اختتام مخيم الهوية: التربية الوطنية في مواجهة الأسرلة

وافتتح المهرجان الختامي وقوفا على إيقاع النشيد الوطني الفلسطيني "موطني" ورفع العلم الفلسطيني وعلم الحزب، وطاف أطفال المخيم بصورة رائعة أمام الحضور في ساحة المهرجان مع ترديد الأناشيد الوطنية.

اختتام مخيم الهوية: التربية الوطنية في مواجهة الأسرلة

اختتمت مساء أمس الأربعاء فعاليات مخيم الهوية الخامس عشر الذي نظمه التجمع الوطني الديمقراطي، بمهرجان احتفالي في منتجع ملاهي  التوت بمدينة طمرة.

وشارك عدد كبير من الأهالي الذين وصلوا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب إلى جانب بعض قيادات وكوادر التجمع الوطني الديمقراطي، بينهم رئيس الحزب، واصل طه، ونائب الأمين العام، مصطفى طه، وأعضاء من المكتب السياسي واللجنة المركزية وسكرتيريي الفروع.

وافتتح المهرجان الختامي وقوفا على إيقاع النشيد الوطني الفلسطيني "موطني" ورفع العلم الفلسطيني وعلم الحزب، وطاف أطفال المخيم بصورة رائعة أمام الحضور في ساحة المهرجان مع ترديد الأناشيد الوطنية، وذلك  تتويجا لبرنامج المخيم الذي انطلق منذ يوم الأحد الماضي وشمل ورشات وفعاليات فنية وتثقيفية حول الهوية وجغرافيا الوطن ومخيمات اللجوء وحق العودة إلى جانب المحطات الرياضية والترفيهية.

وأشرف على إدارة المخيم عدد من كوادر وقيادات الحزب الميدانية وطواقم المرشدين والمساعدين من كوادر اتحاد الشباب الوطني والحركة الطلابية حيث سجل المخيم نجاحا آخر في تمرير البرامج لتحقيق الإنجازات المتراكمة عاما بعد عام.

وقدمت الفرق المشاركة فقرات فنية وثقافية من إنتاجاتهم  وإبداعاتهم التي أنجزوها على مدار الأسبوع، كما وقدموا عروضا متنوعة وفقرة إيقاعية مع الفنان صالح هيبي والتي لاقت استحسان الأهالي.

وفي كلمتها الافتتاحية، استعرضت مديرة المخيم أميمة مصالحة، سير الفعاليات والنشاطات مع التأكيد على اهتمام التجمع وإدارة المخيم بالمضامين التثقيفية مما يعطي ميزة خاصة لمخيم الهوية.

وأكدت مصالحة في معرض كلمتها على مستوى الانضباط الذي تحلى به الطلاب المشاركين والتلقي الإبداعي. وأثنت على دور طواقم المرشدين والمساعدين الذين واصلوا الليل بالنهار من أجل راحة الطلاب وتوفير الأمان والأجواء المريحة لهم وتمرير البرامج، وأشادت بثقة الأهل بإدارة المخيم والحزب، ووجهت مصالحة تحية مخيم الهوية للمفكر الدكتور عزمي بشارة في منفاه القسري.

أما كلمة المخيم فقدمها الناشط طارق طه، وأكد في معرض كلمته أن مخيم الهوية يواصل رسالته لبناء وصقل جيل واع وواعد، وقال إن "مخيم الهوية بالنسبة لنا هو مشروع ثقافي وطني لبناء جيل، ويحمل رسالتين واحدة للمؤسسة الصهيونية لنقول لهم فشلتم بالرهان على تشويه هوية وانتماء هذا الجيل والرسالة الثانية لأبنائنا ليعرفوا أن لكل بيت عربي حكاية ورواية ولكي لا ينسوا أننا أصحاب أرض ووطن وتاريخ".

وأشار طه إلى أن "خريجي مخيمات الهوية السابقة هم قيادات هذا الجيل ورواد في المجتمع لأن بناء الإنسان هو مشروعنا، والبوصلة الوطنية هي محركنا، ونحن حزب وطني قومي وتقدمي نطمح إلى ترسيخ هذه المفاهيم والقيم في ذهن الأجيال تلو الأجيال".

انطباعات

وأعرب محمود طاطور من الرينة وهو والد لطالبين مشتركين بالمخيم عن تقديره لإدارة مخيم الهوية وطواقمه. وقال "لدي ثلاثة من الأبناء الذين تخرجوا على مدار السنوات السابقة في مخيم الهوية مع شهادات امتياز حول الهوية والانتماء وبناء ثقافتهم الوطنية وهذا يسعدني ويمنحني الثقة، ولذلك اليوم لدي اثنين من الأبناء يشاركان بهذا المخيم وأنا مطمئن، فما يهمني التنشئة الوطنية، والمخيم يصقل ويربي الشخصية".

وعبرت سهير دراوشة من الناصرة، وهي والدة لطالب شارك لأول مرة في المخيم، عن سعادتها، وقالت "حقيقة لا أخفي مفاجأتي من مستوى هذا المخيم حيث لمست درجة إتقان العمل من حيث التنظيم والانضباط  والمضامين الوطنية، وكذلك الاهتمام الكبير بالطلاب، وهذا ينقصنا في أماكن كثيرة. نستطيع أن نؤكد ذلك من رضى أبنائنا المشاركين الذين استمتعوا أيضا بالجانب الترفيهي إلى جانب اكتسابهم المعلومات والثقافة الوطنية وسنواصل المشاركة مستقبلا إن شاء الله".

وقال وليد منصور، والذي شارك ابنه لأول مرة في مخيم الهوية، إنه معجب بتركيز البرامج ومضامين الهوية ورسالة المخيم. وقال إن "علامات الرضى تبدو واضحة على وجوه الأطفال، وما لفت انتباهي أيضا هو الاهتمام الفردي بكل طالب وطالب وليس الجماعي فقط بحيث تجد عددا من المرشدين والمساعدين مع مجموعة صغيرة مما يمنحك الثقة والشعور بالأمان على أبنائك، وهذه الأيادي أمينة ومن الواضح أن المخيم أعد بمستوى رائع وحقيقي".

واعتبرت عليا طه، وهي والدة أصغر مشاركة في مخيم الهوية، الطفلة شام، أن المخيم حقق نجاحا كبيرا، وأشارت إلى أن وجوه الأطفال تتحدث حيث يبدو الرضى على وجوههم. وأثنت على مستوى التنظيم وأداء الإدارة وطواقم المرشدين وطريقة تمرير البرامج عبر الفعاليات والورشات.

وقالت إن "المضامين والتنظيم والأداء يليق بتنشئة جيل يحمل هوية وانتماء وطنيا مع مراعاة برنامج المخيم للجانب الترفيهي".

وأكد مازن حاج من الناصرة متابعته ومواكبته لمخيمات الهوية، وقال إن "برامج الهوية تأتي منسجمة مع فكر ورؤية التجمع في تنشئة جيل واع وقيادي عبر تعزيز الهوية والانتماء وبناء الشخصية الواثقة والواعية، لكن بطبيعة الحال نحن نطمح ونتطلع دائما للأفضل، وهذا يتم عبر الاستمرارية ومواصلة البحث عن طرق وأساليب إبداعية متطورة".

واستعرضت المستشارة التنظيمية، نداء نصار، البعد التربوي في بناء الذات بنظرة تحليلية موجزة، وقالت "كثيراً ما نحتاج في عملنا مع الشباب إلى استدراك مفاهيم وقناعات قد نفذت إلى وعيهم كنتاج لسياسات تنتهجها إسرائيل لهذا الغرض، وهي سياسات لا تقف عند حد الوعيّ المقتصر على الآراء والمواقف، بل تذهب لما هو أبعد وأعمق من ذلك لتنفذ أحيانا إلى وجدان الإنسان، وهو ذلك المنظار الأول لفهمنا لأنفسنا والمحيط، وتلك الأدوات والفرضيات الأولى التي نحلل من خلالها العالم وأنفسنا ضمنه، وهي ذاتها المنظار والأدوات والفرضيات التي نؤسس عليها الوعيّ فيما بعد أو بموازاة ذلك، تحديداً ذلك الذي تصاغ ضمنه الآراء والمواقف من القضايا المحيطة، وعلى ضوء ذلك تكمن أهمية مراكمة العمل منذ جيل الطفولة من خلال مخيم الهوية ومشاريع أخرى يجب أن تكون مكملة، لنكون عندها قد بسطنا محيط الطفل، وإن كان ذلك لفترة محدودة، بتفاصيل قد تبدو بسيطة وليست ذات أهمية، أغاني وطنية، رموز وطنية، علم فلسطين، أسماء مجموعات تنادي بحق العودة، وزي موحد يحمل مفتاح العودة، وهي كلها رموز ورسائل تبث القوة والمقدرة والإيجابية في تصور الذات والجماعة والمحيط، إذا أجدنا إيصالها بالأسلوب الصحيح الذي لا يقتصر على تثبيت خانة الضحية وحصرنا ضمنها، بل فهم المظلومية التاريخية التي تدفع نفسها للتحرير، من خلال تصور ذاتي وجماعي إيجابي، يركز على القوة والمقدرة لا الضعف والبكائيات".

وتابعت نصار: "هذه التفاصيل وإن لم تظهر بتلك الأهمية، هي ذات مركزية ملحة، في سياق يحاط فيه الطفل بكل الرموز الصهيونية، وبكل الرسائل التي تحاول أن توجد إنسانا خنوعا، يستوعب الحياة بدونية، وصاحب تصور ذاتي سلبيّ، غير مؤمن بقدرته على تغيير النظام القائم، هذا قبل أن يفهمه أو يدرس حيثياته، وعلى ضوء ذلك تكون مرحلة العمل هذه مع الأطفال ذات أهمية بالغة، لنؤسس فيما بعد على أرضية صحية ومتينة، وعيا ومواقف وآراء من القضايا الوطنية والاجتماعية المحيطة، أو حتى من الحياة الفردية التي لا تفلت هي أيضاً من ترسبات وتأثيرات ما سبق".

ولفتت إلى أنه "لم يقتصر العمل في مخيم الهوية على تمكين جو عام ممكن، بل تجاوز ذلك نحو تثقيف وطني يتناول المفاهيم الأساسية التي تخص تعريف الهوية، فهم الرواية التاريخية الفلسطينية، معرفة جغرافية الوطن، كل الوطن، لا ذلك المنحصر في المعزل الجغرافي المحدد، وربط ذلك في الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة التي تحارب كل سياسات الشرذمة التي تنتهجها إسرائيل على كافة مستويات الهوية .لقد تم ذلك بأسلوب ممتع، وبأجواء يسودها اللعب والمتعة، لا كاختيار تقني تكتيكي فحسب لإيصال المعلومات للأطفال، وإنما أيضا كقناعة أن المعرفة والعمل الوطني هو ليس معزل وحيز نفرزه عن حياتنا بكافة تفاصيلها، بل جزء من حياتنا اليومية يحتم حقيقة مفادها أنك تستطيع كطفل وكشاب أن تلعب وتستمتع وأن تكون إنسانا طبيعيا في هذه الحياة، وأن تكون واعيا أو ناشط سياسياً، دون تناقض، وهي مساحة أخرى تحاول السياسات الإسرائيلية توظيفها من خلال دفع العمل الوطني والسياسي إلى حيز الشذوذ وهامش المجتمع، وتصويغ الإنسان الواعي وطنياً والناشط على أنه نشاز، غير مدرك للمصلحة الفرديّة التي تحدد هي شكلها ومعطياتها الواجبة، وغير قادر على ممارسة حياة فردية بشرية طبيعية تتخللها بعض التضحيات التي تزيدها طبيعية وبشرية، أو شخص منتفع وصوليّ يتعامل مع القضية الوطنية كنقاط ترصد للامتيازات الفرديّة".
 

وأكدت أن "هذا التصويغ غير الساذج يتطلب أيضاً عملا بأساليب تخلق فهما بديلا لسياسات تريد تفتيتنا لا لمجموعات متحاربة فحسب، بل لأفراد تقوم لا على أسس من الحريات والحقوق التي يرصد جوهرها من ضمنه للصالح الجماعيّ، بل على مرجعيات من المنفعة الشخصية والأنانية الفرديّة المبنية على القطيعة مع الجماعة والمحيط".

التعليقات