القدس أولا

القدس أولا
قد يكون متأخرا محاولة التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين في الوضع الحالي. الأساليب التي جربها الطرفان حتى الآن، وللحظات بدا أنهم سينجحون – فشلت. عملية السلام التي بدأت بهزة خلقتها الانتفاضة الأولى قبل حوالي 20 عاما، وصلت على ما يبدو إلى نهاية طريقها.

كثير من الفلسطينيين، ومثلهم إسرائيليون كثيرون، يقدرون أن هذه الأيام هي الأسوأ في تاريخ الصراع. كما وأن الصراع العنيف بين فتح وحماس لا يفيد إسرائيل.

متحدثون فلسطينيون يرفضون بشدة كل محاولة وصف الوضع الفلسطيني بأنه حرب أهلية. هناك من يعرفونها "حرب فصائل " وهذا هو التعريف الأكثر دقة.

عقب لقاء رئيس الوزراء، إيهود أولمرت المتلفز مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قبل أسبوعين، صرح أحد الصحفيين الفلسطينيين، أنه الآن واضح له أن في موضوع واحد لا يوجد خلاف بين الفصائل الفلسطينية المتخاصمة: كلهم متفقون على أن دولة إسرائيل لا تريد السلام. نتائج لقاء أولمرت أبو مازن كانت بمثابة دليل جيد لذلك لدى المتحدثين الفلسطينيين. لم يكن أي إفراج عن أسرى فلسطينيين، ولم يكن تخفيف على الحواجز. وماذا كان؟ كان إعلان عن إقامة مستوطنة جديدة شمال غور الأردن والتي حظيت بتركيز بارز في وسائل الإعلام العربية، وكان اقتحام عسكري لرام الله قتل فيه مواطنون عرب.

بنظرة إلى الوراء، بحكمة ما بعد العمل. المشكلة لم تكن المراحل، بل إلى أين تؤدي. لذلك في كل مراحل العملية السياسية حاول كل طرف تحسين مواقفه استعدادا للمرحلة القادمة ونحو الهدف النهائي المريح له.

مثلا مسألة القدس. لم يحدد ماذا سيكون الحل الدائم في القدس، لهذا بذلت حكومات إسرائيل كل جهد لتعزيز التواجد اليهودي في شرق المدينة. والفلسطينيون بدورهم حاولوا صد ذلك وترسيخ تواجدهم في المدينة. بنت حكومات إسرائيل أحياء يهودية في شرق المدينة وطردت عربا عن طريق نزع حقهم في السكن بالمدينة. السلطة الفلسطينية أبدت معارضة ووصفت ذلك تطهيرا عرقيا، وفعّلت مؤسسات وطنية كالأوريينت هاوس، ودعا ياسر عرفات إلى مسيرة ملايين الشهداء في القدس.

كانت النتيجة في مسألة القدس، كما في مسائل أخرى، أنه بدل التقدم باتجاه تسوية، حدث تراجع. والمواجهات تفاقمت. وبذلك أصبحت الفترة التي تم فيها الاتفاق حول مراحل العملية السياسية أسوأ من الفترة التي لم يكن فيها اتفاق بتاتا.

الاستنتاج واضح. يجب قبل كل شيء تحديد أهداف التسوية الدائمة، وبعد ذلك فقط إجراء مفاوضات على سبل التوصل إلى ذلك. التحديد قبل كل شيء، مثلا، أن تقوم في القدس الشرقية عاصمة فلسطينية، وفقط بعد ذلك إجراء مفاوضات حول طريقة تطبيق ذلك في الظروف والمعطيات القائمة في المدينة. عملية سياسية من هذا النوع قد تكون غير مناسبة لقيادة حماس الأيدلوجية، ولكنها مناسبة لمعظم مصوتي حماس المستعدين لتسوية ولكنهم سئموا طريق أوسلو السابقة وطريق خارطة الطريق الحالية.

زعيم حماس، خالد مشعل، قال، قال قبل عدة أيام، أن حركته لا تقف في وجه أي طريق سياسي- بسبب حقيقة بسيطة وهي أن مثل هذه الطريق غير قائمة بتاتا. هو على حق، كي تكون طريق كتلك يجب أن يكون أكثر من مجرد قلق على "نسيج الحياة " الفلسطيني ( التسمية في أجهزة الأمن) وحول التعهدات بتفكيك البؤر الاستيطانية. يجب الاتفاق على نهاية عملية سياسية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود معدلة لخطوط 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ودون ذلك لن يكون شيئا.



التعليقات