"أسس للمفاوضات مع سورية.."

كتب إيتمار رابينوفيتش** في صحيفة "هآرتس" أنه في العام 1974، نشرت لجنة "أغراناط" تقريرها بشأن القصور الأساسي في الحرب، والقصورات الثانوية، وقدمت اللجنة عدة توصيات، بضمنها تجنب "المفاهيم" الخاطئة وتعزيز التعددية في التقديرات الإستخبارية في إسرائيل عن طريق زيادة أقسام الدراسات في الموساد ووزارة الخارجية، إلا أن هذه التوصية قد نفذت بشكل جزئي، وظلت الإستخبارات العسكرية هي المتنفذة لمدة سنوات طويلة. واليوم يشهد متخذو القرار وأعضاء الكنيست والجمهور الواسع خلافاً علنياً في الرأي بين رئيس الموساد وبين رئيس شعبة الدراسات في الإستخبارات العسكرية.

ويضيف أنه في الوقت الذي ينفي فيه الأول ما أسماه "هجمة السلام السورية"، فإن الثاني يرد بالإيجاب. وذلك في إشارة إلى النقاش الذي جرى الأسبوع الماضي في لجنة الخارجية والأمن، حيث رفض رئيس الموساد، مئير دغان، تجديد المفاوضات مع سورية. وفي المقابل قال رئيس شعبة الدراسات في الإستخبارات العسكرية، يوسي بيدتس، إن السوريين جديون بشأن السلام.

هذا الخلاف في الرأي زاد من التخبط السائد منذ حرب لبنان الثانية. وتركزت إسرائيل في المسار الفلسطيني في السنوات الست الأخيرة. إلا أن نتائج الحرب على لبنان والكشف عن التهديد الكامن في محور سورية- إيران- حزب الله أثار النقاش بشأن سورية.

كما لفت إلى أن وزير الأمن، عمير بيرتس، كان قد صرح أثناء الحرب عن ضرورة تجديد المفاوضات مع سورية، ومن جهتها قامت وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، بتشكيل طاقم مقلص لفحص المسألة، وبشكل مواز رفض رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، بشكل مطلق فكرة الحوار مع سورية. وصرح أيضاً أن إسرائيل لن تنسحب من هضبة الجولان. كما قال، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، أن الولايات المتحدة تعارض إجراء مفاوضات مع سورية. إلا أنه في الأيام الأخيرة، فإن تصريحات أولمرت العلنية تبدو معتدلة بهذا الشأن.

ويصل رابينوفيتش إلى أن السياسة الإسرائيلية المطلوبة يجب أن تقوم على ثلاثة أسس:

الأول عدم الرد بشكل سلبي، حيث يجب على الحكومة ألا ترد بشكل سلبي مطلق على عدو عربي يعلن عن رغبته بالسلام. كما يجب عدم وضع شروط مسبقة تشكل الرفض الفعلي. وحال البدء بالمفاوضات بإمكان إسرائيل أن تطالب بوقف الدعم السوري لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي.

الثاني: التنسيق مع الولايات المتحدة، وعدم الاستخفاف بمعارضة إدارة بوش للمفاوضات مع سورية. ولكن إذا توصلت إسرائيل إلى النتيجة بأنه يوجد فائدة من وراء المفاوضات، يجب إجراء مناقشات جدية مع الإدارة الأمريكية حول إيجابيات وسلبيات مثل هذه الخطوة، كما يجب عدم الاستخفاف بإمكانية إبعاد دمشق عن إيران، إذا اتضح أن ذلك ممكن.

الثالث: إجراء فحص سري. وهنا يقول إن الإتفاقيات التي وقعت بين إسرائيل والعرب (مصر والأردن والفلسطينيين) تم التوصل إليها بعد مفاوضات سرية، تقرر فيها أسس الإتفاق. ومن هنا لا يوجد فائدة للدخول في المفاوضات الكاملة والعلنية مع سورية قبل إجراء فحص سري، يتم فيه مناقشة المسائل الأساسية مثل جاهزية سورية للسلام، واستعدادها لقطع علاقاتها مع إيران في إطار التسوية مع إسرائيل والمصالحة مع الولايات المتحدة.

وبحسبه يقف دون ذلك عقبتان أساسيتان؛ الأولى الرغبة السورية في إجراء مفاوضات علنية، والثانية الصعوبة في الحفاظ على السرية في الأجهزة الإسرائيلية.

ويتابع أنه يوجد خياران أساسيان أمام الحكومة الإسرائيلية؛ الأول التقدم في المسار الفلسطيني الذي يسهل بناء شراكة فعلية مع دول عربية محافظة ضد إيران، والثاني البدء بمفاوضات مع سورية في حال اتضح أن البدء بالمفاوضات مع سورية ينطوي على إمكانية إبعاد سورية عن إيران، وإبعاد إيران عن لبنان.

وينهي بالقول أن إجراء فحص سري من شأنه أن يتيح لرئيس الحكومة اختيار إحدى الإمكانيتين، وإرسال رسالة واضحة للجهور الإسرائيلي تضع حداً للبلبلة والفوضى السائدتين.


** إيتمار رابينوفيتش، رئيس جامعة تل أبيب، وسفير إسرائيل سابقاً في واشنطن، ورئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي مع سورية سابقاً

التعليقات