رون- طال فتح "صندوق باندورا" وأكد أزمة القيادة في الجيش

رون- طال فتح
تناولت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الخميس تصريحات قائد سلاح البرية الإسرائيلي السابق، الجنرال يفتاح رون- طال، لأسبوعية حركة حباد الدينية، والتي ربط فيها بين الفشل العسكري الإسرائيلي في لبنان وبين خطة الانفصال عن غزة (اقرأ عنها في مكان آخر).

وداخل ذلك قال عمير ربابورت، المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، التي كشفت أمس الأربعاء النقاب عن هذه التصريحات، إنه لا ينبغي التأثر، زيادة عن اللزوم، بمضمون أقوال قائد سلاح البرية السابق، في المقابلة مع أسبوعية "كفار حباد". فهي، برأيه، ليست أقوالاً شديدة الخطورة بوجه خاص. ما هو خطير بالتأكيد هو "حقيقة أن الحديث يجري عن عارض واحد فقط من مجموعة عوارض كثيرة لوهن الانضباط في قيادة الجيش، حتى لا نقول التسيّب أو شبه الانهيار".
وأضاف: هذه العوارض تنسحب على ما قاله قائد المنطقة الشمالية أودي آدم بعد أن استقال من وظيفته، كما تنسحب على حقيقة أن جنرالاً مثل رون- طال سمح لنفسه بأن لا يعير اهتمامًا للقواعد التي تقول إنه فقط بعد التسريح الرسمي من الجيش يمكن للجنرال أن يعبّر عن رأيه بصورة حرّة. والقاسم المشترك هو أزمة القيادة القائمة حاليًا في الجيش الإسرائيلي، بينما يجد رئيس هيئة الأركان العامة، دان حالوتس، صعوبة جمّة في السيطرة على الوضع.

وتابع: صحيح أن رون- طال هو أصلاً من كيبوتس، لكنه محسوب على جمهور المستوطنين باعتباره أحد سكان (مستوطنة) عوفرا سابقًا. وهو لم يموّه تماثله مع الطرف اليميني من الخارطة السياسية عندما كان جنرالاً... وما قاله في المقابلة الصحافية يدفع إلى أمام مكانته بين الجمهور اليميني من خلال محاولة فصل نفسه بصورة شخصية عن عملية الانفصال.

ورأى هذا المعلق أن قرار رئيس هيئة الأركان العامة، دان حالوتس، الإطاحة برون- طال فورًا(اقرأ عنه ضمن خبر منفرد) هو "مناورة قيادية أساسية، لكنه خطوة ذات أهمية عملية ضئيلة لأنه كان يفترض برون- طال أن يتحرّر من الجيش في شهر كانون الأول القريب".

وختم بالقول: مهما يكن فإن المهم هو أن من واجب قيادة الجيش أن تستيقظ وأن تكفّ عن التباكي وأن تستعد (أخيرًا) كما يجب للحرب المقبلة، التي يمكن أن تنفجر حتى في مدى شهرين. وحتى الآن ليست هناك إشارات إلى أن عملية الاستيقاظ وشيكة.

أما صحيفة "هآرتس" فقد أنشأت افتتاحية أكدت في سياقها أنه رغم كون المقابلة التي أدلى بها رون- طال "مقدمة لسيرة سياسية في اليمين الإسرائيلي، فإن ما قاله يستحق التطرّق إليه والتعمق فيه، وليس شجبه فقط".

وأضافت: الجنرال المنتهية ولايته يفتاح رون- طال فتح صندوق باندورا حول وضع الجيش وحول أسباب حالته المتدهورة، التي انعكست في حرب لبنان. لكنه لم يفتح الصندوق حتى آخره. فالأسباب لحالة الجيش ليست كامنة في الانفصال، التي صرفت الأنظار عما هو أهم لعدة أشهر. والجيش الإسرائيلي عمل في مهمات لا تشبه البتة الحرب في لبنان منذ الانتفاضة الأولى في 1987. وأحد أسباب توقيع اتفاقات أوسلو من قبل إسحق رابين هو الفهم بأنه لا يمكن الاستمرار في التدهور وأن حربًا لا نهاية لها ضد ضعفاء من شأنها أن تضعف الروح القتالية بل والجيش نفسه.


من جانبه رأى عاموس هرئيل، المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس"، أن خلاصة الجنرال يفتاح رون- طال الذاهبة إلى أن الحرب على لبنان كانت فشلاً عسكريًا إسرائيليًا، مقبولة على كثيرين في هيئة الأركان العامة. وثمة زملاء سابقون له يتفقون معه في شأن الحاجة إلى تحمّل المسؤولية الشخصية واستقالة أصحاب الرتب الأعلى منهم. كما أن هناك اعتبارًا معينًا للإدعاء بأن الجيش الإسرائيلي أضاع وقتًا ثمينًا في الإعداد للانفصال عن غزة ونسي المواجهة المحتملة في الشمال.

ووجّه هرئيل نقدًا إلى الإعلام الإسرائيلي الذي قال إنه بغالبيته محور النقاش بشأن ما قاله رون- طال حول قضية واحدة، وهي هل يليق بجنرال أن يقول هذا الكلام وهو ما زال رسميًا بالبزة العسكرية؟ أما كان ينبغي به أن ينتظر عدة أسابيع حتى تنتهي إجازة تسريحه؟.

أخيرًا قال هرئيل إن الجيش الإسرائيلي الآن ينتقل من فضيحة إلى أخرى... "وخلال ذلك يجري استثمار جهد كبير في حملة تخويف الضباط الذين يرتكبون خطيئة التسريب لوسائل الإعلام، التي تعتبر الجرم الأكبر الآن. وكانت حملة تعقّب عسكرية قد كشفت في وقت سابق عن أن 460 ضابطًا تكلموا بدون إذن مع مراسلين صحافيين خلال الحرب لكي يوضحوا أن هذه الحرب ميئوس منها. وما يتوجب أن نأمله هو أن يبقى وقت لهيئة الأركان العامة من أجل القيام بالمهمة، الهامشية نسبيًا، وهي استخلاص الدروس وتأهيل الجيش استعدادًا للحرب المحتملة المقبلة".

التعليقات