"كل ذنبه أنه رفض التعاون مع الشاباك"..

-

رغم مرور خمسة شهور لم يتماثل أشرف أعمر للشفاء بعد، ولا يزال يعاني من الآلام وغير قادر على العمل، ويميل إلى الانعزال بنفسه عن العالم. وكل ذنبه أنه رفض التعاون مع الشاباك.

يقول أعمر نفسه وشاهد عيان أنه تم اعتقاله في أرضه، ونقل وهو مقيد اليدين ومعصوب العينين إلى معتقل في داخل "إسرائيل"، وهناك حاول محققو الشاباك تجنيده للتعاون معهم. وبعد عدة ساعات عثر عليه طاقم إسعاف مغميا عليه مع إصابات برأسه قرب مفرق عرعرة النقب. ونقل من هناك إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع.

في العاشر من كانون الثاني/ يناير من العام الحالي، خرج أعمر من بيته في يطا، جنوب مدينة الخليل، في ساعات الصباح باتجاه أرض العائلة القريبة من قرية الكهوف (جمبة) الواقعة بالقرب من الخط الأخضر، وذلك بعد أن أخبره الجيران بأن جنود الاحتلال علقوا على سياج أرضه أمرا يجعلها منطقة عسكرية مغلقة.

توجه أعمر مع والده وعدد من أبناء عائلته إلى الأرض التابعة لهم. وفي الساعة العاشرة، جلسوا لتناول الطعام، وعندها شاهدوا مركبة تقل عمالا فلسطينيين حاولوا التسلل للعمل في الداخل الخط الأخضر، وكانت تتحرك بسرعة وتطاردها مركبة عسكرية تابعة لحرس الحدود. ترك العمال المركبة وفروا إلى الجبال. وعندها وصل إلى المكان مركبتان تابعتان لحرس الحدود، وأخذوا يستجوبون العائلة عن الجهة التي فر إليها العمال.

قام عناصر حرس الحدود بتكبيل أيدي جميع أفراد العائلة وعصبوا أعينهم. ويقول أحد شهود العيان، عيسى العمور، وهو من سكان يطا، إنه شاهد جنود الاحتلال يدخلون أعمر إلى مركبة "هامر" وهو مقيد اليدين ومعصوب العينين.

بينما ينفي ناطق بلسان جيش الاحتلال أنه تم اعتقال أعمر، تم نقله بواسطة جيب عسكري، ومع حلول المساء وصل إلى بئر السبع، حيث تم نقله إلى مركبة أكبر، يعتقد أنها تابعة للشرطة. وتنفي الشرطة أيضا ذلك. ويضيف أنه سمع صوت فتح بوابة كهربائية، ثم أنزل من المركبة واحتجز في أحد حمامات "المنشأة" التي نقل إليها.

بعد نصف ساعة استبدلت القيود البلاستكية بقيود معدنية، ونقل إلى غرفة تحقيق، حيث جلس محققان باللباس المدني بانتظاره. أجلس مقيدا على مقعد صغير جدا لا يزيد ارتفاعه عن 20 سنتمترا، وأخذ الإثنان يتحدثان فيما بينهما بالعبرية، التي لا يتقنها، ثم بدأوا بكيل الصفعات له على وجهه. وبعد عدة دقائق دخل محقق ثالث عرّف نفسه على أنه "أبو فرج"، وهو لقب المسؤول عن الخليل في الشاباك أيضا.

ويتابع أعمر أنه سأل المحققين عما يريدونه منه، فأجابه "أبو فرج" أنه جاء لإنقاذه من المحققين الآخرين. وعندها قال أعمر أن كل ما يريده هو العودة إلى البيت، إلا أن المحقق قال له إنه يجب أن يتحدث معه أولا، وبعد ذلك يعود إلى البيت.

وبدأ المحقق بسرد الكثير من التفاصيل الدقيقة عن عائلة أعمر، كما عرض عليه صورة لمنزله في يطا. وبحسب أعمر فإن المحقق كان يعرف بأنه صوّت في الانتخابات مع مرشح حركة حماس خليل الربيعي، وأنه كان ناشطا في حملته الانتخابية.

طلب المحقق من أعمر أن يتابع تحركات الربيعي، وأيضا تحركات ابني عمه اللذين ينشطا في جمعية خيرية تابعة لحركة حماس. وعرض المحقق صورا لبيوت المطلوب متابعتهم، وهي مجاورة لبيت أعمر. كما عرض عليه جهازا صغيرا يستطيع بواسطته تصوير وتسجيل أقربائه عن بعد. وعرض عليه أيضا تصريحا للدخول إلى "إسرائيل"، كما عرض عليه مبلغ 3 آلاف شيكل.

وعندما رفض العرض بدأ المحققان الآخران بتهديده بالتعرض لحياته، كما هددوا باغتصاب زوجته أمام ناظريه، بادعاء أن لا شيء يمكن أن يقف في طريقهم.

ترك المحققون غرفة التحقيق، وبعد ربع ساعة كرروا عليه العرض مرة أخرى على أنه فرصة، وفي حال وافق ستقوم مركبة خاصة بإعادته إلى البيت. في هذه الأثناء كان أعمر في وضع نفسي وجسدي صعب، فرد عليهم "أقتلوني أو دعوني أعود إلى البيت".

وعندها طلب المحقق أبو فرج أن يتم نقله إلى "الحمام لكي ينتعش". لم يستطع الوقوف على رجليه بسبب طول جلوسه على المقعد الصغير، وعندها جره المحققون باتجاه الحمام. وعندما تمنّع عن الدخول ارتطم القيد الحديدي بأحد المحققين، وعندها قاموا بصعقه مرتين بجهاز الصدمة الكهربائي برأسه حتى أحس أنه يكاد يفقد وعيه.

وعندما رفع رأسه مرة ثانية أصاب أحد المحققين بذقنه، وعندها انهالوا عليه بالضرب المبرح على رأسه وظهره حتى فقد الوعي. استعاد وعيه ووجد نفسه في مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، بدون أن يدري كيف وصل إلى هناك. ولم يكن معه أية وثائق تثبت هويته الشخصية، بعد أن أخذها المحققون منه.

أخبره شرطيان وصلا إلى المستشفى بأنه من قطاع غزة، وأنهما سيقومان بإنزاله في حاجز "إيرز". وتم اقتياده إلى مركز للشرطة حيث أخبرهم باسمه وبرقم الهاتف في بيته في يطا. وبعد إجراء اتصال مع عائلته والتيقن من تفاصيله تم إنزاله في السادسة فجرا على أحد الحواجز العسكرية القريبة من منزله حيث كان أشقاؤه بانتظاره.

نقل إلى عيادة طبية في يطا، ومن هناك أرسل إلى مستشفى العائلة في الخليل، حيث مكث 5 أيام. بعد أن عاد إلى البيت أعيد مرة أخرى إلى المستشفى في أعقاب نزيف دموي في أذنيه وأنفه، حيث مكث 10 أيام أخرى.

ينفي الشاباك لصحيفة "هآرتس" أن يكون قد تم اعتقال أعمر والتحقيق معه. كما نفى الشاباك أن يكون قد حققه معه خلال احتجازه في مركز للشرطة. كما ينفي جيش الاحتلال أن يكون جنوده قاموا باعتقاله، ونفت شرطة حرس الحدود أيضا بدورها أن يكون لأفرادها أية علاقة بالقضية.

ومن جهته فقد أكد مستشفى "سوروكا" أن أعمر وصل المستشفى مصابا برأسه. وفي المقابل أشار تقرير مستشفى العائلة في الخليل أنه يعاني من ارتجاج في المخ والتبول اللا إرادي ونوبات نفسية خطيرة.

في سياق ذي صلة، وصل منظمة "بتسيليم"، خلال الأسبوع الأخير، شهادة ماهر الشوبكي (48 عاما)، وهو أب لسبعة أطفال من مدينة الخليل. يتحدث في شهادته عما حصل له في التاسع من نيسان/ ابريل الماضي عندما اعتقل من قبل قوات الاحتلال على حاجز طيار بين مستوطنتي "أفرات" و"تكوع"، وتم اقتياده للتحقيق معه من قبل 3 محققين عرضوا عليه التعاون مع الشاباك. وحاولوا إغراءه بالمال، وعندما رفض أخذوا بضربه على رأسه بجهاز الصدمة الكهربائي حتى فقد الذاكرة.

وحتى هذه الحادثة المشابهة للحادثة السابقة أنكرها الناطق بلسان جيش الاحتلال، كما نفى الشاباك أن يكون له علم أو علاقة بها.
(غدعون ليفي)

التعليقات