د.ايلان بابي: مخطط التطهير العرقي ما زال يهيمن على الخطط والعقلية الإسرائيلية

جاءت هذه الأقوال ضمن محاضرة "استمرار سياسة التهجير اثناء فترة الحكم العسكري" التي ينظمها مركز مدى عن فترة الحكم العسكري

د.ايلان بابي: مخطط التطهير العرقي ما زال يهيمن على الخطط والعقلية الإسرائيلية

عقد مدى – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، يوم السبت الماضي (1 – 11 – 2003) يوم السبت الساعة السادسة والنصف مساءاً في مقر المركز في حيفا محاضرة تحت عنوان "استمرار سياسة التهجير اثناء فترة الحكم العسكري" للمؤرخ الاسرائيلي ايلان بابي. تندرج هذه المحاضرة ضمن سلسلة محاضرات (سمينار) تدور حول موضوع "تاريخ العرب الفلسطينيين تحت الحكم العسكري" الذي يرأسه د. مصطفى كبها، المحاضر في الجامعة المفتوحة. تهدف سلسلة المحاضرات الى تغطية معظم مجالات حياة الاقلية القومية الفلسطينية في اسرائيل من ثقافة وسياسة واجتماع واقتصاد. وقد افتتحت السلسلة بمحاضرة د. يائير بويمل تحت عنوان "السياق التاريخي لسياسة الحكم العسكري: دوافع، واهداف وانعكاسات" يوم 4 – 10 – 2003 واعقبها نقاش مما اغنى المحاضرة بشكل كبير. و عقدت في يوم 18 – 10- 2003 المحاضرة الثانية في السلسلة لد. مصطفى كبها تحت عنوان "الاجواء الثقافية في فترة الحكم العسكري، الصحافة مثلاً". وتأتي محاضرة المؤرخ ايلان بابي كمحاضرة ثالثة في السلسلة. وبهذا تبقى محاضرتان لانهاء السلسلة الحالية، واحدة للباحث د. احمد سعدي تدور حول "سياسة الوصاية بين السلطة ونشطائها العرب"، واخرى لد. محمود غنايم تحت عنوان "الادب كمرآة لفترة الحكم العسكري".

حاول د. بابي من خلال المحاضرة دعم ادعاءه حول استمرار خطط التهجير وهيمنتها في الخطط الاسرائيلية ووجودها في "العقلية" الاسرائيلية منذ الفترة الاولى لنشوء الحركة الصهيونية (اعتماداً على ابحاث المؤرخ الفلسطيني نور الدين مصالحة) وحتى يومنا هذا. وقد ركّز المحاضر على فترة الحكم العكسري تحديداً، حيث قال انه استناداً الى وثائق ارشيفية ومقابلات شخصية تبين انه يمكن تقسيم فترة الحكم العكسري الى فتريتين على صعيد عقلية التهجير والسياسات والبرامج التي تنطوي على طرد سكان البلاد الفلسطينيين. تبدأ الفترة الاولى منذ 1949 وتنتهي عام 1954، وقد تميزت هذه الفترة في التطهير العرقي المباشر وذلك في سياق هيمنة "الاحساس" باستمرار جو الحرب في المجتمع الاسرائيلي وفي الدوائر الحكومية المختلفة. وقد اوضح بان مفهوم "التطهير العرقي" مرتبط بالنية (القصد) وليس فقط في التنفيذ. وقد تضمن هذا التطهير العرقي تهجير العشرات من سكان القرى الفلسطينيين وهدم قراهم او اسكان مهاجرين يهود بها. كما وتم اقتلاع تسعمائة الف فلسطيني من ديارهم وتهجيرهم حتى عام 1949، وبقاء حوالي مئة الف فلسطيني فقط في الجليل والنقب. كما وتم اقتلاع حوالي نصف سكان الجليل الفلسطينيين من قراهم وتهجيرهم في الفترة الممتدة بين ايار 1948 وحتى الخامس من تموز من ذات العام. اما الفترة الثانية فتمتد من 1956 وحتى 1967 حيث تم بها رسم خطط للتهجير "الهادئ"، ويعتقد المحاضر بان هذه الخطة ما زالت تنفذ ولكن بصورة "عاقلة" اكثر لمنع اثارة الرأي العام العالمي أو المحلي.

تجدر الاشارة الى ان المؤرخ الفلسطيني نور الدين مصالحة كان قد كتب كتابين اساسيين تناول بهما موضوع "التهجير" القسري في العقلية الصهيونية وفي الخطط والبرامج في دوائر مختلفة في اسرائيل. وتأتي محاضرة بابي لتدعم ما جاء عند مصالحة، كما وتأتي في سياق دراسة يقوم بها حول الموضوع ذاته، ولكن مع بعض الاختلافات الاكاديمية الطفيفة مقارنة باستنتاجات مصالحة.

وقد انتقد المحاضر في هذا السياق الاعتماد الكلي للمؤرخين على الوثائق المكتوبة، حيث زعزع من شرعية هذه الوثائق في قدرتها على عكس "حقيقة" ما جرى فعلاً، وذلك لان من قام على كتابة هذه الوثائق كانوا عادة رجال جيش أو مخابرات أو اشخاص مؤدلجين صهيونياً، الامر الذي لا بد ان يترك اثرا بالغا على لغة وصياغة الوثيقة. مقابل ذلك قال المحاضر ان سلطة وشرعية التاريخ الشفهي لا تقل عن تلك السلطة أو الشرعية التي يتم مدّ الوثيقة المكتوبة بها.

واخيراً فقد جاء في معرض حديث بابي بان النكبة كحقبة تاريخية لا تزال غير واضحة تماماً، لعدم دراستها، وبان امور عديدة لم تبحث بعد، مثل دراسة حالات الاغتصاب المنهجي الذي ارتكبتها قوات الجيش الاسرائيلي المختلفة في فلسطين في فترة النكبة.

التعليقات