العرب في حيفا: معاناة متواصلة في ظل الاكتظاظ السكاني وسياسة التهميش والإقصاء

تزداد معاناة الأهالي بالحي العربي، عبّاس، بحيفا، يوماً بعد يوم جراء الاكتظاظ السكاني الكبير وتهميش الحي من قبل البلدية كجزء من سياسة اللّا تطوير التي تتبّعها البلدية بصورة ممنهجة في الأحياء العربية في المدينة.

العرب في حيفا: معاناة متواصلة في ظل الاكتظاظ السكاني وسياسة التهميش والإقصاء

تزداد معاناة الأهالي في الحي العربي، عبّاس، في مدينة حيفا، يوماً بعد يوم جراء الاكتظاظ السكاني الكبير وتهميش الحي من قبل البلدية والجهات المعنية كجزء من سياسة اللّا تطوير التي تتبّعها البلدية بصورة ممنهجة في الأحياء العربية في المدينة ممّا يجعل من هذه معاناة الأهالي في هذه الأحياء، وعلى كافة الأصعدة كبيرة جداً وغير آمنة على هذه العائلات

وكان أهالي حي عبّاس، خاضوا معركة مع البلدية خلال الشهر الماضي، استطاعوا من خلالها عن طريق الدمج بين النضال الشعبيّ والقانوني منع بناء 42 وحدة سكنية جديدة في الحي كان من شأنها أن تفاقم أزمة المواقف وعدم جاهزية الحي في أي حالة طوارئ من الممكن أن تحصل، بالإضافة إلى البنى الشوارع غير المهيئة والبنى التحتية السيئة في الحي

وبحسب دراسة أجراها الناشط السياسيّ ومخطّط المدن، عروة سويطات، وبالمشاركة مع جمعية التطوير الاجتماعي في المدينة فإن الحي يعاني من نقص في 300 موقف سيارات، بالإضافة إلى عدم وجود مواصلات عامة تخدم قرابة الـ6000 قاطن في هذا الحي المكتظ بشكل خاص في المدينة

إيهاب حبيب: 325 وحدة سكنية في حال حدوث حريق، لن تستطيع سيارة الإطفاء الوصول إليهم

وفي حديث مع رئيس لجنة الحي، إيهاب حبيب، قال لـ 'عرب 48'، إن 'تغيير كبير طرأ على الحي في السنوات الخمسة عشر الماضية نتيجة بناء وحدات  سكنية جديدة أضافت مئات السكّان الجدد على الحي، وإضافة مدرسة جديدة تضاف إلى المدارس الثلاث الموجودة في الحي، والتي تخدم العديد من الطلاب وبأغلبيتهم من خارج حي عبّاس'.

وأضاف: 'في المقابل، لم يكن هناك أي تطوير للحي وللبنى التحتية ، بل إن المرة الأخيرة التي حصل فيها أي تطوّير للحي كانت سنة ٦٨، أي أن البنى التحتية للحي لا تتلائم ولا يمكن أن تتلائم للتطوّرات التي طرأت على الحي وعلى طريقة الحياة العصرية للسكّان'.

وعن جاهزية الحي، قال حبيب، إن 'قسم كبير من الحي، وهو القسم العلوي، أي 325 وحدة سكنية في حال حدوث حريق، لا تستطيع سيارة الإطفاء الوصول إليه ولا للوحدات السكنية فيه ولا بأي شكل من الأشكال، فالطريق إليه في ساعات الليل مغلقة بسبب أزمة المواقف وعدم وجود مخرج'.

وتابع: 'تصرّفات البلدية جعلت السكّان يخالفون القانون، فعدم وجود مكان لركن السيارات في الحي حذا بالسكان للركن على الرصيف والجزيرة وإغلاق الشوارع في بعض الأحيان، وهذا ليس مخالفة منّا، بل لكوننا لا نملك حلول أخرى ولا مكان نذهب إليه هذا التطوّر والاكتظاظ السكاني، وسياسة اللّا تطوير والتخطيط جعلت من الحي مكاناً تصعب الحياة فيه”.

وعن المدارس في الحي، قال حبيب، إن 'إحدى مشاكل الحي الأساسية هي وجود أربعة مدارس في الحي، 81٪ من طلابها من خارج الحي، واحدة منهم موجودة في شارع بدون مخرج، ولهذا من غير الممكن وصول الأهالي إليها، ويسير الطلاب إليها سيراً على الأقدام، بالإضافة إلى ثلاث مدارس أخرى يتوافد إليها الطلاب في كل صباح ممّا يزيد من أزمة الحي”.

وأضاف: 'بالإضافة إلى أن هذه المدارس تزيد من أزمة الحي، إلّا أن وجود الحي على هذا الحال يجعل منه غير آمن، فلا يوجد رصيف، ويسير الطلاب في الشارع، بالإضافة إلى عدم إمكانية وصول سيارة إسعاف لإحدى هذه المدارس بسبب الأزمة والشارع الضيق   في حال طوارئ'.

حبيب: فتح شارع جديد من شأنه أن يحل العديد من المشاكل في الحي

وتطرّق حبيب لنضال الأهالي مقابل البلدية، وقال إن 'لجنة الحي قامت بعقد جلسات مع البلدية منذ العام 2006، وقمنا أيضاً بتقديم حلول لمشاكل الحي، منها فتح شارع جديد من شأنه أن يحل العديد من المشاكل في الحي، وبحسب المسح الذي قمنا به كلجنة فتكلفة مثل هذا الشارع لا تكلّف أكثر من 2 مليون شيكل إلّا أن البلدية غير مستعدة بالدفع لتطوير الحي وترفض المباشرة بأعمال التطوير كل يوم بذريعة مختلفة”.

وتابع: 'ليس فقط أن البلدية لا تريد تطوير وترميم الحي، إنّما وبكل وقاحة حاولت بيع قطعة أرض خالية لبناء 42 وحدة سكنية جديدة تزيد من أزمة هذا الحي'.

جمانة اغبارية: ما نطلبه ليس عبارة عن مسكّن لمشاكل عينية، بل نريد حل جذري وطويل المدى لتطوير هذا الحي العربيّ”.

أمّا المحامية في جمعية التطوير الاجتماعي، وعضو لجنة الحي، جمانة اغبارية، قالت لـ'عرب48'، إن 'حي عبّاس وبالإضافة إلى الاكتظاظ السكّاني الكبير، يعاني من عدم وجود مرافق عامة، نقص في مواقف السيارات، وعدم وجود تخطيط يلائم هذا الكم من السكان'.

وأضافت: 'طلبنا من البلدية في بداية العام 2013 أن تقوم  بتخطيط ومسح كامل للحي، وفي نهاية العام الحالي ومع بداية الضغط الشعبي ضد بناء وحدات سكنية جديدة ادعت البلدية أنها قامت بمسح كامل للحي بلا أن تعلم أحداً منّا كجمعية ناشطة في المدينة، أو لجنة الحي'.

وتابعت: 'توجهنا بعدها للمسار القضائي وطلبنا بموجب قانون حرية المعلومات، وبعد مسار طويل وافقت البلدية على إمدادنا بنتائج البحث التي دلّت على أنه هنالك 33 دونم مساحة خضراء في عباس لم توافق البلدية على الإفصاح عن مكان هذه المساحة، وبالتالي لم تسمح لنا بمعرفة حيثيات المسح الذي قامت به البلدية دون إشراك أي من الأهالي والجهات الممثّلة للحي'.

وعن سبب هذه الاكتظاظ السكانيّ، قالت اغبارية، إن 'البنوك ترفض منح قروض شراء وحدات سكنية في كافة المناطق العربية في المدينة عدا عبّاس ووادي الجمال، ممّا يجعل الأزواج الشابة تتوافد على الحي، وبالإضافة إلى ثلاث مدارس رسمية وواحدة أهلية موجودة داخل حي عربي واحد تجعل من الأزمة تتفاقم'.

وتابعت: 'خلال بحث قامت به لجنة الحي، تبيّن أن سيارة الإسعاف والإطفائية لا تستطيع ولا بأي حال من الأحوال الوصول إلى مناطق كثيرة في الحي، وبالإضافة إلى عدم إمكانية السير على الرصيف في الحي ممّا يعرض حياة الطلّاب والسكان للخطر'.

واختتمت اغبارية حديثها بالقول إن 'ما نطلبه ليس عبارة عن مسكّن لمشاكل عينية، بل نريد حل جذري وطويل المدى لتطوير هذا الحي العربيّ'.

عروة سويطات: النضال الجماهيري والمهني والسياسي هو المعادلة الصحيحة في مواجهة مخططات البلدية

وفي حديث مع مخطط المدن، عروة سويطات، الذي أجرى الدراسة حول قضايا عرب حيفا والذي يرافق عمل لجنة الحيّ في النضال الشعبي أمام البلدية، قال لـ'عرب 48': 'على البلديّة الآن أن تجري تخطيطًا شاملا لحيّ عبّاس بمشاركة السكان ولجنة الحيّ من خلاله يتم تطوير مرافق جماهيرية مفتوحة وحلّ جذري لأزمة إيقاف السيارات وحركة السير بشكل فوري، واستراتيجيات لتمكين دور ومكانة الحيّ في المجتمع العربي والمدينة'. 

وأضاف: 'على مدار السنوات الأخيرة خططت وبنت البلدية عمارات متعددة الطوابق للسكن بادعاء انها توفر سكن للعرب، وتم إضافة آلاف الوحدات السكنية في الحي دون تطوير مرافق جماهيرية وثقافية ملائمة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الاكتظاظ وشعور الناس في علبة سردين، فالادعاء القائل بأن مشاريع السكن تصبّ في حلّ أزمة السكن في الأحياء العربية هو ادّعاء غير صحيح، إذ أنه بحسب مشاريع البلدية يتم إضافة وحدات سكنية للأغنياء بأسعار تفوق المليون شاقل، الأمر الذي أدّى إلى زيادة الشرخ الطبقي في المدينة ولا يجيب على أزمة السكن الحقيقية عند عرب حيفا وهي انعدام فرص السكن بأسعار مريحة أمام الفقراء والمستضعفين والأزواج الشابة العربية، وانعدام الفرص المتنوّعة التي تمكّن حقّنا في بلدنا وتعزّز بقائنا في أحيائنا التاريخية ومركزنا الاجتماعي والثقافي'.

واختتم سويطات حديثه، وقال إن 'النضال الجماهيري والمهني والسياسي هو المعادلة الصحيحة في مواجهة مخططات البلدية، يجب حلّ أزمة حيّ عبّاس الآن ومن أجل مستقبل حياة الأجيال القادمة'.

>> عودة إلى "ملف حيفا"

التعليقات