حوار | كيف تؤثر العادات الاجتماعية على انتشار كورونا؟

حاور "عرب 48"، د. كايد العثامين، من بلدة خشم زنة، مسلوبة الاعتراف، في النقب، وهو متخصص في الأمراض الباطنية وأمراض الدم في مستشفى "سوروكا"، حول الظروف الحالية ودور العادات الاجتماعية في ظل تفشي فيروس كورونا، والإصابات الأخيرة في النقب.

حوار | كيف تؤثر العادات الاجتماعية على انتشار كورونا؟

تل السبع (توضيحية)

تزداد حدة القلق والتوتر من انتشار فيروس كورونا المستجد في منطقة النقب تحديدا كون بلداتها، مسلوبة الاعتراف، تخلو بشكل شبه كامل من الخدمات الصحية الأساسية إلى جانب الخدمات الحياتية والبنى التحتية الطبيعية، سيما وأن عيادات الفحص اليومي في تلك القرى أقل من عدد البلدات نفسها بكثير، وفي معظم الأحيان يكون السفر إلى مستشفى "سوروكا" ببئر السبع الوسيلة الوحيدة لتلقي العلاج.

ولا تصل سيارات الإسعافات إلى البلدات، مسلوبة الاعتراف، وفي الأيام العادية تستجيب منظومة الطوارئ للحالات الأشد خطورة، إذ تنتظر سيارات الإسعاف المرضى على مداخل تلك البلدات.

وشهدت الأيام الأخيرة ارتفاعا في عدد المصابين العرب بفيروس كورونا المستجد، خصوصًا في منطقة النقب، وأعلن عن عدة إصابات بالفيروس، بينها في رهط وكسيفة وتل السبع، وكذلك في السيد والفرعة، مسلوبتي الاعتراف.

د. كايد العثامين (عرب 48)

وفي هذا الشأن، حاور "عرب 48"، د. كايد العثامين، من بلدة خشم زنة، مسلوبة الاعتراف، في النقب، وهو متخصص في الأمراض الباطنية وأمراض الدم في مستشفى "سوروكا"، حول الظروف الحالية ودور العادات الاجتماعية في ظل تفشي فيروس كورونا، والإصابات الأخيرة في النقب والقدرة الاستيعابية للمشفى.

"عرب 48": كيف هو الوضع في مستشفى "سوروكا" من حيث عدد الإصابات والقدرة الاستيعابية على استقبال المرضى؟

د. العثامين: عدد أسرّة العلاج الكاملة في مستشفى "سوروكا" يبلغ نحو 1200 سريرا، يشمل الأقسام المخصصة لعلاج مرضى كورونا والنشاط الاعتيادي للمستشفى. في هذه المرحلة الحالات في الجنوب لا زالت قليلة ولا ضغط على المنظومة الطبية حاليا في أرجاء البلاد، لكن الخوف هو من استمرار انتشار المرض أو تفاقمه، سيما وأن الحالة في إيطاليا لن تكون بعيدة في حال عدم الالتزام بالحجر الصحي واتباع إجراءات الوقاية بالجدية المطلوبة.

أحذر من الانتشار المفاجئ للمرض بدرجة كبيرة، مثلما حدث في عيد "المساخر" اليهودي الأخير، باعتبار أن كل مهرجان وحدث يستقطب مشاركة كبيرة يشكل مساحة لانتشار الفيروس، كما أحذر من الانتشار السريع للفيروس والذي سيؤثر على القدرة الاستيعابية للمستشفيات وتقديم العناية ونقص في الأجهزة الطبية.

"عرب 48": ما هي إمكانيات الحجر الصحي في النقب؛ وهل يرتقي تعامل الأهالي مع حجم الأزمة؟

د. العثامين: نقطة الانطلاق هي أن بلداتنا العربية، وبالأخص في النقب غير مناسبة للحجر الصحي إطلاقا، مثلا عودة طالب من أوروبا إلى منزله في بلدة غير معترف بها، كيف سيتم حجره في منزل يسكنه 10 من أفراد عائلته، بالإضافة إلى أن الكثيرين يقللون من أهمية الحجر الصحي ويتعاملون معه بالشكل الخاطئ، ومن هذا المنطلق لا يمكن التعامل مع الحجر الصحي وكأنه نزهة أو إجازة، بل هو معركة مستمرة للحفاظ على النفس والبيئة المحيطة بنا من المرض.

البعض يعتقد أن الحجر الصحي يمنعه من الوصول إلى بئر السبع، وفي نفس الوقت يمكنه من التجول في بلدته أو السهر مع أصدقائه، وينسون أن كل واحد منهم قد جاء من مكان مختلف واحتمالات الإصابة بالمرض حقيقية. بالتالي الحجر الصحي هو البقاء في المنزل مع الدائرة الأصغر، الغسل والتعقيم والامتناع عن الاختلاط بقدر أكبر بكثير مما يحدث اليوم، وهو سلاحنا الوحيد الفعال ضد انتشار العدوى.

الحجر الصحي ليس فكرة دخيلة على الموروث العربي، بل هو أمر طبيعي توجهت إليه المجتمعات في حالات المرض، وعلى وجه التحديد المجتمع العربي في النقب، إذ كان يبنى للمريض منزل في أطراف البلدة في حالة مرضه مرضا معديا، على أن تتم العناية به دون تعريض الآخرين للعدوى منه وعودته للمرافق المشتركة بعد تعافيه من المرض. ومن هذا الباب أعتقد أن بناء منازل مؤقتة للحجر الصحي في البلدات، مسلوبة الاعتراف، ورغم صعوبة موافقة سلطات التنظيم والبناء في النقب قد يكون الحل الوحيد والأنسب للأهالي، في ظل عدد أفراد العائلة المتزايد بين كل منزل وآخر، وفي ظل انعدام الخدمات.

"عرب 48": ما هي العادات الاجتماعية القائمة في زمن "كورونا" والتي تساهم في انتقال العدوى؟

د. العثامين: زيارة المرضى في المستشفيات بأعداد كبيرة خطيرة جدا، والمجلس في الديوان يشكل أيضا مساحة لانتقال المرض، وأكرر مرة أخرى أن الحجر الصحي ليس في حدود البلدة، إنما داخل المنزل ومع أقل عدد من الناس، ووجب أن يكون الحجر الصحي تاما والاعتناء بعدم تعرض كبار السن للعدوى فهم الشريحة الأكثر تأثرا.

أتوقع ألا يكون شهر رمضان هذا العام عاديا، وسيتطلب منا مجهودا مضاعفا، والأمر الأخير هو قضية الإشاعات ونشر المعلومات الخاطئة حول المرض والإصابات، وهنا وجب التنويه أن فيروس كورونا ليس وصمة عار، وبالإمكان الإصابة بالعدوى من الرذاذ المتناقل على الأسطح وأحيانا في الهواء، لهذا فالمسؤولية الأخلاقية هي عدم نشر الإشاعات، أو تجريم المصابين بالمرض، كما أن على المصابين تقع مسؤولية الإبلاغ واتباع الإرشادات لعدم انتشار المرض للبيئة المحيطة بهم.

التعليقات