يراقب الأهالي في بلدة سنجل، وسط الضفة الغربية المحتلة، عمليات التجريف التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلية والتي تهدف إلى "بناء جدار شائك حول بلدتهم"، ما سيجعلها أشبه بـ سجن جماعي، ناهيك عن "التخوفات" من سرقة أراضيهم الواقعة خلف الجدار.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
منذ فجر أول من أمس (الأحد، 2024.9.29)، شرعت آليات إسرائيلية بتجريف أراضٍ على طول شارع رقم 60 المحاذي لـبلدة سنجل من شمال الشرق والواصل بين محافظتي رام الله ونابلس ويسلكه المستوطنون، لبناء جدار سلكي شائك يعزل البلدة عن محيطها.
أهالي البلدة، وفي حوارات منفصلة لوكالة "الأناضول"، أوضحوا أن "السلطات الإسرائيلية شرعت بأعمال بناء جدار حول بلدتهم لدواع أمنية"، معتبرين ذلك "عقابًا جماعيًا يحوّل البلدة لسجن جماعي"، ناهيك عن تخوفاتهم من أن المخطط الإسرائيلي يهدف إلى "خلق حاجز يمنع وصولهم لأراضيهم الواقعة خلف الجدار والتي تبلغ مساحتها نحو 8 آلاف دونم، ما يُسهل السيطرة عليها ومصادرتها لصالح التوسع الاستيطاني".
هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، أفادت، مؤخرًا، بإن "المناطق العازلة" التي يفرضها الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، على أراض فلسطينية بمحيط بعض المستوطنات بالضفة، "يعدُّ وجهًا جديدًا لسرقة الأراضي تحت ذرائع أمنية".
مدير التوثيق بالهيئة، أمير داوود، يقول في تصريح للأناضول، إن "الخطر يكمن في أن قرارات العزل تتسبب في بعض الأماكن بعزل مئات الدونمات الزراعية ويحرم الفلسطينيين من الوصول إليها، أي أنه يتم مصادرتها بصمت".
11 منطقة عازلة
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسلطات الاحتلال تصعّد بسياسة "إقامة مناطق عازلة تحيط بمستوطناتها بالضفة"، وبحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بلغ مجموع "المناطق العازلة" التي أقامتها سلطات الاحتلال حتى 9 أيلول / سبتمبر، نحو 11.
معاناة جديدة
معتز طوافشة، عمدة بلدية سنجل التي يسكنها نحو 6 آلاف فلسطيني، يقول: "قبل نحو 8 أشهر أصدر الاحتلال قرارًا عسكريًا بمصادرة 30 دونمًا (الدونم يعادل ألف متر مربع) بمحاذاة الشارع العام للبلدة بحجج أمنية".
ويضيف في تصريحات لوكالة "الأناضول"، أن "المحاكم الإسرائيلية رفضت اعتراضات السكان بحجج أمنية".
ويوضح: "جرافات عسكرية بدأت منذ الأحد بتجريف الأراضي واقتلاع مزروعات وأشجار وتخريب الممتلكات بطول نحو 1500 متر، هي نفس مسار الجدار الفاصل وفق ما جاء بالأمر العسكري الذي تسلمته البلدية".
وتسعى سلطات الاحتلال لبناء جدار شائك بارتفاع 4 أمتار من شأنه خلق عائق وتحويل البلدة إلى أشبه بسجن جماعي.
ومنذ 7 أكتوبر تخنق السلطات الإسرائيلية البلدة بإغلاق مدخلها الرئيسي وإقامة بوابة على مدخلها الجنوبي ونصب حواجز عسكرية عليه.
وتزامنًا مع أعمال التجريف، الأحد، يقول طوافشة إن "الجيش أغلق البوابة الجنوبية الأمر الذي من شأنه خلق معاناة جديدة في التنقل بين البلدة والمناطق الأخرى عبر طرق التفافية بديلة وطويلة".
مطوقة بمستوطنات
وتحيط ببلدة سنجل 5 مستوطنات على شكل حزام من الغرب حتى الشرق، وهي: "معاليه ليفونة، وعيلية، وهارواة، وجفعات هاروئيه، وشيلو"، بالإضافة إلى معسكر لجيش الاحتلال.
توسع استيطاني
عمدة بلدة سنجل يبين "كيف أن الجدار يهدف لخلق عائق بين المواطنين وأراضيهم لتسهيل السيطرة" عليها لدواعي التوسع الاستيطاني. ويستدرك موضحًا: "لكن إسرائيل تدعي أن الجدار سيقام لأسباب أمنية ولحماية المستوطنين المارين عبر الشارع العام".
كما ويحذر طوافشة من أن الجدار "سيحول حياة السكان إلى معاناة مستمرة، حيث يقطع التواصل الجغرافي بين مجموعة من المنازل التي تقع خلف الشارع العام مع باقي البلدات المجاورة".
ويشير إلى أن إسرائيل تمنع منذ 7 أكتوبر المواطنين من الوصول لنحو 8 آلاف دونم من أراضيهم - ستكون خلف الجدار - بدعوى أنها قريبة من المستوطنات والبؤر الإسرائيلية.
ويقول: "أي مواطن يحاول الوصول لتلك الأراضي يتعرض للعنف والاعتداء من قبل الجيش والمستوطنين".
تخوفات من عزل أراض أُخرى
محمد غفري، وهو أحد سكان البلدة، يقول إن الدولة المحتلة تعمل على تحويل بلدته إلى "سجن كبير عبر بناء جدار أمني".
ويتابع، بحسب تقرير "الأناضول": "سلطات الاحتلال ماضية في بناء الجدار"، معربًا عن تخوفاته من "إجراء لتعديلات أخرى على مسار الجدار بهدف عزل المزيد من أراضي البلدة".
إلى ذلك، يشير غفري، إلى أنه يواجه صعوبة في الوصول من بلدته إلى مدينة رام الله (وسط) حيث موقع عمله منذ 7 أكتوبر، جراء وجود حواجز عسكرية وبوابات تغلق البلدة الأمر الذي يدفعه لسلك طرق بديلة طويلة ومرهقة.
وإلى جانب المخاوف من الضم، يلفت غفري إلى أن هذا الجدار يشكل "ضررًا نفسيًا لسكان البلدة إلى جانب الضرر المادي".
نحو 30 ألف دونم
وتفيد معطيات هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان"، باستيلاء جيش الاحتلال بأوامر عسكرية على نحو 27 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام الجاري، تحت مسميات مختلفة، بينها إعلان "محميات طبيعية"، وأوامر "استملاك"، أوامر "وضع يد".
تجدر الإشارة إلى أنه وبموازاة حربه التدميرية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، توسع القوات الإسرائيلية عملياتها في الضفة، فيما يصعّد المستوطنون اعتداءاتهم على الأهالي الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم، ما أدى إلى استشهاد 719 فلسطينيًا، بينهم 160 طفلاً، وإصابة نحو 6 آلاف و200، واعتقال حوالي 11 ألف، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
وبدعم أميركي مطلق تشن دولة الاحتلال حربًا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وفق تقديرات غير نهائية، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
اقرأ/ي أيضًا | تقرير: "التهجير في الأغوار الشمالية في أخطر مراحله"
اقرأ/ي أيضًا | تقرير: موجة استيطان عاتية بالضفة بموازاة الحرب على غزة
التعليقات