مؤتمر الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيون في اسرائيل | اليوم الثاني

انطلقت الأسبوع المنصرم في جامعة بير زيت، مؤتمر "الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في اسرائيل"، بتنظيم من مؤسسة الدراسات الفلسطينية ومركز مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، بمشاركة عدد من الباحثين، والأكاديميين، والطلاب والنشطاء السياسيين.

مؤتمر الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيون في اسرائيل | اليوم الثاني

انطلقت الأسبوع المنصرم في جامعة بير زيت، مؤتمر "الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيون في اسرائيل"، بتنظيم من مؤسسة الدراسات الفلسطينية ومركز مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، بمشاركة عدد من الباحثين، والأكاديميين، والطلاب والنشطاء السياسيين.

 
وينشر لكم موقع عرب48 جلسات اليوم الثاني، لقراءة التقرير عن اليوم الأول:

 
الجلسة الأولى: الحلول المطروحة وأثرها في العلاقة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في الشتات وفي الداخل
 
كانت المداخلة الأولى لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة "تافتس" في بوسطن، ومدير مؤسس مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا البروفيسور نديم روحانا حول "المواقف من الدولة اليهودية ومستقبل الهوية الوطنية الفلسطينية" إذ قال إن الادعاء الرئيس لهذه المداخلة أن الموقف الفلسطيني من الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية سيحدد مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، وأن هذا الموقف يحمل في طياته العميقة طاقة كاملة لإعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني.
 
 
وأضاف روحانا "إن مطلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية او الاعتراف بوطن الشعب اليهودي أصبح الحجر الأساس في مفاوضاتها مع الفلسطينيين، فهذا المطلب لم ينتج من فراغ بل لنتيجة عملية تراكمية، وبرز على المستوى الدبلوماسي الرسمي الدولي من خلال خطاب كولن باول ومن ثم شرم الشيخ.. وأصبح خطابا دبلوماسيا مقبولا دوليا في الحديث عن الصراع".
 
وأشار روحانا إلى أنه قبل المطلب الإسرائيلي هذا فقد سبقه مشروع فكري وأيدولوجي إسرائيلي اعتمد على عدة مركبات متداخلة انعكس من عدة اتجاهات وصب في نفس المصب.
 
الأول: المشروع الأكاديمي الإسرائيلي منذ سنوات أواسط الثمانينيات.. لديها مشروع الدولة الاثنية الديمقراطية.. قدمته للعالم كموديل حديث للديمقراطية وهذا لب المشروبع الاكاديمي الإسرائيلي فيما يتعلق باسرائيل بعلاقتها بالمواطنين العرب.
 
ثانيا: المشروع الدستوري، كانت هنالك محاولات دستورية عديدة في الكنيست وخارجها (المعهد الإسرائيلي للديمقراطية) حاولوا طرح مشروع دستور بالوفاق.. ( سبقها وثيقة طبريا) كمحاولة تثبيت الدولة اليهودية دستوريا.
 
ثالثا: السياسات الإسرائيلية  و"قوننة الدولة اليهودية" والتي انعكست في القوانين وبالأساس بعد أكتوبر 2000.
 
هذه ليست جديدة.. الجديد هو رد فعل على تحولات سياسية فكرية جديدة بالأساس لدى الفلسطينيين في إسرائيل التي عكست حالة وعي سياسي جديد يتميز بفهم عميق لمعنى وغبن الدولة اليهودية والدولة الصهيونية.
 
طرح برنامج دولة المواطنين الذي جمع حوله النخب السياسية والفكرية وسط استعداد جماهيري وإقبال واسع حوله، وتحدي فكرة الدولة اليهودية جعل رفض الدولة اليهودية أمرا محسوما للفلسطينيين في إسرائيل. وعندما أصبح محسوما كان الرد الإسرائيلي.
 
وأشار روحانا أيضا الى وثائق التصور المستقبلي التي صدرت عام 2006 التي تتحدث عن إسرائيل كدولة كولونيالية، وتطالبها بالتخلي عن المشروع هذا، إذ نجد تداخلا في هذه الوثائق فكريا وسياسيا والمطالبة بتخلي إسرائيل عن يهوديتها والمطالبة بدولة ثنائية القومية.
 
- نديم روحانا: القبول بالمطلب الإسرائيلي يعني تمزيق المشروع الوطني الفلسطيني -

في نفس الوقت كانت هنالك عملية ازدياد لقبول بعض نخب والقيادات الفلسطينية بالدولة اليهودية ولو عن طريق عدم تحدي الفكرة وقبول حل الدولتين (في مناطق 67) مما أخرج الفلسطينيين في إسرائيل من الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن يمكننا القول إن فلسطيني48 "أثروا" على الحل الفلسطيني المنشود، أي افترقوا عن مشروع الحل للحركة الوطنية الفلسطينية.
 
رابعا: المطلب الإسرائيلي ليس مطلبا تكتيكيا، بل يمثل روح الدولة اليهودية، وهو مطلب اليهود الإسرائيليين من اليسار لليمين، ويعبر عن اقتناع داخلي بأن المشروع الصهيوني لن يحصل على السلام في الشرق الأوسط الا بقبول الضحية هذا المطلب.
 
وبحسب هذا الإدراك فإن حل الدولتين بدون التأكيد على يهودية الدولة بالنسبة لإسرائيل قد يكون له انعكاسات تتمثل بتغير الموقف الفلسطيني مستقبلا نحو استرداد الوطن المسلوب. مما يعني في حال قبول الفلسطينيين هذا المطلب فإنه لن يكون نهاية للمطالب الإسرائيلية مثل الاعتراف بالحقوق التاريخية لليهود.
 
خامسا: هذا المطلب يعيدنا إلى جوهر الصراع، أي تحديد موقفنا من الصهيونية، ويقترب من قبول قرار التقسيم، فمن كان يرى أن رفض قرار التقسيم كان خطأ لا يرى حرجا من موقف الاعتراف من الدولة اليهودية.
 
سادسا: إن الموقف من تعريف إسرائيل كدولة يهودية هو شأن فلسطيني وليس إسرائيليا فقط... ويجب أن يكون للفلسطيني موقف منه، فهنالك من قال من القيادة الفلسطينية "فليسموا ويعرفوا أنفسهم بما يريدون.. هذا شأنهم وليس شأننا".
 
وفي حال قبلت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بالمطلب الإسرائيلي بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ستكون النتيجة تمزيق للمشروع الوطني الفلسطيني، والفلسطينيون في إسرائيل سوف يرفضون هذا الأمر فهو يفتح الباب أمام العنف الإسرائيلي تجاههم. فالتجمع الوطني الديمقراطي واضح جدا في هذه القضية، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ترفض هذا التوجه أيضا بالرغم من أنها لا تضعه كأمر مركزي في خطابها، كما كانت هناك وثائق التصور المستقبلي التي كانت واضحة هي أيضا. ومن هنا ينبع الموقف الأخلاقي للعرب في الداخل.
 
واختتم روحانا بالقول: عندما يرفض الفلسطيني الموقف من الدولة اليهودية والاعتراف بها، فهو يقدم بديلا أخلاقيا وسياسيا.. القوة المضاعفة للفلسطيني أنه يرفض المشروع الكولونيالي وبعرض بديلا وأفكارا سياسية متمثلة بوطن يعيش فيه الفلسطينيون والشعب اليهودي الإسرائيلي بشكل متساو.
 
 
وكانت المداخلة الثانية لعضو مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ورئيس لجنة الأبحاث فيها، كميل منصور حول "تبعات حل الدولتين على الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم" مستهلا حديثه بالقول "حل الدولتين هو تعبير اختزالي لفكرة دولة فلسطينية على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب الدولة الإسرائيلية، وأي تصور لما تكون عليه تلك التبعات هو جزء لا يتجزأ من حل الدولتين، فالرافض لحل الدولتين يقول إنه ينطوي على حساب اللاجئين وفلسطينيي الداخل، وفي نفس الوقت فالمؤيد لحل الدولتين يقول إنه ليس بالضرورة على حساب اللاجئين وعرب الداخل، فمؤيد حل الدولتين حسب منصور ينكر التنازلات التي على طاولة المفاوضات.
 
وشدد منصور على أن الحيادية ليست مطلوبة هنا، بل الموضوعية وبغض النظر عن الموقف السياسي "فأنا شخصيا أؤيد حل الدولتين". فما هي إذا تبعات حل الدولتين حسب منصور؟
 
"الكف عن الدعوة عن تحرير المناطق عام 48، بما أن اللاجئين الفلسطينيين وهم لاجئون من أراضي ال48، يعني الكف عن تحرير مناطق 48 أي الكف عن برنامج العودة الجماعية للاجئين، فبدون تحرير تغيب فكرة العودة الجماعية. وهذا ما حصل عام  1988 حيث قُبل بقرار 194 كحق فردي وليس كحق جماعي".
 
وأضاف منصور "منظمة التحرير بقيت تمثل جميع اللاجئين، فإعلان الجزائر عام 1988 لا يتضمن فكرة التنازل عن حق العودة، فمنظمة التحرير من واجبها الدفاع عن حق العودة، ويجب أن تكون حريصة على من يريد العودة لأراضي 48، ومن يريد العودة الى مناطق 67.. وأيضا.. منح الجنسية الفلسطينية لمن لا يريد العودة (في لبنان وسوريا مثلا)".
 
أما للفلسطينيين في الداخل فإنه ليس من مصلحة الدولة الفلسطينية أن تمنح جنسيتها لهم، ومن هنا خطورة مقولة دولتين لشعبين، فالدولة الفلسطينية من ناحية مفاهيمية ليست دولة الشعب الفلسطيني بكامله، بل هي دولة الشعب الفلسطيني المتواجد في الضفة وغزة ومن يريد العودة إليها وهي لا تمثل عرب الداخل (من ناحية مفاهيمية).
 
- كميل منصور : إعلان الجزائر لا يتضمن فكرة التنازل عن حق العودة -
 
و دعا منصور الى التمسك بالدولة الفلسطينية في حدود عام1967 من أجل الشرعية الدولية التي مع الفلسطينيين مما يعطيهم القوة في تفكيك المستوطنات وتجميد الاستيطان، لأنه في الحال الدعوة إلى دولة ثنائية القومية فهذه الدعوة تُعطي شرعية للمستوطنات. بالرغم من أنه لا يوجد دولة، لكن شعار الدولة عبارة عن سلاح ويحمل طابعا تعبويا ويفتح المجال للتوجه إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية.
 
ولفت منصور إلى "أننا في مرحلة إعادة نظر بعد وصول مسار أوسلو إلى مأزق واتساع الهوة في المواقف التفاوضية، وفي ظل ما يحصل في العالم العربي من ثورات، والفقدان العملي للصفة التمثيلية لمنظمة التحرير حتى أصبحت المنظمة فارغة في إطارها، إذ لا شيء يبرر الاستمرار بمنظمة التحرير إلا الخوف من فقدان منظمة التحرير صفتها التمثيلية في حال ذهاب القيادة الحالية بدون أي بديل آخر".
 
وطرح منصور اقتراحا في ختام مداخلته حول الدور التمثيلي لفلسطيني48 في النظام السياسي الفلسطيني من خلال المجلس التشريعي الفلسطيني من خلال إنشاء "كونغرس فلسطيني" تشاوري بدون اي صلاحيات سياسية.
 
أدار الجلسة مؤسس مركة "عدالة"، المحامي والمحاضر حسن جبارين.
 
 
 
الجلسة الثانية: الحلول المطروحة وأثرها في العلاقة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في الشتات وإسرائيل
 
 
وكانت المداخلة الأولى للباحث في معهد فان لير، والمحاضر في الجامعة العبرية في القدس بشير بشير حول "حل الدولة ثنائية القومية" وأنه يوجد فرق بين قضية ثنائية القومية وحل ثنائي القومية.
 
ما هي الاستحقاقات الناتجة من ثنائية القومية؟
 
"يأتي في سياق ادعاء أوسع، وهو الذي يقول إن نحوا جديدا للصراع العربي الإسرائيلي آخذ بالتشكل، وهناك الكثير من المصطلحات لا تصلح بعد الآن".
 
ويضيف "هناك تحولات عديدة تفرز معطيات ووقائع جديدة، وهي بدورها تستلزم قواعد جديدة، وهناك تحولات جديدة وعميقة تحصل حول الإقليم، فصعود إيران وتركيا، والمد الديمقراطي العربي، إن مفاعيل هذه التحولات على الصراع العربي الفلسطيني غير واضحة حتى الآن، ولكن يمكن المجازفة بالقول إنها قد تكون جيدة لو استثمرت بشكل يخدم القضية الفلسطينية".
 
وتسائل بشير "ما هي ثنائية القومية؟".
 
تقول ثنائية القومية إن كلمة ثنائية هي الكلمة المحورية، وإن لديك طرفان واضحا المعالم، والمنظومة الاخلاقية بالنظرية السياسية الحاكمة لهذه النظرية المساواة التبادلية والتوازي.
 
حقيقة تفكيك هذه المعاني تتطلب منا الفكرة والجرأة السياسية والأخلاقية لتبني طرحا من هذا النوع.
 
في صلب ما يميز ثنائيات القومية عن خيارات أخرى هو مدخل الحقوق الجماعية، وهذا فرق واسع بين دولة المواطنين، وبين دولة ثنائية القومية، هناك فرق شاسع على المستوى الدستوري والأخلاقي.
 
- بشير بشير: الإشتباك مع التيار الوطني الإسلامي الفلسطيني يطرح عدة تحديات -

واعتبر بشير ان استحقاقات الالتزام بواحد من هذه الخطوط لها أبعادها، ولذلك، حتى فيما قيل إن وثائق التصورات المستقبلية تطرح دولة المواطنين، لأن هناك تخبط وتذبذب حول دولة متعددة الثقافات، ودولة المواطنين، ودولة ثنائية القومية في إسرائيل.
 
هناك عملية تنقل بين هذه الخطابات، وإن كان هذا التنقل خافٍ سياسيًّا، وإن كان نابعًا عن بلبلة وعدم وضوح.
 
اما فيما يتعلق بقضية حق تقرير المصير اعتبر بشير عميلة الفصل بين المستوى الفردي والجماعي ليس أمرا سهلا، لا يمكن أن يفهم حق تقرير للمصير من دون الجماعة، فثنائية القومية عبارة عن قطيعة، تبني أنصار هذا الطرح ينشى قطيعة مع ما سيطر في الفكر السياسي خلال 30 سنة من خطاب رسمي فلسطيني.
 
وأشار الى استبدادية الخطاب "الدولاني"، فالخطاب الفلسطيني اشترى لعبة أو خطاب أن الإطار المؤسساتي الأمثل لتحقيق الحقوق الجمعية هو الدولة الوطنية، ولكن هذا الإطار فيه إشكالية، لأننا لم نعد نعرف ما ميزاتها وحدودها.
 
وأضاف "تم تأطير السياق الفلسطيني بمفهوم التقسيم والدولتين وحدود 67 بسبب ظروف إقليمية أثرت على الحركة الوطنية الفلسطينية، إذا كان مفهوم ثنائية القومية قطيعة مع ذلك الخطاب "الدولاني"، يجب أن نفهم ما دلالات ذلك في السياق الفلسطيني، لدينا خياران:
 
إطار تحليلي فكري، وقيم تعني بالمساواة والتبادلية والموازاة بين الطرفين، وهنا يوجد اشكالية بين المحتل والاحتلال، ويجب أن يكون سياق تاريخي، المعالجة بهذا الامور تطرح على الفلسطينيين التحدي، فمفهوم المصالحة التاريخية، يعطي جوابا مهما على هذا السؤال".
 
وأضاف" اما إذا تبنينا أن ثنائية القومية تتبنى ببعد مؤسساتي وليس فكري، المصطلح الأساسي الذي يجب التفكير به هو حق تقرير المصير، وهو يقول إنه ليس بالضرورة أن تقوم دولة وطنية مستقلة لتحقيق تقرير المصير، فدرالية، كونفدرالية، حكم ذاتي، معادلة إقليمية معينة".
 
وشدد بشير الى انه لا يمكن الخطاب والتنظير ومحاولة وتطوير وتأصيل فكر سياسي بمعزل عن التاريخ السياسي الفلسطيني، فيجب أن يتم على الأقل بشكل جزئي فحص تطور هذه الامكانيات بموازاة ومقابلة.
 
وتطرق بشير خلال مداخلته ايضا الى محاور اخرى مثل ان الشق الإسلامي، وهو عادة مغفل في أغلب المؤتمرات ولا يتم التطرق له، معتبرا الاشتباك مع التيار الوطني الفلسطيني الإسلامي يطرح تحديات هائلة، لأن الإخوان من حماس، لا توجد لديهم أجوبة شافية حول "حل الصراع" و أقصى ما يمكن التوصل له بشكل مميع هو "أهل الذمة".
 
واعتبر بشير أن المشروع الإسلامي يطرح تحديات بخصوص التعددية في المجتمع الفلسطيني، ومع اليهود كقومية وتعريفهم الذاتي، مشيرا الى تصاعد حزب التحرير، وإن كان هامشيا فهو يتقوى، وهو يختلف في مفاهيمه عن الإخوان المسلمين.
 
واختتم بشير بالقول "اليوم حق تقرير المصير أننا يجب أن نُفكك من جديد مقولة ما هو الشعب الفلسطيني، فحق تقرير المصير يعيد إفراز وتوسيع الحلقة، لان المركز الفلسطيني التقليدي منقسم على ذاته، الفلسطينيون بالداخل يطالبون بالمشاركة".
 
 
 
 
 
اما المداخلة الثانية فكانت للمحاضر في جامعة بئر السبع ثابت أبو راس حول "حل الدولتين بالنسبة الى الأحزاب العربية في اسرائيل" الذي قال أنه مع التغييرات الكبيرة والكثيرة في هذه الايام، لا مجال لحل الدولتين، والحديث لا يدور عن تكثيف الاستيطان وعدد اليهود، وإنما الأمر يتعدى ذلك "فبدالة الهاتف ما زالت في غزة (08)، وبدالة الهاتف في الضفة (02)، والاتفاقات بين إسرائيل والسلطة، تجعل طائرة الجانبو الاسرائيلية بحاجة إلى نصف فضاء الضفة لكي تهبط، والتطور التكنولوكي، يجعل من الصعب أن يكون هناك جغرافيا، والمياه الجوفية، لا يمكن أن تؤسس دولتين في هذا العرض الصغير.
 
وقال أيضا "الحدود القومية ثابتة بين الدول، ولكنها تأثيرا قليلة إلى أبعد الحدود. كان يجب أن يتركز النقاش أكثر على الشعب الفلسطيني وتطلعاته ومشروعه الوطني، وليس حل الدولتين، يجب إقامة إطار جديد يشمل جميع أبناء الشعب الفلسطيني في أرجاء الوطن وخارج الوطن، فالحديث عن حل الدولتين بين البحر والنهر هو خطاب مغلوط ومضلل إلى حدّ ما، نحن بصدد إقامة نضال من أجل دولة فلسطينية".
 
وأشار ابو راس الى أنه كان من الأصح الرجوع إلى قرار التقسيم عام 1947، وهو لم يكن واقعيا.
لا بد الأخذ بعين الاعتبار أخذ الظروف التي تعمل الاحزاب العربية في الداخل ومواقفها:
 
الأعرق هو طرح الحزب الشيوعي، أعضاؤه عايشوا النكبة ووافقوا على قرار التقسيم، ونشاطهم يهودي عربي معلن. مع أن الحركة الوطنية طرحت في نهاية الخمسينات حل الدولة الواحدة، الحزب الشيوعي رفض ذلك.
 
- ثابت أبو راس: تركيبة التجمع الوطني الديمقراطي توحي بأن حل الدولتين محل نقاش في الحزب -

أما التجمع، فلم يعش الحقبة التاريخية الأعصب، ولكنه يؤيد حل الدولتين ويركز على مكانة الأقلية الفلسطينية، وتحدي يهودية الدولة، طبيعة تركيبة التجمع توحي أن قضية حل الدولتين محل نقاش في الحزب، بعض القيادات وكتاباتهم، سكرتير الحزب مثلا، توحي بان الحل هو الدولة العلمانية الواحدة أو ثنائية القومية.
 
أما القائمة العربية الموجدة ومركباتها، نادت بحل الدولتين.
 
وأشار ابو راس الى أن الأحزاب العربية لم تكن يوما بعيدة عن التحولات في الشارع الفلسطيني والإقليمي، أو القانون الإسرائيلي، لقد تأثرت وتتأثر.
 
عرفت الاحزاب العربية حدود الديمقراطية في إسرائيل والمواطنة، فكان هامش تحركها، يقع دائما بين مطرقة الأجهزة الأمنية الدائم وسندان القانون الإسرائيلي في الولاء لدولة وقانونها، هو شرط أساسي، واليوم لا يستطيع أي حزب سياسي عربي تجاوز هذه الحدود.
 
محاولة عرقلة نشاط أعضاء الكنيست العرب على أيدي السلطة الحاكمة ومحاكمتهم وشطب قوائمهم أصبح أمرا دارجا.
 
مردود العمل البرلماني للأحزاب العربية محدود جدا ولا تؤثر على مجمل، لم تكن يوما من الأيام جزءا من الائتلاف الحكومي، ولا يتعدى الاحتجاج السياسي، وتربح إسرائيل والصهيونية العالمية.
 
الأحزاب العربية مدعوة لفحص استراتيجيات ومواقف أخرى التي تعزف عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، فإسرائيل مهم بالنسبة لها أن يشارك العرب في الانتخابات.
 
وتسائل ابو راس "ما دامت حدود المواطنة الاسرائيلية لا تتطابق مع الحدود الجغرافية، لماذا لا يتعدى خطاب أحزابنا السياسية خطاب حل الدولتين؟".
 
أدارت الجلسة إيناس عودة – حاج، مديرة مساعدة في مدى الكرمل.
 
 
 
 
 
الجلسة الثالثة: أشكال التواصل بين الفلسطينيين في فلسطين التاريخة
 
 كانت المداخلة الأولى للباحث في الاقتصاد السياسي في مركز مدى الكرمل للأبحاث إمطانس شحادة حول "أشكال التواصل الاقتصادي" مستهلا حديثه بالقول "لا نتناول هنا ولا نعرض نتائج بحث، إنما قد يكون عمليا بداية لبحث كوني لم أجد أبحاث سابقة تناولت هذا المجال مع وجود إشكالية في نقص المعلومات المتوفرة. لذلك لا يمكن التطرق إلى كافة أشكال العلاقات الاقتصادية، وسوف تقتصر الورقة على فروع محددة نجحت في الحصول فيها على بعض المعطيات".
 
ونوه شحادة إلى أنه لا يدور الحديث عن علاقة بين دولتين، إنما عن علاقة بين فئات شعب واحد في منطقة جغرافية واحدة، يقعان تحت منظومة سيطرة استعمارية واحدة، لكن بأدوات مختلفة، ولا يوجد لدى تلك الفئات سيادة كاملة (في حال السلطة الفلسطينية) في قراراتها أو تصرفها الاقتصادي، خصوصا والحديث يدور عن علاقات في الاقتصاد الحقيقي التقليدي، أي السلع والمنتجات والخدمات، مما يتطلب علاقات مباشرة وفعلية، أي نقل فعلي للبضائع السلع والخدمات على أرض الواقع، على عكس الاقتصاد الحديث، اقتصاد التداول المالي، البورصات والاستثمارات التي قد تنفذ عن بعد دون حاجة لتواصل عملي- واقعي.
 
في جانب العلاقات الاقتصادية مع الفلسطينيين في الداخل، يتضح، حسب شحادة، من خلال مراجعة ما تمكن من تصريحات وزراء في السلطة الفلسطينية ورجال أعمال (مشاركة وفد من القطاع الخاص في مؤتمر "مالكم" في الناصرة في أيار/مايو 2010) وسيدات أعمال (غرفة سيدات الأعمال في الضفة)، أنه لا يوجد لدى السلطة أو القطاع الخاص خطط أو حتى رؤيا للتعامل الاقتصادي مع الفلسطينيين في الداخل.
وأشار إلى جانب آخر يمكن اعتباره عائقا أمام تطوير العلاقات الاقتصادية بين الطرفين وهو أن هناك تشابها كبيرا في تركيبة الصناعة العربية في الداخل مع الصناعات الفلسطينية في ال 67، كونها تتركز في مجالات الصناعات التقليدية، كالغذاء والأخشاب ومواد البناء. ولذا فهي صناعات متنافسة إلى حد ما وليست صناعات مكملة. طبعا هناك مجالات صناعية أوسع بقليل في مناطق ال 67 لكنها إما في فروع محدودة وإما لا تملك قدرة على التنافس في أسواق الداخل لعوامل عدة.  
 
مواصفات المصالح الاقتصادية العربية في ال 48 و 67
وفقا لمعطيات دائرة الأبحاث والاقتصاد في وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل هناك قرابة 20 ألف مصلحة اقتصادية بملكية عرب، تشكل 10.3% من المصالح في إسرائيل، تشغل قرابة 108 ألف العامل.
 
تتوزع المصالح العربية وفقا للتقسيم التالي: 77.2% منها هي مصالح صغيرة جدا تشغل بين 1-5 عمال-موظفين، 18.6% صغيرة (6-16 موظفا)، 3.2 % متوسطة (20-40 موظفا)، 1% كبيرة (أكثر من 50 موظفا). والأبرز أن معظمها في مجال الاقتصاد التقليدي، القديم، البناء وصناعات تقليدية وخدماتي.
 
- امطانس شحادة: هنالك طاقة كبيرة وكامنة للتعاون الإقتصادي -

وحول مساهمة دخول فلسطينيي ال 48 يقول شحادة إنها قامت بتحسين وتنشيط الحالة الاقتصادية بمحافظة جنين بشكل كبير. بالإضافة طبعا إلى عوامل محلية إضافية وتحسن الأحوال الاقتصادية في مناطق السلطة، وتحسين الوضع المالي للسطلة الفلسطينية، ما أدى إلى إعادة افتتاح عشرات المحلات التجارية التي كانت مغلقة نتيجة الاقتحام والحصار والإغلاق.
 
وأشار إلى أنه في العام 2011 انخفضت نسبة البطالة في محافظة جنين الى قرابة ال 20%.
 
وخلص شحادة إلى القول: ما دام هناك احتلال وسياسات منع وإعاقة التنمية لا يمكن أن تكون هناك علاقات اقتصادية طبيعية، متنوعة وشاملة بين طرفي الخط الأخضر، وفي أفضل الحالات قد يكون هناك حالة من دعم اقتصاد الصمود.  
 
لكن في الوضع القائم سوف تكون العلاقات الاقتصادية محددة في مجالات محددة مثل استهلاك السلع والخدمات والسياحة، غالبة بسبب القدرة الشرائية العالية للفلسطينيين في الداخل، مقارنة بأسعار تلك المنتجات في مناطق ال 67، (الدخل لسنوي لفرد الفلسطيني في الداخل قرابة 9-10 الآف دولار مقابل 2000 $ في ال 67) اوأيضا كنوع من المواقف السياسية والتضامن. لكن تبقى القيمة المضافة لهذه الفروع قليلة ولا تخلق اقتصادا صناعيا متطورا وحديثا؛ وبغياب السوق الحر، حرية تنقل السلع والخدمات، والأشخاص، والمعرفة، ورأس المال، لن يتغير الكثير.
 
هناك طاقات كامنة كبيرة للتعاون والتكامل الاقتصادي. الثقافة المشتركة، وثقافة الاستهلاك المشتركة، العادات والتقاليد واللغة والهوية، القرب الجغرافي. لكن الاقتصاد يحتاج الى استقرار والى أمان والى ضمان للاستثمارات، ويحتاج الى مؤسسات والى توجيه ودعم، ويحتاج الى رؤيا.
للأسف، معظم هذه الشروط غائبة في الوضع الراهن، ومن غير المتوقع أن تتحقق في المدى القريب. ولذلك فإن غياب الاستقرار والاستقلال والرؤيا يحول دون تحقيق تواصل وتكامل حقيقي بين الاقتصاديين.
 
 
 
أما المداخلة الثانية فكانت للناشطة النسوية، ومديرة مركز الدراسات النسوية والناشطة في مجال حقوق الإنسان ساما عويضة حول "دور فلسطيني48 في حماية عروبة القدس والمقدسات" التي استهلت حديثها بالقول "عندما نتكلم عن حماية القدس لا نتكلم فقط على حماية المقدسات، ليس فقط كموضوع ديني، إذ لا يمكن اختزال قضية القدس لقضية مقدسات، واعتقد أن إسرائيل وراء هذه الدعاية التي تهدف الى تحويل قضية القدس من قضية وطن الى قضية أماكن عبادة".
 
 
وقالت عويضة "القدس هي وطن للفلسطينيين، وهي أكبر من مكان عبادة، فالحفاظ على القدس في فلسطين يعني الحفاظ على سيادة وليس الحفاظ عليها كعبادة".
 
وتساءلت عويضة عن أي قدس نتحدث في الوقت الذي تُختزل به القدس، فالقدس قبل عام 1948 لم تعد نفسها اليوم، أصبحت شرقية وغربية وبعد عام 1967 حصل تغير جديد، كما تمت عملية ضم وعزل لقرى وأحياء، فهل يمكن أن نصحو ونرى أن القدس أصبحت وهما في ظل استهداف تفريغ أهالي القدس مثل خطة 20\20 التي تهدف للوصول في عام2020 أن تكون نسبة العرب 20% من سكان القدس.
 
وأشارت عويضة إلى أن تفريغ القدس يجري بعدة طرق من خلال حصر المنطقة الجغرافية، وكل الممنوعات من حظر البناء داخل القدس مثل استحالة الحصول على رخصة بناء التي أدت إلى تراجع لوجود الأسرة الممتدة بكل ما تحمله الأسرة الممتدة من مشكلات في بيوت صغيرة وبيوت درج.
 
وتطرقت عويضة إلى قضية "التسوق" في المدينة كونه لا يوجد رواد في أسواق القدس كالسابق، بالإضافة إلى أن أهالي القدس أصبحوا يتسوقون في أسواق خارج القدس بسبب الضرائب وغلاء الأسعار، مما يعني محاصرة القدس من كل الجهات، وتبقى البوابة الغربية مفتوحة لفلسطينيي48 ولهذا يبقى التعويل على عرب الداخل لدعم القدس وهو لم يأت من فراغ.
 
ما هي المنطلقات التي يستطيع الفلسطينيون فيها من دعم القدس؟
الموقف السياسي: الأحزاب السياسية جميعها بالرغم من الاختلاف في بينها، متفقة أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. ويتم ترجمة ذلك عبر منابر سياسة عديدة من خلال هؤلاء الفلسطينيين لطرح قضية القدس، مثل الكنيست أو من خلال نشاطات مختلفة وزيارات تضامنية من قبل هذه الأحزاب ولقاء العائلات المتضررة.
 
"عزمي بشارة كان له محاضرات في العالم عن القدس وهو من حذر أن لا تتحول القدس الى قضية مقدسات هل لو وعدونا أن نصلي في الأقصى، فهل تنتهي قضية القدس؟"
 
النائبة حنين زعبي طرحت قضية تضمين مناهج التاريخ في إسرائيل لهبة القدس والأقصى.
 
الفعاليات الاخرى خاصة مثل منظمات مجتمع مدني، أعمال تطوعية، لقاءات شبابية وزيارات تضامنية.
 
- ساما عويضة: يجب بلورة إستراتيجيات فاعلة لإنقاذ القدس -

فعاليات خاصة بالدعم الاجتماعي: العنف والمخدرات، التنسيق مع مؤسسات من الداخل، خبراء من 48 لتطوير برامج علاج نفسي واجتماعي داخل منظمات القدس.
 
واختتمت عويضة بالقول "هذه بوابة مهمة جدا، حتى لو تكن نموذجية، فهي بحاجة الى بلورة ووضع إستراتيجيات فاعلة وأفضل من أجل إنقاذ القدس حتى لا نجد أنفسنا خارج القدس".
 
 
 
المداخلة الثاثة في الجلسة الثالثة كانت للباحثة والناشطة النسوية، وعضو في مجلس إدارة طاقم شؤون المراة والإتحاد العام للمرأة الفلسطينية، ومديرة مركز الأبحاث الفلسطيني الأمريكي في رام الله هديل قزاز حول "أشكال التواصل الفكري بين النساء الفلسطينيات" مشيرة إلى أن التواصل النسائي في الفترة الأخيرة قوي جدا، وشهد العديد من الأنشطة مثل مظاهرة مشتركة لنساء فلسطينيات، ومؤتمر نسوي نظمه كل من مركز مدى الكرمل في مدينة حيفا ومعهد دراسات المرأة في جامعة بير زيت، وطرح قضايا نسائية مشتركة تتحدى النظرة الكولونيالية .
 
وفي استعراض تاريخي لأشكال التواصل النسائي على جانبي الخط الأخضر أشارت قزاز إلى مخيمات العمل التطوعي في الناصرة التي كان ينظمها الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ففي عام 1976 كان أول مخيم تشارك فيه نساء من غزة والضفة ويتم استضافتهن في البيوت، وبالتالي نشوء علاقات شخصية بين المشاركين يحملها الدافع الوطني.
 
فحسب قزاز فإنه من عام 1967 حتى 1976 كانت هنالك حالة الخوف، حتى بدأ شعور بالوطنية والشعور أن الامتداد الطبيعي وهو الضفة وغزة، إلا أنه في تلك الفترة لم يكن هوية نسوية مبلورة، بل كان بالأساس الهم الوطني دون الهم النسوي، أي لم تكن أية خصوصية نسائية في أشكال التواصل والعمل الوطني.
 
وأشارت قزاز أيضا إلى مؤتمر نيروبي عام 1985 الذي اجتمعت به فلسطينيات من جميع أنحاء العالم على هامش المؤتمر وتناولن قضايا فلسطينية وهذا قبل الانتفاضة.
 
أما في عام الانتفاضة 1987  فتعتبر علامة فارقة مهمة لدى الطرفين من خلال البدء بطريقة تفكير جديدة حيث كان هناك لجان نسائية داخل الأحزاب، لكن الناشطات لم يشعرن بوجود خصوصية نسوية داخل الأحزاب مما جعل الكثير منهن يشعرن بالإحباط.
 
- هديل قزاز: يجب الإستمرار في الإلتقاء والتبادل الفكري لبلورة فكر مشترك في ظل الربيع العربي -

فيما بعد، نشأ تعاطف من النسويات الإسرائيليات خوفا من أن ترتد ممارسات الاحتلال بالعنف على المجتمع الإسرائيلي، فظهرت بعض الناشطات المشتركة (نساء بالسواد – وأمهات جنود مقتولين) للمطالبة بإنهاء الاحتلال والمساهمة في عملية السلام.
ما بين عامي 1987 و 1990.. بدأ يبرز الدور النسوي الخاص مقابل العام.
 
هل نعطي الهم الوطني على حساب النسوي؟
وعُقد اجتماع في مدرسة "الفرندز" في رام الله حول موضوع العنف الأسري، ثم تم تأسيس مؤسسات تعنى بهذه الأمور، وتمت عمليات تدريب حول عمليات العنف ضد المرأة. واستمر الجدل ما بين النسوي والسياسي حتى عام 1993 وكان مؤثرا على الجهتين.
 
وبعد اتفاق أوسلو 1993 حصلت عملية شرخ كبيرة ونقاش حول الموضوع، فتساءلت النسويات الفلسطينيات عن هويتهن بعد اتفاق أوسلو، واصبح الصراع ما بين المواطنة وما بين الهوية الفلسطينية.
 
من 1993- 2000 بدأ التأثير على الاتجاه الآخر في النقاش وهو التمثيل السياسي داخل الأحزاب بعد تحصين مواقع للنساء في المجلس التشريعي ما يعرف بالكوتا (أول إمراة عربية تدخل الكنيست كانت من حزب صهيوني وهذا النقاش تواصل وتتوج بدخول حنين زعبي الى الكنيست من خلال حزب وطني).
 
كان محاولات لفرض مشاريع مشتركة بدعوة تعزيز قدرة تمثيل النساء السياسي، وقدرة الناس على حل الصراع وأغلبها ممولة، لكن لم يكن لها تأثير ملموس، إلا أن التأثير برز بعد الانتفاضة الثانية وكشف زيف اليسار الإسرائيلي والعملية السليمة.
 
وتطرقت قزاز في مداخلتها أيضا إلى عملية التمييز المزدوج التي تتعرض له النساء من قبل الاحتلال والمجتمع، إذ بدأ هذا الموضوع يُطرح في النقاشات.
 
ولفتت إلى عملية التشابه بالتجربة واليأس من الأحزاب السياسية لدى النساء الفلسطينيات في جانبي الخط الأخضر فيما يتعلق بضرورة وجود برنامج اجتماعي يلبي احتياجات النساء ومحاربة المفاهيم الاجتماعية السائدة.
 
واختتم قزاز بضرورة الاستمرار في التبادل الفكري والالتقاء وإتاحة مساحة مشتركة لبلورة فكر مشترك خصوصا في ظل الربيع العربي.
 
 
أما المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة فكانت للكاتب ورئيس تحرير موقع "قديتا" علاء حليحل حول "الخصوصيات الثقافية لدى فلسطيني الداخل: قطيعة أم تواصل؟" منطلقا من فرضية مفادها أنّ أجزاء الشعب الفلسطيني المنتشرة في أنحاء العالم انطبعت كلّ منها –عن رغبة أو عدم رغبة- بالأماكن التي توجد فيها. وهذا صحيح أيضًا بالنسبة لفلسطينيي الداخل. فالعلاقة المباشرة مع المنتصر في الحرب، ثم الحاكم العسكري ثم المحتل لأراضي 67 ثم العدو الصهيوني في حروبه مع الدول العربية ثم القامع في الانتفاضة الأولى ثم الشريك في أوسلو ثم القاتل في الانتفاضة الثانية ثم القاصف برا وبحرا وجوا ثم المُمأسِس لعنصرية فتاكة على الأرض- هذه العلاقة لها أهمية كبيرة في التفاعلات الثقافية لفلسطينيي الداخل على مر السنوات منذ نكبة 48. في علاقتهم مع أنفسهم وعلاقتهم مع باقي أجزاء الشعب الفلسطيني.
 
ونتيجة لذلك قال حليحل "معرفة العبرية والانكشاف على الأدب والمسرح والسينما الإسرائيلية وبالتالي التفاعل معها. بنظري المميز الأكبر لهذا التفاعل كان تناقضًا صارخًا: رفض مطلق للمضامين السياسية والصهيونية من جهة، واحترام وربما إعجاب في بعض الحالات بالعناصر الفنية والجمالية في المُنتج الثقافي الإسرائيلي. وهذه العلاقة برزت جدًا في نهاية السبعينيات والثمانينيات وتستمر –بتفاوتات مختلفة حتى يومنا هذا. وحقيقة أنّ الغالبية الساحقة من الفاعلين ثقافيا في الداخل درسوا في معاهد أو جامعات أو كليات اختصاصية إسرائيلية أدت إلى نشوء توتر دائم بين الجانب المهني المتطور نسبيا وبين الخلفية السياسية العسكرية للمجتمع الإسرائيلي".
 
وأضاف حليحل "هذا التوتر لم يكن يومًا قائمًا لدى فلسطينيي الضفة وغزة، وبالتالي فإنّ أيّ حراك ثقافي مشترك يستوجب وقفة كبيرة وربما أكثر من الطرفين: هل الاختلاف في التعامل الثقافي بين شقي البرتقالة مع الآخر اليهودي-الصهيوني-الإسرائيلي يُنتج اختلافات ثقافية بين-فلسطينية عصية على الجَّسْر؟".
 
قضايا شتى تتعلق بتساؤل "قطيعة أم تواصل"، سأحاول أن ألمس أكبر عدد منها:
1. التواصل قائم وحثيث ومتين على مستوى صناديق التمويل: القطان والتعاون كمثال أبرز، ووزارة الثقافة الفلسطينية بقدر أقل ولكنه حاضر. من هذه الناحية هناك تواصل ممتاز ومحمود يُعفي في أحيان عديدة المؤسسات والأفراد في فلسطين الداخل من التوجه إلى المؤسسة الإسرائيلية أو الارتباط بميزانيتها أو على الأقل عدم الاتكال المطلق عليها.
 
2. التواصل على مستوى المبدعين الأفراد قائم، ولكنه متعلق بالأعمال المشتركة في السينما والمسرح والانتاجات الأدبية أو المعارض الفنية. بمعنى أنّ الحضور المشترك في أعمال مشتركة يشكل رافعة لهذا التواصل، لكن انعدام هذه الأعمال المشتركة أدى ويؤدي إلى قطيعة قسرية على مستوى المبدعات والمبدعين الأفراد. بعض الأمثلة البارزة: الحضور المكثف لممثلين ومخرجين مسرحيين في القصبة والحكواتي القدس قبل سنوات والانحسار شبه التام اليوم؛ خلاصة هذه النقطة أن التواصل بين الأفراد يحتاج إلى مبادرات و"دفشة" تأتي على شكل مشاريع جامعة أو أجنداث ثقافية مؤسساتية وهذه نادرة مؤخرا.
 
3. إشكاليات مقاطعة إسرائيل والتطبيع معها: حتى حملة المقاطعة الفلسطينية تعترف بخصوصيات فلسطينيي الداخل وعلاقتهم الجبرية مع المؤسسة الإسرائيلية، وبالتالي السعي إلى إيجاد معايير تلائم هذا الجمهور. أنا أعتقد أنّ هذه أكثر النقاط صعوبة في علاقة التواصل وهي تحتوي على الكثير من الملابسات والأخطاء وسوء الفهم وبالأساس: الجهل. ما تطرقت إليه في مقدمة حديثي بتعلق وينسحب على هذه النقطة بالذات: الاختلاف الكبير في طبيعة العوالم وظروف العمل والانتاج والدراسة والعلاقة مع الدولة كمؤسسة حاكمة- كلها تنتج وضعًا معقدا ومركبًا لا يمكن تجاوزه إلا بالحوار الطويل والهادئ. ولكن حتى اليوم لا تزال أيدي إخوتنا في الضفة وغزة خفيفة على زناد سلاح الاتهام بالتطبيع أو الأسرلة، وآخرها كان التهجم على موقع قديتا بعد نشر زاوية مثليون ونص، بدعوى أن المثلية الجنسية اختراع غربي وإسرائيل تستغل الموقع لإفساد الشعب الفلسطيني!
4. الحالة العامة: هناك قطيعة في كل مكان. الوضع صعب لدينا في الداخل وهنا أيضًا. لدينا في الداخل شحّ في الميزانيات وحالات احتراب لا نهائية سببها تغلغل بعض قذارة العمل الحزبي الضيق في الساحة الثقافية، وشخصنة العمل الثقافي وتسخيره كأداة مناكفة ومنافسة غير شريفة، وفي الضفة وغزة كما أعتقد. وهنا في الضفة، ومن خلال علاقاتي المتشعبة نوعا ما مع المشهد الثقافي، هناك استياء عارم من تحويل –أو تهمة تحويل- وزارة الثقافة الفلسطينية إلى مزرعة شخصية ومأجورة لثلة من المقربين. بمعنى: هناك حالة سيئة ومُحبطة هنا وهناك من دون أي علاقة بالتوزيعة الفلسطينية المركبة على أرض الوطن، فكيف إذا أضفنا إليها النقاط التي طرحتها؟..
 
- علاء حليحل: الواقع الأمني يفرض قيودا على التواصل الثقافي -

تلخيصا أود التأكيد على ما يلي:
1. التواصل والقطيعة في العلاقة بين شقي الطرف الأخضر تتعلق كثيرًا بالظروف المعطاة في فترات زمنية مختلفة وبالقدرة على إنشاء مشاريع مشتركة جامعة وربما تنظيمات أو أجسام عبر طرفي الخط الأخضر. أي أنّ الأمر متروك اليوم للنوايا الحسنة وللمبادرات الشخصية والفردية؛
2. طبيعة الوضع الأمني يمنع مجيء فلسطينيي الضفة وغزة إلى الداخل، وبالتالي فإنّ أي تواصل ملموس وعمل مشترك يجري على محور رام الله- حيفا أو رام الله – الناصرة، عبر جهة تنقل واحدة أحادية الطريق، وهذا يُصعب من استمرارية العمل المشترك. هذا ظرف موضوعي وتقني في غاية الأهمية حسب رأيي.
 
- الواقع الأمني طبعا يفرض قيودا عسيرة على التواصل والقدرة على التنقل والالتقاء.
 
- فضاء الإنترنت ليس مستغلا بعد بما يكفي لجسر على الهوة التي يُنتجها الواقع الأمني الاحتلالي. ليست هناك منصات عمل ونشر وتطوير مشتركة كما ينبغي وأعتقد أنّ فضاء الانترنت لا زال مقيدا ومحدودًا بسبب الواقع السياسي الأمني الآخذ في التدهور يومًا بعد يوم وتركز كل مجموعة في منطقة سكناها ونشاطها حتى على مستوى الإدراك "الفرتوالي".
 
أدار الجلسة حسن خضر كاتب وناقد أدبي، ورئيس تحرير مجلة "الكرمل الجديد".
 

التعليقات