني المشتعل الآن في الضفة الغربية. وسيكون ذلك بمثابة انتصار للمستوطنين، وتأكيد يدفع باتجاه اليأس للأغلبية الصامتة في إسرائيل لأن "دولة اليهود الصهيونية" باتت أسيرة بيد من يعمل على هدمها.

وتنهي بالقول إنه "لا يصمد أي ادعاء أخلاقي محليا ودوليا، حتى المطالبة العادلة ببيت قومي للشعب اليهود، أمام هذا الخضوع للإرهاب".

التعليقات