حتّى عام 2050... إستراتيجيات عالمية للتعامل مع الاحتباس الحراري

بالنسبة للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بالتغيّرات المناخيّة، فإنّ 21٪ من غازات الاحتباس الحراري المتدفّقة في الغلاف الجويّ لعام 2019، كانت تنبعث من المباني

حتّى عام 2050... إستراتيجيات عالمية للتعامل مع الاحتباس الحراري

(Getty)

أوضح أحدث تقرير للأمم المتّحدة عن تغيّر المناخ، تفاصيل التحوّلات الهائلة اللازمة لخفض الانبعاثات في العالم، لكنّه أيضًا، حدّد طرقًا مختلفة يمكن أن تساعد في الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الكوكب. كما جاء في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة.

المهمّة التي أعلنت عنها لجنة الأمم المتّحدة المعنيّة بالتغيّرات المناخيّة ليست سهلة. هذا ما يعتقده ويقوله خبراء بالشأن المناخي، حول ما أعلنته مجموعة من كبار خبراء الطاقة والاقتصاديّين وعلماء الاجتماع، ومحاولات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ السنويّة بمقدار النصف تقريبًا، خلال السنوات الثماني المقبلة، بالإضافة إلى إيجاد طرق للقضاء على التلوّث الكربوني بحلول منتصف القرن. وحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة، فإنّ علماء يعتبرون أنّه لا يزال من الممكن بالنسبة للبشريّة، تجنّب أكثر العواقب الكارثيّة لتغير المناخ، إذا اتّخذت المجتمعات إجراءات فوريّة وجذريّة لوضع الكوكب على مسار أكثر أمانًا واستدامة.

الطاقة المتجدّدة

يقول باحثون إنّ إنتاج الكهرباء يمثّل الجزء الأكبر من التلوّث المتسبّب بالاحتباس الحراريّ، وهو ما يشكّل ربع الانبعاثات العالميّة، ويمثّل هذا القطاع بالنسبة لباحثين وخبراء في الشأن المناخي، أهمّ أهداف السياسة المناخيّة، من خلال السعي إلى الحدّ من الاحترار بنسبة درجة مئويّة واحدة، والذي يتطلّب خفض انبعاثات الطاقة بين 38 و 52 خلال السنوات الثماني المقبلة. وبفضل التقدّم الهائل التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة، خاصّة في مجال الطاقة المتجدّدة، فإنّ الكهرباء المولّدة من الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح، أرخص في كثير من الأماكن من طاقة الوقود الأحفوريّ، وهو ما يمكن أن يساعد في توفير الكهرباء بأقلّ انبعاثات ممكنة.

ويمكن للحكومات استخدام بعض التدابير السياسيّة، مثل الضرائب على انبعاثات الكربون، والحوافز الماليّة لتركيب مصادر الطاقة المتجدّدة، ويمكن أن تساعد هذه الأمور كذلك - وفقًا للصحيفة - في كبح جماح الطلب المرتفع الإجماليّ على الطاقة.

جعل المباني صديقة للبيئة

بالنسبة للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بالتغيّرات المناخيّة، فإنّ 21٪ من غازات الاحتباس الحراري المتدفّقة في الغلاف الجويّ لعام 2019، كانت تنبعث من المباني. وهذا الرقم يشمل الانبعاثات غير المباشرة من الطاقة المستخدمة في الكهرباء والتدفئة، وكذلك الانبعاثات الناتجة عن استخدام الفولاذ والأسمنت.

وتقول الصحيفة في تقريرها، إنّ الجهود واسعة النطاق لإنشاء مبانٍ أكثر كفاءة ومراعية للمناخ، يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة في مساعدة العالم على تقليل من تلوّث الكربون، حيث تتضمّن بعض الاستراتيجيّات عزلًا أفضل، وأنظمة تدفئة وتبريد أكثر كفاءة، بالإضافة إلى تزويد المباني بمزيد من الطاقة المتجدّدة، واستخدام مواد بناء أكثر استدامة.

مدن خضراء

بالنسبة لخبراء، فإنّ المدن التي يقطنها أكثر من نصف سكّان العالم، تعدّ ضروريّة لمواجهة التغيّرات المناخيّة. وفي عام 2050، من المتوقّع أن تتضاعف مساحات الأراضي الحضريّة ثلاث مرّات تقريبًا عمّا هو الوضع اليوم. وتقول الصحيفة، إنّ استخدام التقنيات التقليديّة في البناء، مثل الخرسانة كثيفة الكربون، وأنظمة النقل التي تعتمد على السيّارات، سوف تتسبّب في "حبس" انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ لأجيال قادمة، لكنّ التحوّل المنهجي وتدابير التخطيط الحضريّ البسيطة، يمكن أن تقلّل من تلوّث الكربون في المناطق الحضريّة بمقدار الربع حتّى عام 2050.

وكذلك يمكن أن يؤدّي استخدام المواد المعاد تدويرها في البناء والتدفئة بدلًا من الغاز، إلى مزيد من خفض الانبعاثات، حيث يمكن أن يجعل الاستثمار في المساحات الخضراء المدن أكثر أمانًا.

عالم أكثر عدلًا

تقرير الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ، أوضح أنّ الأشخاص الذين يعانون أكثر من غيرهم من تغيّر المناخ، هم أولئك الذين ساهموا بأقلّ قدر في المشكلة، ولديهم أقلّ الموارد للتعامل معها. تساهم أقلّ البلدان نموًّا بنحو 0.4٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ، في حين أنّ الدول المتقدّمة، مسؤولة عن نحو 27٪ من تلوّث الكربون في العالم.

منذ فجر الثورة الصناعيّة، نمت البلدان الغنيّة اقتصاداتها، واستطاعت تحسين نوعيّة الحياة باستخدام الوقود الأحفوري، وإذا كان على العالم أن يتجنّب الاحترار الكارثيّ، كما تقول الهيئة الحكوميّة الدوليّة، فيجب على هذه الدول الغنيّة الآن مساعدة الدول الفقيرة على تحقيق النموّ باستخدام مصادر الطاقة المتجدّدة وممارسات التنمية المستدامة بدلًا من الفحم والنفط والغاز.

وخلص التقرير، إلى أنّ هذا يتطلّب زيادة من ثلاثة إلى ستّة أضعاف في التمويل لمساعدة البلدان النامية على خفض انبعاثاتها.

التعليقات