زعبي لجيروزاليم بوست: اسرائيل فشلت في ترويضنا خلال 60 عاما لأننا جزء أصيل من شعبنا

انهم ليسوا ضدها كشخص، انهم ضدها كنموذج للفلسطيني الذي لا يتفق مع ما تمليه إسرائيل، للفلسطيني الذي يمتلك تعريفا خاصا للديمقراطية التي تقوم على القيم الإنسانية، أنهم ضد من يقول بان اسرائيل ليست ديمقراطية، وتقول زعبي "ما يشكل تحديا بالنسبة لهم، هو ان لدي طرحا على أرضية ديمقراطية حقيقية

 زعبي لجيروزاليم بوست: اسرائيل فشلت في ترويضنا خلال 60 عاما لأننا جزء أصيل من شعبنا

بقلم: إيرين بروشر.

تبدو أصغر حجما مما هو متوقع، متدثرة بمعطف أسود، وفي يدها حقيبة يد أنيقة مصنوعة من نسيج منقوش ، بهذا المظهر، لا تعطي النائبة زعبي انطباعا بأنها من المتشددين.


وصفها عضو الكنيست داني دانون من حزب الليكود بأنها "إرهابية متنكرة بزي عضو كنيست"، فيما قدم عضو الكنيست ديفيد روتم من حزب بيتنا اسرائيل  الاسبوع الماضي طلبا لحظر حزبها، حزب التجمع الوطني الديمقراطي، من الترشح للانتخابات المقبلة، قائلا، بأن على المحكمة "التخلص من هذه الأقلية المعادية".


لكن مؤيديها، الكثر، والذين يمكننا معرفة حجمهم من عدد الناس الذين يأتون لتحيتها بحرارة عندما تجلس لشرب القهوة بعد الظهر في مقهى كابولسكي في ام الفحم، يعتقدون أنها امرأة شجاعة وصريحة ترفض أن يروعها أولئك الذين لا يستطيعون سماع ما تقوله، ولا يستطيعون تصور كيفية قولها لذلك.


نموذج فلسطيني غير قابل للتطويع :

انهم ليسوا ضدها كشخص، انهم ضدها كنموذج للفلسطيني الذي لا يتفق مع ما تمليه إسرائيل، للفلسطيني  الذي يمتلك تعريفا خاصا للديمقراطية التي تقوم على القيم الإنسانية، أنهم ضد من يقول بان اسرائيل ليست ديمقراطية، وتقول  زعبي "ما يشكل تحديا بالنسبة لهم، هو ان لدي طرحا على أرضية ديمقراطية حقيقية "، وتقترح زعبي، التي تتحدث بنبرة عالية وعاطفية، على صاحبة المقابلة ان تقوم بايقافها في أي وقت، لأنها عندما تسترسل، فلا شئ يوقفها.


وهي في هذا لا تختلف عن الكثير من السياسيين، لكن زعبي التي تبلغ من العمر 43 عاما والحاصلة على شهادة البكالوريوس في الفلسفة وعلم النفس من جامعة حيفا ودرجة الماجستير في الاتصالات من الجامعة العبرية في القدس، لم يكن في نيتها ابدا، الخوض في غمار السياسة.


وعلى الرغم من انخراط قريبين من عائلتها الكبيرة في غمار السياسة، وشغلهما مناصب فيها: حيث كان احدهما رئيس بلدية الناصرة وعضو كنيست، فيما شغل الاخر منصب نائب وزير، الا أنها نشأت في أسرة غير سياسية إلى حد كبير في الناصرة، فقد كان والدها محاميا ووالدتها معلمة رياضيات، انصب همهما الاكبر على تعليم أطفالهما الأربعة، حيث كانت حنين اكبرهم.


"لم يكن والداي من الناشطين سياسيا، لم يذكرا فلسطين أو ما حدث في عام 1948 "، وتضيف، " لكنهما تحدثا عن العدالة، والعدالة تعني الهوية، وهذا يعني الفخر الوطني، ويعني الحقوق، ما يعني، ايضا، عدم قبول دولة يهودية تفترض بأن اليهود يجب أن يمتلكوا امتيازات أكثر منك".


في سن الحادية عشرة، بدأت زعبي، كما قالت، بتشكيل آرائها السياسية، "منذ ان كنت في الحادية عشرة من عمري، بدأت أسأل، ما أنا؟ ما هي قضية فلسطين؟ وإذا كنت فلسطينية، فأين هي فلسطين؟.


تتذكر مجزرة الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982، والتي خلفت تأثيرا عميقا عليها كمراهقة، وعلى الرغم من انها من عائلة مسلمة، فقد درست في مدرسة "مار يوسف"، وهي احدى أفضل المدارس الخاصة في الناصرة، وتصادفت دراستها الجامعية في عامها الأول مع انطلاق الانتفاضة الأولى في أواخر عام 1987.


الالتقاء بعزمي بشارة والانتساب للتجمع:

كانت في منتصف العشرينيات عندما سمعت خطابا لعزمي بشارة، مؤسس حزب "بلد"، وتبلور لديها اهتمام أكثر لتكون اكثر من عضوة عادية في الحزب.


" تكلم عن الفلسفة والثورة الفرنسية" قالت وعلى وجهها ابتسامة، وأقرت بأن ذلك الاهتمام لم يكن له على ما يبدو علاقة بالمأزق الاسرائيلي الفلسطيني، "بالنسبة لي، كان خطابة تنويريا ومؤثرا"، واستطردت " كان عبقريا".


استقال بشارة من الكنيست وغادر إسرائيل عام 2007، عقب استجواب الشرطة له للاشتباه في "مساعدة وتمرير معلومات للعدو في زمن الحرب"، ووجود "اتصالات له مع عناصر خارجية"، حيث يعيش الآن في قطر.


لم تفكر زعبي في انها تمتلك شخصية مناسبة للعمل السياسي" لقد كرهت فكرة كونها عضوة كنيست وأن تكون في صدارة  المواجهة، و"لكني قررت أن أفعل ذلك لأنني أمثل حزبي، "التجمع"، كما تقول.


في عام 2009، أصبحت أول امرأة عربية "اسرائيلية"، يتم انتخابها في الكنيست على قائمة حزب عربي.


كانت هناك تحديات لشرعية "التجمع" قبل فترة طويلة من تحول زعبي الى واحدة من أكثر السياسيين العرب تأثيرا في الكنيست - وربما ايضا الأكثر تعرضا للشتيمة من غيرها. تعرض بشارة، رئيس الحزب، وجمال زحالقة وعضو الكنيست السابق واصل طه للتحقيق عقب زيارتهم الى سوريا، واتهم بشارة بتقديم معلومات لحزب الله خلال حرب لبنان الأولى عام 2006، وهي التهمة التي يصفها مؤيدوه بالملفقة.


لكن قفزت زعبي إلى مستوى جديد من الشهرة المثيرة للجدل بسبب مشاركتها في أسطول "مرمرة"  الذي كان متوجها إلى غزة في مايو 2010، حيث قالت بأنها انضمت الى ما رأته مظاهرة سلمية ضمت العديد من البرلمانيين من دول أخرى.


لكن وصول القوات البحرية الإسرائيلية على متن السفينة - وهو الفصل الذي لم تكن شاهد عيان عليه لأنها كانت متواجدة في أسفل السفينة - وكان في استقبالهم مقاومة عنيفة من الأتراك المشاركين في مجموعة IHH -  ، انتهى بقيام القوات الخاصة الإسرائيلية (الكوماندوز) بقتل تسعة أتراك خلال الاشتباكات.


زعبي، التي اثارت غضب العديد من أعضاء الكنيست لوجودها على متن السفينة، ترى ان الهدف من التركيز على مشاركتها يهدف فقط الى تشتيت الانتباه عن القضايا الحقيقية.


"لم يتصاعد الغضب لوجودي مع الأسطول، بل كان ذلك بسبب التسعة اشخاص الذين قتلوا، وبسبب الانتقادات الدولية التي رافقت ذلك الحدث، ولأن حنين قدّمت قدوة للشباب الفلسطيني - أنموذجا للتحدي".  استطردت زعبي- التي لا تتحدث عن نفسها في كثير من الأحيان بضمير المتكلم، كما لو أنها تؤكد بأن اسمها أصبح بطريقة ما رمزا لنهج مختلف.

المشاركة في اسطول الحرية وغضب اليمين الاسرائيلي:

وما يكمن خلف قصة السفينة، هو انها وحزبها يجدون أنه من غير المقبول أن يطالب القانون جميع الأحزاب الساعية للترشح قبول إسرائيل كدولة يهودية، وبدلا من ذلك، كما تقول، فانها تؤيد دولة لجميع مواطنيها – وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل من خلالها ان تصف نفسها دولة ديمقراطية، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يصبح "التجمع" شريكا مع "ميرتس" في بعض القضايا، كما تقول، ولكن في الأمور الأساسية، لا يمكن لذلك ان يحصل.


واضافت "انهم شركاؤنا في النضال ضد الاحتلال، ولكن ليس في مكافحة العنصرية التي اصبحت جزءا بنيويا ومتأصلا،  لن نوافق على ذلك - نحن نعتقد أن الصهيونية حركة عنصرية متأصلة وجزء من النظام".


وعلى الرغم من وجود العديد من القضايا التي رفعها سياسيون ضدها – الا انها، وفي المقابل، رفعت شكوى تتهم فيها دانون بالتحريض، وهي تعتقد أن الدولة لن تمنع حزبها من المشاركة في الانتخابات القادمة الشهر المقبل، وانها لن تمنعها من الترشح كذلك، لأنها إن فعلت، كما تقول، فسيقاطع الناخبون العرب تلك الانتخابات، ما سيجعل من الصعب على اسرائيل التمسك بالتعريف الذي تقدم به نفسها كدولة ديمقراطية، وكما كان الوضع في 2009، حيث وصل 53 في المئة من الناخبين المؤهلين للاقتراع إلى صناديق الاقتراع، فانه من المتوقع ان يصلها عدد اقل منهم هذا العام.


"من الناحية القانونية، ليس لديهم ملف أو قضية، فانا لم أتخيل نفسي أبدا في وسط حرب من هذا القبيل، ولا أعتقد أنهم سيجردونني من حقوقي في  الترشح والانتخاب، فإذا حدث ذلك، وإذا  حظروا  "التجمع" من حقه الحزبي، فانه لن يكون هناك انتخابات - العرب لن يصوتوا "، اضافت زعبي.


ورغم انها تجري المحادثة بطلاقة باللغة الإنجليزية، الا انها كانت تُبَهِر المحادثة بكلمة أو مصطلح باللغة العبرية، وأحيانا، بكلمة من اللغة العربية، تسأل، لماذا يتوجب ترك 20 % من الجمهور على "الفتافيت"، وتعني بها بقايا الطعام.


اسرائيل تريد أن نشكرها لأنها لم تطردنا عام 48:

"يجب أن تكون لدينا هذه ا"لفتافيت" على الأرض وان يُعَبر عنها كحصة من الميزانية وفي حصتنا في سوق العمل"، لمدة 60  عاما، حاولت إسرائيل ترويضنا، وتغييرنا وتحويلنا إلى أقلية، فيما تتوقع منا بالمقابل أن نشكرها، بدورنا وكل يوم، على أنها لم تطردنا عام 1948".


هذا الأسبوع، ستبدأ الحملات الانتخابية، سوف ترفع اللافتات في جميع أنحاء البلاد، صعودا وهبوطا في كافة شوارع ام الفحم، حيث حضرت زعبي للقاء النساء المؤيدات لحملتها الانتخابية، وكثير منهن من المحجبات والمتدينات، على العكس من زعبي، التي تصف نفسها بأنها علمانية، وسواء كانوا يتفقون معها او يخالفونها في المنحى الذي اتخذته. ما يقارب نصف الناس الذين تحاول زعبي الوصول اليهم، قد لا يغادرون منازلهم يوم الانتخابات، سواء تعبيرا عن الاحتجاج ام عن حالة من اللامبالاة.


قالت زعبي، انها ستبذل الأسابيع الستة التالية في محاولة حملهم على خلاف ذلك، "لا نمتلك ترف ان نكون لامبالين".


جميع الحقوق محفوظة لصحيفة جيروزاليم بوست، © 1995 - 2012
2012/09/12
 

التعليقات