مراسل" عرب48" يقوم بزيارة قرية جلجولية ويلتقي عائلة المتهم الشاب محمد مصري

مراسل

عائلات الشباب الثلاثة في وضع لا تحسد عليه، فالأمهات باكية والاباء يحتضنون صبر الرجال، وكي نوافيكم بصورة أقرب لمجريات الأحداث، توجهنا الى بيت عائلة مصري لنلتقيها بحديث خاص (لعرب 48) ، مدخل البيت كان يعج بالنسوة وصمت الألسنة كان ملحوظًا لكن العيون باتت تفضح الصمت والنظرات تحكي كل شيء.

ألقيت التحية وتلقيت مثلها، ثم سمعت صوتًا متقطعًا موجهًا إلي كان صادرًا من حنجرة عجوز أنهكها العمر ومرارة الأمر، وقالت: "والله يا خالتي ما عملوا اشي، هاي تلبييس".

ثم بدأت تتحدث عن ضجرها من كثرة الصحفيين الزائرين والذين بدا أنهم يزيدون العائلة انهاكًا.
تابعت الطريق الى الطابق الثاني الذي بدا كثيفًا بالرجال وكان السيد محمود مصري والد محمد أحد هؤلاء فخصّنا بحديث روى به تسلسل الأحداث كما رأها وقال: قبل أكثر من ثلاثة أسابيع وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل فوجئنا برجال الشرطة يقرعون باب البيت وسألوا عن ابني الأكبر رأفت فأجبت بأنه في العمل ثم سألوا عن محمد ولؤي فأخبرتهم انهم في الطابق العلوي عندها أمروني بالتزام البيت وعدم فتح الباب والخروج الى حين ينهون عملهم. صعدوا الى الطابق الثاني فسمعت صراخ الابن الصغير لؤي وفي تمام الرابعة اقتادوا أولادي معهم فيما بقي قسم منهم يفتشون البيت حتى السابعة صباحًا وذهبوا دون ان يكلّمونا بشيء ، بل وأكثر من هذا انهم حرمّوا علينا السؤال والاستفسار.

نحن بدورنا توجهنا الى المحامي ايهاب جلجولي من الطيرة الذي تابع القضية وعندها علمنا ان الأولاد مسجونين على خلفية أمنية ولم تكن تفاصيلها واضحة وبالطبع عدا عن ابنائي الاثنين كانوا قد قبضوا على ايمن أبو كشك وفضل عابد، بعد ستة عشر يومًا أفرج عن لؤي البالغ من العمر ثمانية عشر عامًا ونصف والذي لم يكن متواجدًا في البيت ساعة التقائي بوالده، لكن السيد محمود حدثني بكلمات جريحة بأن الجهات الأمنية وضعته في زنزانة ونقلته من مكان الى آخر وعاملوه معاملة ملئها السوء والقساوة ورغم انهم عرفوا انه بريء من أي تهمة منذ اليوم الأول لاعتقاله الا انهم أبقوه قيد الاعتقال كل هذه الفترة.

سألت السيد محمد عن مدى وقع الخبر على العائلة بعد تداوله في وسائل الاعلام، وكان الجواب ان الخبر وقع علينا كالصاعقة امر صعب للغاية...زوجتي مرهقة لا يفارقها البكاء، وأضاف: قبل هذه القضية كنا عائلة سعيدة بعيدة عن المشاكل حتى أتتنا هذه المطبات التي وقعنا بها وانقلبت حياتنا رأسًا على عقب.
سألت عن طبيعة محمد في الحياة وعن انتماءاته السياسية وأدركت من كلام والده بأنه انسان يحب مداعبة الأطفال واحتضانهم ويحب الناس ...أما بالنسبة للنشاطات السياسية فحدثني السيد مصري بأن محمد لا يتدخل بالسياسة أبدًا...وان فكر في شيء ما فانه يستشيره لأن السيد مصري وفقًا لأقواله قد عوّد ابناءه على استشارته بكل شيء يتخذونه في خطواتهم قبل تنفيذه.

أما عن علاقة محمد مصري بأيمن أبو كشك وفضل عابد فقد علمت بأنهم أصدقاء منذ نعومة أظافرهم وتربطهم علاقة أخوية حميمة ثم ان أحدهم لا يعرف حتى كتابة اسمه فكيف لشخص مثله ان يضلع في مثل هذه الأمور؟!

تابعت حواري وحال وصولي الى نقطة تتعلق بالورشة المشتبه انها مكان لتصنيع القنابل، مسك بي أحدهم وقادني اليها فوجدتها غرفة تحتوي على "جهاز عروس", فقد كان أهل محمد قد عقدوا العزم على تزويجه قبل أن يبدي لهم الزمان ما كان يخفي، إضافة الى أسلاك كهربائية وأكياس جبص وما الى ذلك ، أمور نجدها داخل أي بيت لم يكتمل بناءه الداخلي بعد، فالمنزل لا زال في طور الإنشاء. ثم علمت بأن قوات الشرطة التي اقتحمت البيت كانت قد فككت هذه الأدوات ونثرتها في الغرفة وبالتالي فإن ما رأيناه على شاشة التلفاز صورة لا تعكس الواقع بأي حال من الأحوال، وكان أهالي محمد مصري قد أعلموني بأن هذه الأدوات هي كل ما وجدته الشرطة في الغرفة وأن الأخيرة لم تجد شيئًا اخرًا، ثم لفت احدهم انتباهي الى الأبواب المخلّعة والمكسرة في البيت والتي وصلت الى وضعها هذا بفعل الشرطة.

السيد محمد المصري يرى القضية بأنها قضية ظلم كبير ملفقة للشباب الثلاثة واستبعد أن تكون لهم أي صلة مع الجهاد الاسلامي أو حماس أو ان تكون لهم قدرة على تصنيع القنابل والتفجرات. لكنه لم يخفي ان تكون لابنه علاقات مع اشخاص من مناطق ال 67 فهذا أمر طبيعي جدًا إذ ما علمنا أن أمه من بلدة قلقيلية المجاورة.

وفي نهاية الحديث اراد مصري ان يوجه نداءًا عبر منبرنا الى اعضاء الكنيست العرب ولجنة المتابعة العربية وغيرها من القوى العربية الفاعلة، بأن يعملوا على صد الهجمات عن عرب الداخل لأننا على حد تعبيره اصبحنا مستهدفين ونتعرض للاساءة.
تركت البث وغادرت منزلاً غابت عنه ابسط ملامح الفرح.وأجريت مكالمة هاتفية مع المحامي ايهاب جلجولي الذي يتولى الدفاع عن محمد المصري حيث اشار الى أن القضية معقدة وتحتاج الى دراسة متأنية مضيفًا أن عدة بنود في لائحة الاتهام قد تكون من نسج الخيال.

كما أشار الى أن الشبان الثلاثة يمرون بتحقيقات قاسية وبأساليب ضغط متنوعة، بعضها أساليب نفسية مبالغ فيها وبالتالي شكك في مصداقية الاعتراف الذي ادعّت لجنة التحقيقات بأن محمد المصري قد أدلى بها... وانهى جلجولي حديثه بأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته.


اذًا هذه هي القضية المطروحة الآن والتي حاولت أن القي الضوء على جزء من ملامحها قضية معقدة هي الأولى من نوعها من حيث المضمون لا من حيث المعاناة.أما الصورة بأكملها فربما تتشكل في العاشر من الشهر الحالي حيث سيُقدَّم ابناء جلجولية الثلاثة الى المحكمة...

لمزيد من التفاصيل ، انظر ايضا :


 


اعتقال ٣ من عرب الداخل بزعم "ادارة ورشة تصنيع قنابل"

قضية جديدة تقرع باب عرب الداخل، هذه المرة في قرية جلجولية في المثلث الجنوبي، والتي باتت مزارًا للصحفيين فور اشاعة خبر اعتقال ثلاثة من أبنائها على خلفية أمنية لا يعرف حتى اللحظة مدى مصداقيتها : محمد مصري، أيمن أبو كشك وفضل عابد ثلاثة شباب في عمر الزهور، استهدفتهم لائحة اتهام، مصدرها الشاباك الإسرائيلي، تقضي بأن الثلاثة أقاموا ورشة لتصنيع القنابل وخططوا لعمليات تفجير حافلات اسرائيلية داخل الخط الأخضر، لكن لائحة الاتهام لم تكشف بكامل تفاصيلها، حتى اللحظة وربما تحمل في سطورها مجاهيل أكبر.

التعليقات