28/04/2008 - 11:01

أربع سنوات على وعد بوش لشارون../ نواف الزرو

أربع سنوات على وعد بوش لشارون../ نواف الزرو
لعل تصريح الرئيس الفلسطيني ابو مازن "انه فشل في تحقيق اي تقدم في محادثات سلام الشرق الأوسط مع الرئيس جورج بوش"، و"انه يعود الى وطنه مع القليل"، واضافته:" بصراحة، لم يتحقق اي شيء لغاية الآن"، و"ان العقبة الكبرى تتمثل في مواصلة اسرائيل توسيع المستوطنات اليهودية في الاراضي الفلسطينية المحتلة"، معربا عن الخيبة من "عدم قيام الولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل/ وكالات / 26-04-2008"، نقول لعل هذا التصريح وهذه الخيبة يشكلان –وان جاءا متأخرين- الاستخلاص المفيد من كل قصة المفاوضات والمؤتمرات والخرائط البازارية..!.

ولعل اهمية تصريح/اعتراف الرئيس الفلسطيني تأتي لتزامنها مع الذكرى الرابعة لـ"وعد بوش لشارون" الذي يفسر لنا خلفية فشل لقاء الرئيس مع بوش، ولانه يتزامن ايضا مع الذكرى الستين للنكبة واغتصاب فلسطين...!
فذلك الوعد البوشي لشارون يشرح لنا لماذا لم يكن الرئيس الامريكي جادا حتى الآن في تحقيق رؤيته للدولتين...!

ولعلنا في سياق قراءة نتائج القمة الثنائية نعود لنذكر بأهم محطات العلاقات بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية في خلفية القمة، ونذكر تحديدا بذلك الوعد الذي منحه الرئيس بوش لشارون، وكذلك باعتراف الادارة الامريكية بما اسمته حقائق الامر الواقع القائمة في الضفة الغربية ...!!!.

ففي24 نيسان / 2004 وفي اطارقمة ثنائية ايضا جمعت بوش وشارون آنذاك اعلن الرئيس بوش عن "وعده لشارون" المتمثل بسلسلة تعهدات لاسرائيل، وكأن "وعد بوش لشارون"ليس فقط يكرس ويعمق النكبة والمعاناة والظلم والطغيان التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني، وانما ينتج نكبة فلسطينية اخرى.. ويلحق بالفلسطينيين المزيد من المعاناة والألم والعذاب.

فذا كان وعد بلفور" قد ادى في المحصلة الى ضياع 78% من فلسطين لصالح الدولة الصهيونية هكذا ظلماً وافتراءً وارهاباً، فان "وعد بوش" انما يجهز على ما تبقى من فلسطين ويصادرها ايضا هكذا ظلما وافتراءً وطغياناً وارهابا لصالح تلك الدولة.

وكان "وعد بوش" يحمل في أحشائه ايضا المرحلة التالية المتممة لحرب التطهير العرقي التي تشنها الدولة الصهيونية على الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يقود هذا الوعد في تطبيقاته النهائية وفق "خريطة شارون"الى الاجهاز النهائي على الحقوق التاريخية والحضارية والسياسية والانسانية للشعب الفلسطيني.
فبوش يطالب في وعده لشارون الفلسطينيين والعرب ليس فقط بالتخلي عن حق العودة الى فلسطين المغتصبة، وانما بالتخلي ايضا وعملياً عن حلم وحق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حتى على مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة.

فالعودة الى حدود عام 1967 مستحيلة من وجهة نظره، في الوقت الذي يعترف فيه بحق "اسرائيل" في ضم التكتلات الاستيطانية الستة والقدس الكبرى التي تبتلع حسب التقديرات وحسب "مخططات شارون" نفسه من 55-60% من مساحة الضفة الغربية، وفي الوقت الذي يوافق فيه بوش على مواصلة "اسرائيل" بناء الجدران العنصرية التي تقطع أوصال جسم الضفة الغربية، وتحول ما يقع من اراضي فلسطينية بين الجدار الكبير والنهر الى معازل عنصرية ومعسكرات اعتقال جماعية قمعية للشعب الفلسطيني.

ويصل ظلم وابتزاز بوش للفلسطينيين الى ذروة مرعبة غير مسبوقة بمطالبته الفلسطينيين بمحاربة "الارهاب"، متعهداً بـ"أن دولة فلسطينية لن تقوم لها قائمة طالما ان الفلسطينيين لا يحاربون "الارهاب" ولا يدمرون "البنية التحتية للارهاب" ولا ينخرطون مع الدول العربية الاخرى في "محاربة الارهاب" وطالما انهم لا يقومون بالاصلاحات الداخلية ولا ينفذون الديمقراطية.. في الوقت الذي يمنح فيه الارض والمستوطنات والجدران والأمن و"حق الدفاع عن النفس" لـ"اسرائيل"الذي يعني عمليا مواصلة حروبها عبر موجات متلاحقة من الاجتياحات والاغتيالات والقصف والقتل والتدمير ضد الفلسطينيين.

واستتباعا للوعد وشرحا له كان وزير الخارجية الامريكي كولن باول قد اعلن يوم الثلاثاء 27/4/2004 ايضا "ان الرئيس بوش اقر بـ"حقائق الامر الواقع على الارض"، و"دعم احتفاظ شارون ببعض المستوطنات "- ويقصد طبعا التكتلات الاستيطانية الكبيرة - في الضفة كما" دعم موقفه من مسألة حق العودة للاجئين الفلسطينيين".

اذن يمكن القول "ان وعد وتعهدات بوش لشارون" هي بمثابة الحصاد السياسي الاستراتيجي الاسرائيلي لمجمل العمليات الاسرائيلية على الارض الفلسطينية على مختلف الاصعدة وفي كافة المجالات.
ويمكن القول ايضا ان سياسة العدوان والمجازر الدموية وجرائم الحرب الشاملة البشعة ضد فلسطين ارضا وشعبا تعطي للدولة الصهيونية ثمارا سياسية واستراتيجية..
ويمكن القول ايضا ان سياسة اقامة وزرع الحقائق على الارض حتى لو كانت تتعارض مع كافة المواثيق والقرارات والشرائع والاخلاقيات والدولية والبشرية هي التي تحسم الصراعات والعلاقات والملفات، فبوش اقر بحقائق الامر الواقع على الارض الفلسطينية.. اليس كذلك؟!!

وهنا نتساءل مجددا :
- هل ننتظر يا ترى تغييرا وتحولا حقيقيا في السياسة والمواقف الامريكية في الملفات الفلسطينية ...؟!
- ام سيواصل الرئيس بوش العمل بوعده وتعهداته لشارون واسرائيل حتى نهاية ولايته القريبة...؟!
- وما الذي سيجرى للسياسة الامريكية ولخطاب بوش القريب تجاه فلسطين و"اسرائيل"..؟!
والسؤال الاكبر والاهم:
وهل نصدق بوش والسياسة الامريكية في مسالة الرؤية والدولتين والتسوية حتى نهاية العام/2008؟
وهل بقي لهما لدينا شيء من المصداقية..؟
ولماذا نصدقهما والهوة واسعة مذهلة بين الاقوال والافعال في السياسة الامريكية..؟!

ففي الخطاب الامريكي البيانات والخطابات والاقوال الاستهلاكية للعرب، بينما الافعال الحقيقية لاسرائيل..؟
ثم الاهم والاخطر من كل ذلك:
الم يمنح بوش وعدا لشارون كما اشير اعلاه بالاجهاز على ما تبقى من الجغرافيا الفلسطينية، ومن الحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها حق تقرير المصير وحق العودة للاجئين الفلسطينيين..؟
فاذا ما التفتنا الى الحقيقة الكبيرة، وهي :"ان البيت الابيض محتل عمليا من قبل اللوبي اليهودي".
واذا ما توقفنا امام الحقيقة الكبيرة ايضا التي زودنا بها البحث الذي اعده البروفسوران وولت وميرشهايمر من جامعتي هارفارد وشيكاغو عن ان "اللوبي الصهيوني هو الذي يسيطر على السياسة الخارجية الامريكية " فاننا يمكن ان نستخلص هنا ان وعد الرئيس الامريكي بوش لشارون انما هو تعهد بحمايتها استراتيجيا وبالاعتراف بحقائق الامر الواقع التي تقيمها على امتداد مساحة الضفة الغربية، وعل نحو خاص ما يتعلق اولا بفصل وعزل غزة عن الضفة، وما يتعلق ثانيا بالجدار وتكتلات المستوطنات وتهويد القدس ومحاربة ما يسمونه"الارهاب الفلسطيني" ...وغير ذلك ...؟

ونوثق في الخلاصة ان السياسة الامريكية لن تحظى بالثقة والمصداقية والاحترام، الا اذا كفت عن الانحياز الظالم لصالح الدولة الصهيونية، والا اذا تبنت خطاباً واضحاً صريحاً حاسماً لا يطالب الاحتلال الاسرائيلي بالرحيل فقط، بل ويلزم دولة الاحتلال بذلك.. .؟!
ولذلك نقول في خاتمة قراءة المشهد الفلسطيني والنوايا والخطط الاخرى الامريكية/الاسرائيلية المبيتة للفلسطينيين ان الحقيقة الكبيرة المستخلصة والاهم هنا ان "الوحدة الوطنية الفلسطينية" و"القيادة الجماعية من اقصى الاسلام مرورا بفتح الوسط وصولا الى اقصى اليسار" هي المخرج من هذا المأزق الفلسطيني المتفاقم وهي البديل الذي يوصل الى شط الامان الفلسطيني.

التعليقات