التحقيق مع نواب التجمع ومحاكمة مقاتلي حزب الله وتمديد اعتقال النواب والوزراء الفلسطينيين..

-

التحقيق مع نواب التجمع ومحاكمة مقاتلي حزب الله وتمديد اعتقال النواب والوزراء الفلسطينيين..
كتب ميرون بنبنشتي في صحيفة "هآرتس" أنه بالرغم من انشغال الجهاز القضائي الإسرائيلي المضني في فضائح الفساد الشخصية والعامة، فإنه يجد الوقت الكافي والموارد لتقديم يد العون من أجل تعميم وتعميق صورة إسرائيل كـ"دولة ضحية للإرهاب"، والتي تحارب عن مجرد بقائها، بينما تتعرض للتهديد من قبل "الخائنين من الداخل الذين يتمنون انتصار محور الشر الذي تقف دمشق في مركزه، وناشطي حماس الذين يطمحون إلى إبادتها، وقتلة لبنانيين من حزب الله".

وأشار إلى أنه قبل أيام بدأت محاكمة ثلاثة من مقاتلي حزب الله، المتهمين بـ"القتل وحيازة السلاح والتدريب العسكري والعضوية في تنظيم إرهابي"، كما قررت المحكمة العسكرية تمديد اعتقال 21 وزيراً ونائباً فلسطينياً متهمين بالإنتماء إلى تنظيم "إرهابي"، فضلاً عن أنه، وفي اليوم نفسه، أجري أول تحقيق مع أحد قيادات التجمع الوطني الديمقراطي الذي زار دمشق "عاصمة الإرهاب"، وامتدح انتصار حزب الله.

وبرأيه، فإن القاعدة الأيديولوجية لهذه الإجراءات القضائية هو تعريف المتهمين بأنهم "إرهابيون"، أي أنهم مجرمون جنائيون، وكل من يؤيدهم "خائن". ومن هنا فقد أخذت إسرائيل على نفسها حق تحديد ما هو العنف المشروع، وتطالب باحتكار استخدام القوة، وتطالب الآخرين أن يتقبلوا هذه التعريفات أحادية الجانب، وإلا سيتم اتهامهم بالعداء، بل وأسوأ من ذلك. وكل معارضة لممارسات إسرائيل، معارضة عنيفة وأيضاً سياسية، هي فعل هدفه غير شرعي، ومن هنا فإن الفعل "الإرهابي" بمفهومه، ليس محدداً بقتل أبرياء، وإنما كل استخدام "غير مشروع" للقوة. ويشمل هذا التعريف "التحريض ومساندة العدو". وبحسب هذا الفهم السائد، فمن الممكن القول أن الإنسان إذا لم يكن صهيونياً سيكون إرهابياً.

الحاجة لوضع قاعدة لهذا الفهم، وبالتالي شرعنة الممارسة العنيفة، التي تكوي الوعي وتردع وتصد أي تعريف نقدي أخر، تبرز على خلفية مجرد تقديم الدعاوى القضائية. ومن الواضح أن منتخبي حماس اعتقلوا وسجنوا فقط من أجل استخدامهم كرهائن من أجل إطلاق سراح الجندي الأسير غلعاد شاليط، وأن تهمة عضويتهم في تنظيم إرهابي هي ذريعة، مثلما قررت ذلك إحدى الهيئات القضائية.

ويتساءل الكاتب:" هل الهدف من مواصلة المحاكمة استخدامها كوسيلة ضغط؟ وضد من؟ هل الهدف خلق مصاعب أمام الحكومة في إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، أم ربما لضرب عملية سياسية من الممكن أن تنشأ من خلال حكومة وحدة فلسطينية؟ وعندما يجري تنفيذ صفقة تبادل أسرى ويطلق سراح عناصر حماس، سوف يرتفع الزعيق المنافق "كيف يمكن المس بسلطة القانون"، والزاعقون هم أنفسهم من لم ينهضوا عندما تم استخدام هيبة سلطة القانون لأهداف مستهترة".

ويتابع أن محاكمة مقاتلي حزب الله تجعل هذا الجنون، تقديم الدعاوى القضائية، أكثر حدة، ووصمة على الجهاز القضائي، الذي يبدي استعداداً للخضوع لأهداف مؤسسة عسكرية ترمي إلى إذلال عدو وقع في الأسر. وبحسب المدعية:" ليس الحديث عن أسرى، لأن حزب الله لا يعمل بموجب قوانين الحرب". فهل إسرائيل تشدد على العمل بموجب قوانين الحرب؟ من يصادر مكانة "أسير حرب" من أعدائه، يعرض أسراه لمعاملة مماثلة.

"في الولايات المتحدة اخترعوا لهؤلاء الأسرى مكانة "مقاتلو عدو غير قانونيين"، وبذلك صادروا الحق بأن يسري عليهم ميثاق جنيف، إلا أن المحكمة الأمريكية رفضت هذا الموقف، ومنحتهم ما تضمنته بنود الميثاق. إلا أن أحداً في إسرائيل لا ينفعل لذلك، وليس حتى من الإذلال الضمني الذي يطال الجيش، الذي خاض مع حزب الله حرباً ضارية: فإذا كان مقاتلو العدو مجرمين جنائيين، وقتلة وإرهابيين، وبالرغم من ذلك تمكنوا من الصمود بنجاح مقابل قوة إسرائيلية ضخمة، فماذا سيعني ذلك من جهة قدرة الجيش؟ هذه المحاولة لتشبيه حرب لبنان الثانية بـ "عملية شرطية (بوليسية)" يضبط فيها عدد من المجرمين ويتم تقديمهم للمحاكمة بتهمة القتل ومحاولة القتل، هي مثيرة للشفقة، لدرجة أنه من المفضل التنازل عنها فوراً، وإلا ستتكشف حقارتها عند استكمال المفاوضات لتبادل أسرى".

ويضيف أنه عند إجراء التحقيق مع أعضاء كنيست عرب بسبب تصريحاتهم في دمشق، تقع النيابة مرة آخرى ضحية الأمزجة المعربدة، في حماسها لخدمة الرأي العام الغاضب على حساب أعضاء الكنيست العرب الذين تجرأوا على امتداح نجاحات حزب الله.

وينهي بالقول:" هكذا تقفل الدائرة: العالم كله ضدنا، جيراننا مواطنو الدولة هم طابور خامس، الفلسطينيون في المناطق يريدون إبادتنا، حزب الله هو جيش متقدم لسورية وإيران، نحن في خطر وجودي، والجهاز القضائي يدافع عنا، برباطة جأش، أمام كل أعدائنا ويظهر العدل، ونواصل بعدها العمل في "الردع" وضميرنا نقي كالثلج".

التعليقات