جريحان فلسطينيان يتشاركان الحذاء

منذ أن فقد عبيد ساقه اليسرى عام 2011، خلال قصف إسرائيلي على مدينة غزة، كان يستخدم فردة واحدة من كل زوج أحذية يقتنيه.

جريحان فلسطينيان يتشاركان الحذاء

قبل خمس سنوات، لم تعد هناك أي حاجة للفردة اليسرى، من أحذية الشاب الفلسطيني عدلي عبيد (24 عاما).

فمنذ أن فقد عبيد ساقه اليسرى عام 2011، خلال قصف إسرائيلي على مدينة غزة، كان يستخدم فردة واحدة من كل زوج أحذية يقتنيه.

أما الآن، فقد تغير الحال، حيث أصبحت الفردة اليسرى ذات قيمة، ويرتديها صديقه منصور القرم، الذي فقد ساقه اليمنى بفعل غارة إسرائيلية.

ويقول عبيد 'يبدو الأمر طريفا أليس كذلك؟، بعد إصابتي أنا وصديقي، نشتري حذاء واحد، وأنا أرتدي الفردة اليمنى ومنصور يرتدي اليسرى'.

وأضاف 'لقد كانت الفكرة مصادفة، بعد إصابة صديقي، الذي توطدت علاقتي به جدا بعد فقدان ساقه، نظرت لفردات الأحذية اليسرى التي أملكها، وعرضت عليه قبولها وارتدائها'.

واستدرك 'كنت سعيدا جدا بموافقته، خاصة أن مقاس أقدامنا متطابق، ثم أخبرته بفكرة شراء حذاء واحد دوما، فوافق ورحب برأيي'.

ويلفت الصديقان أنظار المارة، وهما يسيران متكئين على عكازين منفصلين، ويرتديان الحذاء نفسه.

ويقول عبيد 'قد تكون إصابتنا قاسية جدا على نفسيتنا، لكننا نحاول أن نصنع الفرح لأنفسنا قدر المستطاع'.

وأضاف 'تكون مشاعر معظم من يرانا مختلطة، فهم يشعرون بالحزن تجاهنا لفقداننا أقدامنا، للوهلة الأولى، وفي ذات الوقت تعجبهم فكرة ارتداءنا لذات الحذاء، والتشارك به معا'.

ويشير عبيد، الذي كان يعمل بائع ملابس قبل إصابته 'أصحاب متاجر بيع الأحذية أيضا يستغربون الأمر في بدايته، ثم اعتادوا على ذلك'.

وفي كل مرة كان يزور فيها عبيد، أحد محال بيع الأحذية، ويشتري زوجا جديدا منها، كان يشعر بالضيق، لأنه يتذكر معاناته، مضيفا 'لا أشعر بهذا الآن، فصديقي يكملني أشعر بأننا شخص واحد في جسدين'.

أما صديقه منصور القرم (24 عاما)، فقد أصيب في قصف إسرائيلي بالقرب من منزله، في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، بعد ثلاثة أشهر فقط من فقدان عبيد لساقه.

ويقول القرم 'بعد خروجي من غرفة العناية المكثفة، قلت لعبيد: لقد أصبحت مثلك، ومنذ ذلك الوقت ونحن نتشارك معا في كل شيء'.

وفقد القرم بالإضافة لساقه الأيمن، ثلاثة من أصابع يده اليسرى، فيما أصيب بضعف بالأعصاب في ذراعه الأيمن، وتم استئصال جزء من الجمجمة لاستخراج شظية من رأسه.

ويتشارك الجريحان أيضا في قيادة دراجة نارية معا، ويخرجان بشكل شبه يومي للتنزه.

ويقول القرم 'عبيد يقود الدراجة النارية، وأتولى أنا الضغط على الفرامل، بدلا منه'.

وتابع الشاب الذي كان يعمل في السابق، كهربائي سيارات، 'نقود الدراجة بكل سهولة، وهناك تناغم وتناسق في قيادتها بيننا'.

وعن المواقف الطريفة التي تعرض لها الشابان، يقول 'صدمتنا في إحدى المرات سيارة، وعند خرج سائقها مسرعا للاطمئنان علينا أصيب بالذهول والصدمة، وظن بأن اصطدامه هو السبب في بتر أقدامنا، ونحن دخلنا في نوبة ضحك رغم وقوعنا على الأرض'.

ولا يعمل الشابان حاليا، لكنهما يتقاضيان راتبا شهريا خاصا بالجرحى.

ويحول إغلاق المعابر في قطاع غزة، والظروف المادية لكليهما، دون سفر الشابين إلى الخارج، لتركيب أطراف اصطناعية.

اقرأ/ي أيضًا | غزة: تزايد عمالة الأطفال بسبب الحصار الإسرائيلي - المصري

وخلف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عشرات الآلاف من الجرحى الفلسطينيين.

التعليقات