شكل كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن المحكمة الدولية الموقف الاكثر وضوحاً للحزب من الهواجس الآتية من هذه المسودة التي تحمل في طياتها الكثير الكثير بالنسبة لحزب الله. فالمحكمة باتت على ما يقول السيد نصرالله مصدر الحذر من تطويق المقاومة ومحاولة الطعن بها من قبل الأميركيين والاسرائيليين ولهذا، فإن هذا الموقف كان الأصرح والأكثر شفافية ويمكن قراءته وفق اوساط سياسية بناء على ما جاء في كلام السيد وكأنه النذير الأول لمعركة سياسية كبيرة حول المحكمة هذا بعد أن كان خطاب حزب الله يؤكد في السابق على انه موافق مبدئياً على المحكمة وانه يريد أن يدرس التفاصيل.
وتضيف هذه الاوساط أن موقف الحزب هذا مرده الى خشية قيادة حزب الله من اقحامها في جريمة الاغتيال من باب طلب شهادة قيادييها كون الحزب مكن جهازاً امنياً فاعلاً جداً وقادراً على رصد الكثير من الاحداث الامنية وهذا الامر خط احمر بالنسبة لحزب الله، وربما يعتبر الحزب أن ابقاء الحصانة على رؤساء الدول كما ورد في مسودة المحكمة يطال حزب الله وخصوصاً امينه العام السيد نصرالله، وهذه الحصانة يريدها حزب الله لنفسه درءاً لهواجس لديه بأن الاميركيين والاسرائيليين سيدخلون من باب جريمة اغتيال الحريري ليصلوا الى حزب الله لينالوا منه بعدما عجزوا خلال الحرب عن فعل ذلك.
لهذا فإن حزب الله الذي عبّر امينه العام عن الخشية من تحويل المحكمة الى «حالة تسللية» ضد المقاومة، قد كشف عن معلومات لديه با لنسبة لما قاله المندوب السابق للولايات المتحدة جون بولتون عن المحكمة. وهذه المعلومات ان صحت تعكس عمق الازمة الحقيقية المتوقع حدوثها. فحزب الله سيذهب الى اقصى درجات التصلب في مناقشة المحكمة الدولية ولن يكون متيسراً من ناحية التغاضي عن البنود «المشبوهة» من المسودة وهي كثيرة ولذلك فإن اللجنة السداسية التي يقترحها موسى لحل الازمة بالنسبة للمحكمة لن تكون لجنة لتقطيع الوقت او لتمييع الاعتراض على المحكمة بل ستكون من وجهة نظر حزب الله لجنة تدرس الامر بدقة متناهية لتعيد تحويله الى حكومة الوفاق الوطني لكي يعود مرة ثانية ليسلك الآلية الدستورية العادية.
لذلك، فإن مهمة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ستكون هذه المرة امام العقد الاساسية والحقيقية لاسيما وأن نجاحه السابق في وضع اطار للحل لا يكفي من دون الاتفاق على التفاصيل وعلى التزامن بين الملفات وعلى بناء الثقة المفقودة خصوصاً بين تيار المستقبل وحزب الله.
ويكفي الكلام عن عقد المحكمة الدولية للانتقال الى حكومة الثلث الضامن ومن ثم الى الموضوع الاكثر تعقيداً وهو انتخابات الرئاسة التي ستكون الموضوع الأكثر صعوبة في ظل التزام حزب الله بالعماد عون رئيساً ما يعني تضاؤل فرص رئيس التسوية.
"الديار"
التعليقات