ضمن نشاط "كيان- تنظيم نِسوي" ومجموعة "نساء قياديات يافويات"، والتي تأسست عام 2015 بهدف رفع مكانة النساء جماهيريًا، اقتصاديًا وسياسيًا بإرشاد من تنظيم "كيان"، نُظمت، يوم الأحد الماضي، فعاليّة مميّزة استحضرت خلالها المشاركات أحداث النكبة من خلال نقل قصص وأحداث لشخصيات عاصرت النكبة واطلعت على تفاصيلها المؤلمة.
ونظمت الفعاليّة، التي شارك بها قرابة 20 امرأة من يافة الناصرة وقرى مهجرة مثل معلول والمجيدل، في النويدية العائلية، حيث تم خلالها عرض قصص وشهادات قامت النساء بتناقلها عن آبائهن وأمهاتهن، مؤكدات على أنّ ذكرى النكبة لا يزول أثرها مع السنوات بل يتعمق الحنين أكثر إلى المكان بكل تفاصيله.
وخلال الفعالية، التي جاءت تحت عنوان "حكايتي مع النكبة"، وتهدف إلى تعزيز وعي النساء لقضية الأرض والمسكن وحق العودة كما إشراكهن في الحيّز السياسيّ والخطاب الوطني، استعرضت النساء قصصًا مروعة عن التهجير والترحيل الذي تعرّض له الآباء.
وفي عرضها، تطرقت عضوة المجموعة، إلهام الفايد، إلى التهجير من المجيدل، حيث قالت في شهادتها: "إحنا مهجرين من المجيدل. المجيدل اللي كانت مشهورة بزرع الفواكه، أمي عمرها 90 سنة وعندها انتماء للمجيدل أكثر من أي محل بالعالم، بعدها بتحكلينا عن أهل المجيدل والأعراس واللمات الحلوة مع جيرانهن أهل معلول".
بدورها، تطرّقت عضوة المجموعة، بثينة أبو غانم، إلى والدتها التي تهجرت وكانت تبلغ من العمر 14 عامًا فقط، حيث جاء في شهادتها: "لما بشوف صور من التهجير وخصيصا مشهد النساء اللي حاملة بيوتها ع أكتافها... بشوف أمي معهن، لما تهجرت أمي كان عمرها 14 سنة، مشيت مع عيلتها من معلول للرينة، وبس وصلت عجنت الطحين وبدها تخبزه، وفجأة دب الطخ والنار، حملت أمي لجن العجين فوق راسها ومشيت من الرينة لحتي وصلت عرابة، ارتاحت تحت زيتونة وخبزت العجين ولجن العجين يومها كان نحاس وثقيل، كنت أسأل أمي كيف قدرتي؟! وهي تحكيلي جملة وحدة "العجين يما خمر... خمر كثير العجين". أمي بتتذكر انو بالطريق شافت بنات حيفا حافيات، بنات حيفا اللي كان صيتهن بكل البلاد كانوا بنات المدينة المعروفات بتحضرهن وجمالهن، بس أمي بتذكرهن حافيات ومذعورات كثير".
أما عضوة المجموعة، رائدة كنانة، فتطرقت إلى تهجير قرية صفورية عام 1956، وجاء في شهادتها: "لما رجعوا أهل صفورية ع بلدهن وردوا هجروهن كمان مره بال 56، أجت عنا عيلة دار أبو سليم الصفوري أجو ع تراكتور مع شوية أغراض من اللي قدروا يأخذوها، دار أبو سليم كانوا عيلة محترمة وأصيلة وعيلة مالكة لكثيرا راضي وبساتين بصفورية، اجوا عنا مهجرين وحفى، زيهن زي كل أهل صفورية يا ويلي عليهن شو صار فيهن... التهجير كان مأساة أبوي مره حكالنا يابا موتوا تحت الدار ولا تطلعوا".
وفي شهادة عضو المجموعة، ختام كنانة، جاء: "أمي مش مهجرة بس خرفتني إنهن استقبلوا ببيتهن عيلة تهجرت من معلول، قعدوا عيلتين ببيت واحد وبغرفة وحدة، أمي خرفتنا كمان أنو كان في شهيد بمعلول واللي راحوا جابوه 7 نساء من ضمنهن ستي، وكمان نساء كانوا يراقبولهن حد الكنسية، النساء دافعت وناضلت، هني اللي جابوا الشهيد ودفنوه".
أما الناشطة النِسوية وعضو المجموعة، نضال كنانة، فتطرقت إلى الكرم والشهامة في حينه وجاء في شهادتها: "لما فاتوا ع البلد اتجهوا لدير الآتين، أهل يافا كانوا متخبين كلهن بدير اللاتين، أجا الحاكم المسؤول بالعمارة (المسكوبية) وقلهن كل السلاح اللي موجود بالبلد ينحط هون... ولا فرد بدو يضل! وهيك البلد تسلمت من غير لا قيد ولا شرط ... بحكوا انو الأسلحة اللي انحطت كانت بعلو الباب".
وفي تعقيبٍ على الفعاليّة، قالت هاجر أبو صالح- موجهة المجموعة من قبل "كيان"، إنّ "المجموعة استحضرت أحداث النكبة وكأنها حدثت في الماضي القريب، حيث كانت الذكريات المؤلمة حاضرة، كما والمواقف البطوليّة التي لعبت فيها النساء دورًا مركزيًا وليس فقط الرجال".
وأوضحت أبو صالح أنّ "المشروع يهدف إلى تعزيز الوعي السياسي للمرأة من خلال التركيز على الدور النضالي لنسائنا في مواجهة جرائم النكبة، ومن خلال التضحيات التي قامت بها أمهاتنا وجداتنا".
اقرأ/ي أيضًا | حكاية مهجرة في ألمانيا: قلبها في دمشق وحنينها لصفورية
التعليقات